أكد المحلل السياسي التونسي بسام حمدي أن أهم ما في ملف التسفير هو أن القضاء التونسي تمكن لأول مرة من أن يحقق في قضية تسفير شباب البلاد إلى مناطق النزاع مضيفا في مقابلة مع بوابة إفريقيا الإخبارية أن التحقيق مع راشد الغنوشي في ملف التسفير مبني على بعض المعطيات الأولية التي تمكنت قوات الأمن والقضاء التونسي من الوصول إليها إضافة إلى أنه رئيس حركة النهضة المتهمة سياسيا في هذا الملف خاصة وأن الحركة كانت تدير مقاليد الحكم في ذلك الوقت وتمسك بزمام الأمور خلال الفترة التي سافر فيها آلاف الشباب إلى سوريا. 

إلى نص الحوار:

كيف تتابعون طورات ملف تسفير التونسيين للقتال؟

أعتقد أن أهم ما في ملف التسفير هو أن القضاء التونسي تمكن لأول مرة من أن يحقق في قضية تسفير شباب البلاد إلى مناطق النزاع، خاصة وأن التحقيق في هذا الملف تعطل في وقت سابق تحت قبة السلطة التشريعية كما تم قبر أعمال لجنة التحقيق البرلمانية ولم يكشف أي شئ آن ذاك، الجديد أن هناك تحقيقات أمنية وقضائية في هذا الملف كخطوة أولى لكشف عدة معطيات تتعلق بتسفير التونسيين والجهات التي خططت لهذا الأمر عبر فتح جسر جوي بين تركيا وتونس لدخول المقاتلين المتطرفين إلى سوريا.

هل ترون أن الغنوشي هو فعلا المتهم الرئيس في الملف أم أنه كان واجهة فقط؟

أعتقد أن التحقيق مع الغنوشي في ملف التسفير مبني على بعض المعطيات الأولية التي تمكنت قوات الأمن والقضاء التونسي من الوصول إليها بناء على مقاطع فيديو نشرت خلال سنوات 2012-2013 يظهر فيها الغنوشي وكأنه يدعم الشباب السلفي خاصة عندما قال أن هذا الشباب يذكره بفترة شبابه كذلك هناك اعترافات لأهالي أشخاص قتلوا كل ذلك دفع القضاء التونسي للتحقيق مع الغنوشي في هذه القضية إضافة إلى أنه رئيس حركة النهضة المتهمة سياسيا في هذا الملف خاصة وأن الحركة كانت تدير مقاليد الحكم في ذلك الوقت وتمسك بزمام الأمور خلال الفترة التي سافر فيها آلاف الشباب إلى سوريا. 

ما رأيك في توقيت فتح الملف في ظل الأزمة السياسية القائمة؟ 

أعتقد أن توقيت فتح الملف له الكثير من الدلالات أولها أن الطرف الذي تقدم بالملف وهي النائب السابق فاطمة المسدي قالت إنها لم تكن تثق في المنظومة القضائية قبل 25 جويليا في تونس أي أنها تقدمت بهذا الملف بعد قيام الرئيس قيس سعيد بإزاحة العديد من القضاة المتهمون بالقرب من حركة النهضة، كما أن رئيس الجمهورية يريد أن يفي بوعوده الانتخابية عندما وعد الشباب أنه سيحاسب كل من أجرم في حق البلاد.

إلى أي مدى يمكن أن يؤثر فتح الملف على المشهد السياسي الراهن؟ 

أعتقد أن فتح الملف سيكون له ارتدادات سياسية كثيرة ربما ستظهر في الانتخابات التشريعية القادمة حيث ينص القانون الانتخابي على أنه يمنع على كل شخص ملاحق في قضية كبرى أن يترشح للانتخابات التشريعية ما يعني إمكانية منع الكثير من قيادات النهضة من الترشح للانتخابات التشريعية، وبذلك فإن هذا الملف سيضيق الخناق على حركة النهضة نظرا لتوالي الاتهامات لها بدعم الإرهاب كما أن الكثير ممن كانوا يدعمون الحركة يرون أن ملف التسفير سيقلص من رصيدها الانتخابي.

