أكد المحلل السياسي المصري المتخصص في الشأن الليبي عبد الستار حتيته أنه لا توجد جدية لإخراج المرتزقة من ليبيا سواء من الأطراف المتحكمة في الأوضاع على الأرض، أو من جانب تركيا، أو بعض الأطراف الدولية الأخرى وبين في مقابلة مع صحيفة المرصد أن خطر العناصر الإرهابية مازال قائما ويمكن القول إن بعض مدن شمال غرب ليبيا تحولت إلى ملاذ آمن للعديد من العناصر الإرهابية المحلية والأجنبية.
إلى نص الحوار:
هل يمكن أن تضعنا في تفاصيل خطة اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 لإخراج المرتزقة؟
أعتقد أنه ما زال هناك خلاف عميق داخل لجنة 5+5 حول مسمى المرتزقة والمقصود بهم. هل هم المرتزقة الذين جلبتهم تركيا، في شمال غرب ليبيا، أم المرتزقة الذين جلبهم الجيش الوطني في الشرق؟ بطبيعة الحال الضباط المشاركون في لجنة 5+5 ضباط ليبيون وطنيون من الشرق والغرب والجنوب، لكن المشكلة تكمن فيمن يملك القرار. والقرار يبدو أنه في يد حكومة تسيير الأعمال برئاسة عبد الحميد الدبيبة. ومعلوم أن علاقة الدبيبة مع الجيش الوطني ليست على ما يرام.. كما أن معظم وزراء حكومة تسيير الأعمال يخضعون للهيمنة التركية التي تسعى لإقناع المجتمع الدولي أن المرتزقة الذين جلبتهم لليبيا جاءوا بموافقة حكومة معترف بها دولياً. لهذا من الصعب القول في الوقت الراهن أنه توجد خطة لإخراج المرتزقة.
هل هناك دعم دولي لتنفيذ خطة خروج المرتزقة؟
طالما أن الخطة غير واضحة المعالم، فأرى أن المجتمع الدولي لا يمكنه التعاطي معها. هناك بعض الدول لا ترى إلا المرتزقة الذين جلبتهم تركيا، وبعض الدول الأخرى لا ترى إلا المرتزقة الذين جلبهم الجيش الوطني. الكل يدعو لخروج المرتزقة، لكن من المقصود بهم. هذا هو السؤال الذي ما زال يراوح مكانه أمام المجتمع الدولي.
إلى أين يتجه الموقف الليبي من خروج المرتزقة إلى خروج تدريجي أم خروجهم دفعة واحدة؟
لنتحدث عن الموقف الليبي كما تمثله السلطة الحاكمة، وهي حكومة تسيير الأعمال. وإذا نظرنا إلى طريقة عملها، منذ جاءت قبل شهور إلى اليوم، سنرى أنها تعمل بشكل حثيث على خنق الجيش الوطني، وبالتالي التساهل في مسألة الإبقاء على المرتزقة الذين جلبتهم تركيا، تحسباً لأي حرب جديدة. معلوم أن عدد المرتزقة في شمال غرب ليبيا هم أضعاف المرتزقة في الشرق.
هل تم التنسيق مع الدول التي أرسلت المرتزقة لسحبهم؟
الدولة الوحيدة التي أرسلت مرتزقة بقرار من حكومتها هي تركيا. وهم موجودين في مدن ليبية وقواعد تركية في شمال غرب ليبيا، أما المرتزقة الروس أو الأفارقة فقد جلبهم الجيش الوطني من شركات خاصة، حتى لو كانوا من جنسية هذه الدولة أو تلك. وبالتالي المعضلة هي تركيا. ولا يبدو أن أياً من مسؤولي السلطة التنفيذية في ليبيا يريد إغضابها.
إلى أي مدى يمكن القول أنه سيتم سحب المرتزقة قبل الانتخابات؟
بالنظر إلى الخطاب الصادر من منظمات ودول فاعلة في المجتمع الدولي، فإنه يوجد نوع من التمييع للقضية، وبناء عليه يصعب القول إنه سيتم سحب المرتزقة قبل الانتخابات. ففي السابق زعمت المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني ويليمز، أن المرتزقة سيخرجون بحلول نهاية عام 2020، لكن حتى الآن لم يخرج أي عدد يذكر. الخطاب الموجود الآن معظمه يتحدث عن سحب تدريجي. وهذا يُفهم منه أن قضية المرتزقة سوف تستمر إلى ما بعد موعد الانتخابات.
ما هي العراقيل التي قد تواجه عملية اخراج المرتزقة؟
هناك مخاوف عدة بين الأفرقاء السياسيين، وكذلك مخاوف بين المتنافسين الإقليميين. وأعتقد أن هذا الأمر يأتي على رأس العراقيل التي تؤخر إخراج المرتزقة من ليبيا. مثلا، على الصعيد المحلي، توجد هواجس من خطر تجدد الاقتتال. وعلى الصعيد الإقليمي، هناك ضغوط وضغوط مضادة بين بعض دول الإقليم أبرزها الشد والجذب المصري التركي.
لماذا فشلت المحاولات السابقة لإخراج المرتزقة؟
لأنه لا توجد جدية لإخراج المرتزقة. لا جدية محلية من الأطراف المتحكمة في الأوضاع على الأرض، ولا جدية من جانب تركيا، ولا حتى من جانب بعض الأطراف الدولية الأخرى.
ماذا عن العناصر الإرهابية التي مازالت تتواجد في الأراضي الليبية؟
ما زال خطر العناصر الإرهابية قائما. ويمكن القول إن بعض مدن شمال غرب ليبيا تحولت إلى ملاذ آمن للعديد من العناصر الإرهابية المحلية والأجنبية. بالإضافة إلى وجود العناصر الإرهابية في بعض المناطق الأخرى في ليبيا، منها على سبيل المثال الصحراء الجنوبية والصحراء الجنوبية الغربية. والقضاء على العناصر الإرهابية يحتاج إلى جهود كثيرة لا تقتصر على الجيش الوطني الليبي، بل تحتاج إلى مساهمة دولية لمطاردة العناصر الخطرة خاصة الأجنبية.
ما هي تأثيرات خروج المرتزقة على المشهد الليبي؟
يمكن أن يؤدي خروج المرتزقة من ليبيا إلى إتاحة الفرصة أمام الليبيين لترتيب البيت من الداخل. فاستمرار وجود المرتزقة يعني استمرار غياب الثقة بين الفاعلين المحليين، وعدم قدرتهم على الوصول إلى حلول سلمية، أو المضي قدماً في المسار السياسي. باختصار: إذا أمكن إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، فإن الكثير من المشاكل الأمنية والعسكرية تكون قد قاربت على الانتهاء.