حلقة نقاش نظمتها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بمناسبة اليوم العالمي للمرأة هذا العام إلى وجوب إشراك المزيد من النساء في عملية صنع القرار الاقتصادي في ليبيا لتسريع التقدم الاقتصادي وتمكين المرأة.
وشاركت عشرون امرأة من قطاع المجتمع المدني في ندوة عبر تقنية التناظر المرئي، تضمنت كلمات من الخبيرة الاقتصادية هالة بوقعيقيص، من مؤسسة جسور، وممثلين عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وأشارت بوقعيقيص إلى أنه "لا توجد نساء على المستويات العليا لصنع القرار في وزارة الاقتصاد"، مؤكدة أن "الوزير لديه مستشارة واحدة فقط" وأضافت أن الأمر نفسه ينطبق على وزارة المالية والبنك المركزي والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
واعتبرت بوقعيقيص أن "عملية صنع القرار تنبثق من منظور أبوي، لذا فإن نصف السكان، أي النساء، يتعاملن مع قرارات لم يتخذنها أو يشاركن في اتخاذها" مشددة على الحاجة إلى "”أخذ وجهة نظر النساء بعين الاعتبار".
وقالت بوقعيقيص إن إحدى نتائج هذا الوضع هو تبني سياسات غير ملائمة لمواجهة التحديات التي تواجه المرأة الليبية على أرض الواقع.
وأكدت بوقعيقيص أن "الإطار القانوني الليبي، على الأقل من الناحية النظرية، يمنح المرأة الحق في المساواة وعدم التمييز" ولكن، على الرغم من ذلك، "لا توجد آلية واضحة للتقدم الوظيفي، والوصول إلى العدالة، خاصة في القضايا المتعلقة بالتمييز وعدم المساواة".
وأوضحت أن القانون الليبي ينص، على سبيل المثال، على أن الرجال والنساء يجب أن يحصلوا على نفس الأجر مقابل نفس العمل. كما أنه يضمن للمرأة حق التملك، ويسمح لها بفتح حسابات مصرفية، ويحميها من فقدان حقها في الميراث.
ولكن، من الناحية العملية، تحصل النساء في ليبيا على أجور أقل بثلاث مرات تقريبًا مقارنة مع نظرائهن الرجال، ويمثلن 12 بالمائة فقط من مُلاك العقارات. وبينما تظل البطالة مرتفعة في أوساط جميع الفئات الديموغرافية في ليبيا، فإن احتمالات عدم حصول النساء على عمل تبلغ الضعف تقريبا، على الرغم من كون نسبة النساء الباحثات عن العمل أعلى من مثيلتها لدى الرجال.
وشددت موظفة الشؤون السياسية في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، سونيا سيغموند، خلال حلقة النقاش، على أن التمييز المنهجي ضد المرأة وعدم تكافؤ الفرص المتاحة لها، إلى جانب محدودية الوصول إلى الموارد، لا يعيق الأفراد عن تحقيق إمكاناتهم فحسب، إنما "يعيق أيضًا الرخاء العام في المجتمع الليبي وقدرته على الصمود.
وبينما تصنف إحصاءات البنك الدولي ليبيا ضمن الدول ذات الدخل من متوسط إلى أعلى، إلا أن سنوات من الصراع وعدم الاستقرار السياسي، ووباء كوفيد-19، والكوارث الطبيعية، تسببت في انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 54% بين عامي 2010 و2024.
وتضيف سيغموند: "لسوء الحظ، فإن عدم المساواة في الوصول إلى ثروات ليبيا، وانعدام الشفافية والمساءلة في إدارتها، ومحدودية الآفاق الاجتماعية والاقتصادية - وخاصة بالنسبة للنساء والشباب الليبيين - لا تزال تشكل دوافع قوية لعدم الاستقرار السياسي وانعدام الأمن في ليبيا".
من جهتها، اعتبرت خديجة البوعيشي، مستشارة المساواة بين الرجل والمرأة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا، أن زيادة نسبة النساء في مناصب صنع القرار أمر أساسي لمعالجة هذه التحديات.
وقالت "إننا نعلم جميعاً أن وجود المرأة على هذه المستويات مهم جداً لأنه يضمن إدماج وجهات نظر المرأة وأولوياتها والتحديات التي تواجهها ضمن رؤية متكاملة".
وأضافت أن الأمم المتحدة من جانبها توائم عملها في ليبيا مع استراتيجية ضمان المساواة بين الرجل والمرأة مشيرة إلى أن خمسة عشر بالمائة من إنفاق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي موجه نحو تعزيز ودعم المرأة.
ويتوفر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على خطط لزيادة مشاركة المرأة في قطاع التكنولوجيا من خلال تعليم مهارات برمجة الكمبيوتر، وتمويل الشركات الصغيرة التي تقودها النساء، من بين أمور أخرى.