في الوقت الذي تحاول فيه حكومة الوفاق الليبية اقناع المجتمع الدولي بضرورة وقف العمليات العسكرية للجيش الوطني الليبي واعتباره عدوانا على العاصمة الليبية،يتواصل ظهور الدلائل على الحالة الأمنية المتردية التي تشهدها طرابلس في ظل انتشار المليشيات المسلحة التي ترتكب الجرائم في حق المدنيين الليبيين بغطاء من حكومة السراج.

ففي مشهد مأساوي جديد تكرر خلال السنوات الماضية في ظل الفوضى التي تعصف بها،اهتزت العاصمة الليبية على وقع جريمة مروعة،حيث أقدم مسلحون على قتل شاب في الطريق العام رميا بالرصاص، بدم بارد، بمنطقة السراج غرب العاصمة، إثر خلاف شخصي في مشهد كشف حقيقة الأوضاع المتردية التي تعيشها المدينة منذ سنوات.

ووثق مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، هذه الجريمة، بعد أن التقطته كاميرا إحدى المحلات القريبة من موقع الجريمة، حيث ظهر فيه 3 مسلحون ينزلون من سيارة زرقاء اللون، في شارع مزدحم بالمارة والسيارات، قبل أن يقوم أحدهم برفع سلاحه ويبدأ في إطلاق الرصاص على رأس الضحية، الذي كان يجري مسرعاً للحاق بهم، ليسقط في نفس المكان غارقا في دمائه، ثم واصل المسلحون الانطلاق بسيارتهم أمام مرأى ومسمع الجميع.

ونقلت "العربية.نت" عن بعض المصادر في العاصمة طرابلس،إن الضحية شاب ليبي يدعى رشيد البكوش وهو في العشرينيات من عمره توفي في موقع ارتكاب الجريمة، في حين أصيب شقيقه الذي حاول إنقاذه بجروح.مرجحة أن يكون سبب الجريمة خلاف نشب بعد أن صدمت مجموعة من الأشخاص سيارة الضحية، وتبينوا لاحقا أنهم تابعون لميليشيات مسلحة تدعى "القوة المتحركة" تنحدر من مدينة جادو التي تبعد عن العاصمة طرابلس حوالي 180 كيلومتراً، ويقودها سعيد قوجيل المقرب من المفتي الصادق الغرياني، وهي ميليشيات موالية لقوات حكومة الوفاق.

وعمّت حالة من الصدمة في أوساط الليبيين، الذين اعتبروا في تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي أنّ هذه الجريمة، تعبّر باختصار عن وضع العاصمة طرابلس التي تشهد تزايدا قياسيا في معدلات الجريمة والقتل خارج القانون، في ظل سيطرة الميليشيات المسلّحة، مطالبين بضرورة القبض على القتلة والقصاص منهم.

وسارعت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني ،الجمعة ،الى دعوة مجلس رئاسة الوزراء إعلان حالة الطوارئ واتخاذ الإجراءات والتدابير الاستثنائية وذلك لمواجهة العصابات الإجرامة و فرض الأمن و تقديم الجناة للعدالة وردع كل من تسول له نفسه المساس بأمن وسلامة الوطن والمواطن.وأكدت الوزارة أن مديرية أمن جنزور وعبر مركز شرطة السراج وقسم البحث الجنائي قد قاموا باتخاذ جميع إجراءات جمع الاستدلال لمعرفة الجناة ومباشرة اجراءات التحري لغرض القبض عليهم وتقديهم للعدالة.

من جهته،أعلن وزير الداخلية فتحي باشاغا،عن عزم وزارته لإطلاق حملة أمنية واسعة في البلاد.وتوعد باشاغا في تدوينة نشرها عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك،بمحاسبة المجرمين.وقال باشاغا "وزارة الداخلية بصدد إطلاق حملة أمنية واسعة لن نرحم فيها من تطاول على أمن المواطن أو استهان بدماء الأبرياء. فقد جعلنا لوليه سلطاناً .. وسلطان الدولة سيكون سيفاً باتراً يقطع دابر المجرمين والمفسدين".

