استعاد جيش جنوب السودان الجمعة السيطرة على مدينة بنتيو النفطية في ولاية الوحدة شمال البلاد بعدما كانت خاضعة لسيطرة المتمردين الذين أكد زعيمهم أن الانسحاب من المدينة يهدف "لتفادي سقوط مدنيين"، فيما قدرت الأمم المتحدة أن عدد النازحين سيبلغ حوالى نصف مليون شخص بحلول أبريل.

المتمردون يتوعدون بمواصلة المعركة  

وبينما قال المتحدث باسم الرئاسة في جنوب السودان اتيني ويك اتيني إن "بنتيو باتت تحت سيطرتنا" ، أكد زعيم المتمردين في جنوب السودان رياك مشار من جهته أن قواته فقدت السيطرة على بنتيو بعد أن انسحبت منها ، موضحا أن ذلك تم ّ من أجل تجنب القتال في الشوارع وتفادي سقوط مدنيين  ومتوعدا بمواصلة المعركة.

وفي ما بدا تأكيدا لهذا الاتجاه ، اعتبر لول رواي كوانغ وهو أحد قادة المتمردين أن خسارة بنتيو التي تعرضت للنهب وأفرغت من سكانها، ليس سوى أمرا موقتا. وقال إن الحكومة لا تملك الوسائل لقتال المتمردين عسكريا، مؤكدا أن المتمردين لا يزالون يسيطرون على البنى التحتية النفطية خارج بنتيو.

الأمم المتحدة تحث جوبا على المرونة وتستعد لتعزيز بعثتها

في سياق هذا الوضع المتفاقم ، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أنه طلب من رئيس جنوب السودان سلفا كير الإفراج عن "المعتقلين السياسيين" الذين اعتقلوا في بداية المعارك في منتصف ديسمبر.

وقال بان كي مون "اتصلت بالرئيس سلفا كير مرة أخرى الخميس ، وطلبت منه بإلحاح أن يبدي مرونة ويتحلى بحس القيادة عبر الإفراج فورا عن المعتقلين السياسيين".   

في هذه الأثناء، أوضح مسؤول كبير أن قوات دولية إضافية سوف تنتشر خلال الأيام المقبلة لتعزيز بعثة الأمم المتحدة في البلاد. وأضاف أن الجنود الـ 5500 الإضافيين الذين سمح مجلس الأمن الدولي بنشرهم سيصلون إلى البلاد "خلال أربعة أو ثمانية أسابيع".

تفاؤل حذر رغم تصلب طرفي الصراع

وفي أديس ابابا، عبرت بعثة الوساطة التي تقوم بها دول شرق افريقيا عن تفاؤلها إزاء توقيع سريع لاتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين اللذين يخوضان معارك منذ حوالى شهر.

ويدعو الاقتراح إلى وقف كل عمل عسكري يستهدف الجانب الآخر و التفاهم على وقف فوري لكل العمليات العسكرية وتجميد قوات الطرفين.

كما يقترح الوسطاء إنشاء قوة غير مسلحة لمراقبة احترام اتفاق محتمل، ويدعو إلى السماح فورا بإيصال مساعدات  طارئة

معاناة إنسانية لسكان جنوب السودان

وفي جنيف أعلنت مفوضية الأمم المتحدة العليا للاجئين أن عدد النازحين في داخل البلاد وغالبيتهم من النساء والأطفال سيصل إلى 400 ألف بحلول أبريل مقابل 230 ألفا حاليا فيما سيبلغ عدد اللاجئين 125 ألفا مقابل 43 ألفا حاليا.

وأوضحت أن غالبية اللاجئين- أكثر من 32 ألفا- فروا إلى أوغندا التي تسجل وصول ما بين أربعة وخمسة آلاف شخص يوميا.

وذكر الناطق باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة ينس لاركي في تصريح صحافي أن حوالى 628 ألف شخص بحاجة حاليا لمساعدة إنسانية عاجلة في جنوب السودان.

وقال إن 167 ألف شخص فقط تلقوا مساعدة حتى الآن مشيرا إلى أن الوكالات الإنسانية بحاجة إلى 166 مليون دولار حتى مارس.

 المقرات الإنسانية تكتوي بنيران المعارك

وتعرضت مقار منظمة أطباء بلا حدود إلى النهب.  وأعلن المسؤول عن المنظمة ارجان هيهنكامب أنه من غير المقبول أن تتعرض إحدى المنظمات الإنسانية النادرة التي لا تزال تساعد سكان بنتيو للنهب . من جهته قال ناطق باسم مفوضية الأمم المتحدة العليا لحقوق الإنسان روبرت كولفيل إن الوضع في جنوب السودان يبقى شديد الهشاشة، ولا تزال تدور مواجهات متقطعة بين عناصر مسلحة ما أرغم المدنيين على اللجوء إلى منشآت الأمم المتحدة ومؤسسات دينية وأماكن أخرى تعتبر آمنة. وقال قسم حقوق الإنسان لدى بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان إنه يحقق في ادعاءات بحصول انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وتجاوزات في جوبا ومدن أخرى.

وكان مسؤول كبير في الأمم المتحدة أعلن الخميس أن حصيلة المواجهات في جنوب السودان منذ منتصف ديسمبر "تتخطى كثيرا" رقم الألف قتيل الذي أعلنت عنه حتى الآن المنظمة الدولية ، بينما حذرت واشنطن من مخاطر تفكك هذه "الديموقراطية الناشئة" في السودان، وجاء هذا التصريح القاتم في في الذكرى الثالثة لتصويت جنوب السودان بغالبية ساحقة على الاستقلال عن السودان.