غرق لبنان في الحرائق التي امتدّت على مساحته، من أقاصي الشمال إلى الشوف مروراً بكسروان والمتن وعاليه، فيما عجزت الأجهزة المعنيّة في السيطرة عليها، ما استدعى طلب المساعدة من قبرص واليونان والأردن. ومن رصد الخريطة اللبنانية، تحولت أجزاء كبيرة من مساحة لبنان لكرة نار متدحرجة، أكلت الأخضر واليابس، والتهمت تعب الناس وما تبقى من نقاء البيئة وجمال الطبيعة، فكان «ثلاثاء أسود» في تاريخ الوطن، حمل عنواناً واحداً وحيداً: «لبنان يحترق».
وبدأت الحرائق التي اجتاحت لبنان، في الانحسار بعدما أدت إلى مقتل شخص على الأقل، وأتت على مساحات شاسعة من غابات البلاد، ما دفع بيروت لنشر خراطيم المياه وطلب المساعدة من جيرانها. وأسهم هطول الأمطار ليلاً في إخماد بعض الحرائق، إلا أن القليل منها ظل مشتعلاً.
وفيما فرضت وقائع اليوم الناري، الذي لفّ لبنان من أدناه إلى أقصاه، استنفاراً لدى الدولة وأجهزتها، وبالإمكانات المتواضعة التي ثبت ضعفها، أمام هذا الغضب، إلا أنها في المقابل حملت على طرح أكثر من علامة استفهام حول هذا الحريق الشامل، والذي أضرم ما يزيد على 140 حريقاً في يوم واحد، وهو ما أجمعت مصادر سياسية إلى أنه قد يكون قضاءً وقدراً أو بفعل فاعل.
وفيما تراوحت التفسيرات حول أسباب الحرائق التي اندلعت في لبنان، ما بين العوامل المناخية أو إقدام البعض على إشعالها، اتجهت أصابع الاتهام نحو وجود تقصير وفساد، ساهم في عدم الاستجابة اللازمة لإخماد الحرائق، لاسيما في غياب المعالجات الناجعة والاستراتيجية المطلوبة. وأرخى المشهد السياسي بمزيد من الانطباعات السلبية على مجمل الواقع الداخلي، بحيث ارتسمت شكوك واسعة حول قدرة أركان الحكم والحكومة وشركاء السلطة على التماسك تحت سقف الحد الأدنى من الانسجام ووحدة الرؤية حيال المشهد.