حقق حزب الخضر في سويسرا مكاسب تاريخية في الانتخابات البرلمانية أمس الأحد فيما سيبقى اليمين الشعبوي على ما يبدو القوة السياسية الأولى في البلاد رغم تراجع التأييد له.
ووفقاً للنتائج النهائية، أصبح حزب الخضر (يسار) رابع أكبر حزب في المجلس الوطني (مجلس النواب) أمام الحزب الديمقراطي المسيحي (وسط) ويسبقه بمقعد واحد فقط الحزب الليبرالي الراديكالي (يمين).
وبهذه النتيجة بات بإمكان الخضر أن يطمحوا لأول مرة في تاريخهم لدخول الحكومة، حيث تتقاسم الأحزاب الرئيسية المقاعد الوزارية السبعة وفق محاصصة يطلق عليها اسم "الصيغة السحرية".
وقالت رئيسة حزب الخضر ريغولا ريتز إنّ الانتخابات التي أفضت إلى "تغيير تكتوني (...) ربّما يتعيّن علينا مناقشة صيغة سحرية جديدة"، في فكرة سارع الاشتراكيون إلى إعلان دعمهم لها.
وحصل حزب الخضر بنتيجة هذه الانتخابات التي بناها بالدرجة الأولى على ملف التغيّر المناخي على 17 نائباً إضافياً لتصبح حصّته بذلك في مجلس النواب 28 مقعداً (13,2% من الأصوات).
بدورهم عزّز الليبراليون الخضر، وهم حزب مدافع عن البيئة يطبّق سياسات اجتماعية ديموقراطية ليبرالية، حصّتهم في مجلس النواب بمقدار الضعف تقريباً (من 9 إلى 16 مقعداً) بعدما حصلوا على 7,8% من الأصوات.
وقال أستاذ العلوم السياسية باسكال سياريني لوكالة فرانس برس: "هذه أكثر من موجة، إنّه تسونامي على نطاق سويسرا!".
وكانت التوقعات قبل الانتخابات قد أشارت إلى أن مسألة المناخ هيمنت على الحملة الانتخابية بينما كانت قضية الهجرة محور اقتراع 2015.
وحصل حزب الشعب السويسري، الذي اتهم مرارا بشيطنة المهاجرين، على 25,6 بالمئة من الأصوات، وفق تقديرات التلفزيون، وكان قد حصل على 29 بالمئة في اقتراع 2015.
وتثير الطروحات المعادية للأجانب لهذا الحزب الذي يسجل تقدما منذ تسعينات القرن الماضي، جدلا باستمرار. لذلك قال المحلل السياسي أوسكار ماتسوليني الخبير في اليمين الشعبوي لوكالة فرانس برس إنّ "خسارة بين 2 و3 بالمئة ستشكّل فشلاً للحزب".
وحزب الشعب السويسري هو أيضا الحزب الرئيسي الوحيد الذي لم يتعهد تطبيق تدابير أقوى ضد التغير المناخي، كما واظب على التنديد "بهستيريا المناخ" في السياسة السويسرية.
وقال العضو في مجلس الشيوخ المنتهية ولايته اوسكار فريزينغر للإذاعة العامة "كنا ندرك أننا سنمنى بانتكاسة... لكن النقطة المهمة تبقى أنه قبل إنقاذ الأرض علينا إنقاذ السيادة السويسرية".
وإضافة إلى تحذيره من التهديدات التي تمثلها الهجرة، بنى حزب الشعب سمعته على إدانة نفوذ الاتحاد الأوروبي في سويسرا غير العضو في الاتحاد.
وكالعادة صوتت غالبية الناخبين البالغ عددهم نحو 5,5 ملايين شخص بالمراسلة.
ويتم انتخاب أعضاء مجلس النواب أو المستشارين الوطنيين البالغ عددهم مئتين وفق النظام النسبي، بينما يجري انتخاب أعضاء مستشاري الدولة أو مجلس الشيوخ وفق نظام الأغلبية من دورتين.
وكان معهد "سوتومو" قد توقع انتشار "موجة خضراء" في سويسرا، حيث تلقى نداءات الناشطة لحماية البيئة غريتا تونبرغ صدى إذ شارك عشرات الآلاف في "إضرابات المناخ". وكان عددهم مئة ألف في برن في نهاية سبتمبر.
وهذه التعبئة في الشارع دفعت مدنا وكانتونات عديدة بينها جنيف إلى إعلان "حالة طوارئ مناخية" الجمعة.