وتكشف هذه الجريمة البشعة مدى سيطرة المليشيات المسلحة على العاصمة الليبية واستمرارها في ارتكاب الجرائم والانتهاكات في حق المدنيين.وندّد الناطق باسم غرفة عمليات الكرامة التابعة للجيش الليبي، العقيد فرج العوامي، الجمعة،بجريمة قتل الشاب رشيد البكوش،وأشار البيان الصادر عن العوامي إلى الجرائم التي ترتكبها الميليشيات الإرهابية في طرابلس بالقول: "هذه هي الدولة المدنية التي يريدنا تنظيم (الإخوان) الإرهابي وواجهته حكومة الصخيرات، أن نعيشها".

وأضاف "دولة بلا جيش يؤمّن عمل المؤسسات وعلى رأسها المؤسسة الأمنية حيث تصبح الميليشيات بكل أنواعها حاكما مطلقا بلا حسيب ولا رقيب ترتكب من الجرائم ما تشاء ساعة تشاء وهي تدرك أن أعضاءها فوق القانون فهم القانون وهم الحاكم والجلاّد، وهم الذين لا يمكن حتى مجرد لومهم".

وتوعد بيان غرفة عمليات الكرامة بمحاسبة المجرمين قائلا "وإننا إذ نرصد هذه الممارسات التي لم تتوقف والتي ليس آخرها مقتل البكوش وإصابة أخيه في وضح النهار بمنطقة السراج حيث محله التجاري لأنه طالب بدفع ثمن ما أخذوه من روائح وساعات، فإننا نؤكد للجميع أن هذه الممارسات لن تذهب دون جزاء فها هم أغلب المجرمون الذين يسمونهم قادة ميدانيين ومقاتلين من أجل الدولة المدنية يلقون حتفهم الواحد تلو الآخر على أيدي أبطال قواتكم المسلحة الباسلة، وإننا سنستأصلهم من وطننا". 

وأشار البيان الى عجز حكومة الوفاق أمام سطوة المليشيات المسلحة ونفوذها الذي جعلها ترتكب الجرائم دون حسيب أورقيب. وقال البيان "نتحدى حكومة الصخيرات وداخليتها وما يدعونه من أجهزة أمنية أن توقف هذه الممارسات أو أن تقبض على مرتكبيها أو حتى تفكر في معاقبتهم، ولكن جيشكم لن يترككم وستقوم دولة القانون والمؤسسات وتتحقق السيادة".

وهيأت النزاعات السياسية والتردي الأمني في ظل هشاشة الدولة على مدار سنوات مضت الطريق أمام مجموعات إرهابية وميليشيات مسلحة واتي أدى توغلها وانتشارها في أنحاء ليبيا الى نزيف دم لا يعرف التوقف في ظل جرائم القتل وعمليات الاغتيال التي مثلت سمة من سمات المشهد الليبي شانها في ذلك شأن الهجمات الارهابية والاشتباكات المسلحة والحروب، والتي حصدت جميعها طيلة السنوات الماضية أرواح الآلاف في ليبيا.

وعجزت حكومة الوفاق ،برئاسة فايز السراج،التى وصلت العاصمة الليبية في 30 مارس 2016،وفي جعبتها تأييد دولي واسع،عن حل أزمات البلاد الأمنية حيث فشلت في احتواء المليشيات المسلحة المنتشرة خاصة في العاصمة بل دمت لها غطاء لشرعنتها.لتبقى العاصمة الليبية بحسب المراقبين،أسيرة للصراعات الميليشياوية ما جعل سكانها يعانون من ظروف معيشية وأمنية متردية.

ومنذ الرابع من أبريل/نيسان الماضي،أطلق الجيش الوطني الليبي عملية عسكرية بهدف دخول العاصمة طرابلس وفرض الأمن والاستقرار فيها،لكن المليشيات المسلحة سارعت للتحالف مع العناصر الارهابية وبدعم قطري وتركي تحت غطاء حكومة الوفاق لمواجهة القوات المسلحة الليبية وذلك في محاولة لمنع سقوط آخر معاقلها في غرب البلاد.وتكشف الجرائم المتكررة في حق المدنيين مدى تردي الأوضاع الأمنية في طرابلس في ل انتشار المليشيات التي تحرج انتهاكاتها حكومة السراج أمام المجتمع الدولي