الأول من رمضان أو اليوم الأوَّل من الشهر التاسع، هو اليوم السابع والثلاثون بعد المائتين من أيَّام السنة، أو الثامن والثلاثون بعد المائتين لو كان شهر شعبان مُتممًا لليوم الثلاثين أو التاسع والثلاثون بعد المائتين لو أتم كلًا من صفر وربيع الآخر وجمادى الآخرة وشعبان ثلاثين يومًا، وفق التقويم الهجري القمري (العربي).

أحداث كثيرة وقعت في مثل هذا اليوم قديما وحديثا، لكن تبقى غزوة تبوك أو ما تعرف أيضا بغزوة العسرة، إحدى هذه الأحداث في تاريخ المسلمين باعتبارها آخر معركة يخوضها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. وكان ذلك في رجب من العام التاسع للهجرةـ بعد العودة من معركة الطائف بنحو ستة أشهر.

تقول المصادر التاريخية إنه في الأول من رمضان في السنة التاسعة للهجرة عاد النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك، حيث كان خروجه صلى الله عليه وسلم إلى تبوك في رجب، واستغرقت تلك الغزوة خمسين يومًا أقام منها عشرين يومًا في تبوك والباقي كانت مسيرة الجيش قضاها في الطريق ذهابًا وعودة. 

بدأت تداعيات تلك الغزوة عندما قام الرومان الذين يعتبرون آنذاك قوة عظيمة بقتل سفير المسلمين وبدأوا يفكرون في إنهاء القوة الإسلامية التي تفتك منهم نفوذهم؛ فأعدوا جيشا بأربعين ألف مقاتل جمعوا فيه القبائل العربية المتنصرة وأعطوا قيادة الجيش لعظيم من عظماء الروم. 

وصل الخبر إلى قيادة الجيش الإسلامي بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم وكان المسلمون في تلك الفترة في قحط شديد وبلاء عظيم وعسر وجدب وقلة ظهر وكان الجو شديد الحرارة في قوة حرارة الصيف الملتهب، وبدأ الرومان بالزحف الفعلي نحو مناطق النفوذ الإسلامي رغم المسافة البعيد ووصلت قواتهم إلى أطراف الأردن، فكان قرار الرسول رغم الظروف الصعبة والأحوال الشديدة بأن يخوض المسلمون المعركة ولا يعطون للروم فرصة الزحف أكثر  نحو ديار الإسلام.

قام المسلمون وأهل الإيمان بالتسابق في تجهيز الجيش وأنفق كل واحد ما يقدر وتحركوا إلى تبوك في جيش يقال إن قوامه ثلاثين ألف مقاتل لم يخرج المسلمون في جمع مثله قط ولأن إمكانات المسلمين لم تكفِ لهذا العدد الهائل فكان كل ثمانية عشر رجلاً يتعقبون بعيرًا واحدًا ولم يكفهم الأكل والمؤنة فأكلوا أوراق الشجر ونفد عليهم الماء فاضطروا إلى ذبح بعير مع حاجتهم إليه ليشربوا ما في كرشته من الماء حتى سمي ذلك الجيش جيش العسرة ونزلت فيهم الآية التي تقول ﴿ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾. 

وصل الجيش الإسلامي إلى تبوك أرض المعركة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فخطبهم خطبة بليغة حضهم فيها على خير الدنيا والآخرة وحذر وأنذر وبشر وأبشر ورفع معنوياتهم عاليًا وجبر ما كان فيهم من النقص والخلل وقلة الزاد والمؤونة.

فلما سمع الرومان بوصول الجيش الإسلامي إلى تبوك وزحفه نحوهم أخذهم الخوف وسيطر عليهم الرعب ولم يجرؤوا على اللقاء والتقدم فخافوا وتفرقوا في البلاد وتشتت حلفهم والتحق بعضه بالمسلمين ولم تخض تلك المعركة أصلا ويتشكل بعدها مشهد عسكري جديد أصبح فيه النفوذ واضحا وقويا للمسلمين.