ما خطورة انخراط قيادات أمنية في ملف التسفير؟ 

أعتقدت أن هذه القيادات انخرطت في ملف التسفير نظرا لتقربها من أطراف سياسية كانت تدعم التوجه نحو إسقاط النظام السوري وهذا لا يعني أن الأمن التونسي تبنى مفهوم القتال وربما تكون هذه القيادات حصلت على وعود بمناصب كبرى في السلطة من الطرف السياسي الذي كان يحكم البلاد كما أن هذا الانخراط الأمني ليس عقائديا وإنما طمعا في مناصب عليا قد يحصلون عليها.

إلى أي مدى يمكن لتونس أن تطلب تعاونا مع دول بؤر التوتر في التحقيقات؟ 

أعتقد أن القضاء التونسي يمكن أن يرسل إنابات قضائية سواء لليبيا أو سوريا أو العراق للتحقيق مع عناصر إرهابية موقوفة في هذه البلدان وهي خطوة مهمة للوصول للحقيقة وتعرية الجهاز الذي خطط لتسفير التونسيين كما أنه من المهم أن تعيد تونس العلاقات الدبلوماسية مع سوريا حتى تتمكن من التعاون الأمني والقضائي معها باعتبار أن ملف التسفير هو ملف دولي وإنساني أكثر من كونه تونسي داخلي فإذا تعاونت هذه الدول فيما بينها سيتم كشف الكثير من الحقائق كما ستتضح خيوط اللعبة التي أرادت دول أجنبية من خلالها إقامة أنظمة إرهابية في ليبيا وسوريا والعراق.

برأيك هل ستستمر التحقيقيات في الملف أم تنهتي في ملفات الأرشيف؟

أستبعد توقف التحقيقات في هذا الملف وربما تتوسع دائرة التحقيقات مع شخصيات جديدة بناء على الشهادات التي أدلى بها بعض الموقوفين في هذا الملف الشائك الذي أعتقد أنه سيشمل شخصيات أخرى من المحامين ورجال الأعمال نظرا لأن الشبكة التي كانت تدير عمليات التسفير واسعة ومتشابكة.

هل يمكن لهذا الملف أن يفتح الباب على ملفات أخرى مشابهة؟

طبعا، هذا االملف سيحيلنا إلى قضايا اغتيال الشهيدين اليسارييين محمد البراهمي وشكري بلعيد نظرا لأن تلك الفترة التي تغذى فيها الإرهاب شهدت عمليتي الاغتيال كما جرى خلالها التسفير إلى بؤر التوتر فهذه الملفات مترابطة مع بعضها وسيتضح أن من أدار عمليات التسفير هو من خطط لعمليات الاغتيال باعتبار أن الشهيدين نددا كثيرا بعملية تسفير التونسيين إلى سوريا.

ماذا عن ملف الاغتيالات السياسية وملف جمعية نماء؟

أعتقد أن كل هذه الملفات مترابطة نظرا لأن الإرهاب في تونس انتشر في فترة معينة بعدة مجالات مثل الجانب المالي فهناك جمعيات قامت بجلب الأموال من الخارج تحت قناع العمل الخيري وتحت قناع العمل الإنساني واتضح بعد ذلك أنها تجلب هذه الأموال لتبييضها واستغلالها في أعمال ليست خيرية.

كيف تنظر إلى مستقبل المشهد السياسي في تونس؟

أعتقد أن هناك خارطة سياسية جديدة سترسم في تونس بحيث سيتقلص حجم الكثير من الأحزاب التي كانت تقود الحكم على غرار الأحزاب الليبرالية مثل نداء تونس وقلب تونس حيث أن هذه الأحزاب لم يعد لها دور كبير في المشهد السياسي في المقابل قد يتشجع الشباب المستقل الذي كان يدعمه قيس سعيد للترشح للانتخابات التشريعية المقبلة حتى ينافس الحزب الدستوري الحر الذي تترأسه عبير الموسي، فأعتقد أن المشهد السياسي سيتحول إلى ثنائية الاستقطاب المتمثلة في "هل أنت مع قيس سعيد أم ضده" لذلك سنرى اتجاهين أحدهما مساند لقيس سعيد والآخر للأحزاب السياسية.