لم تكن حنان مسبح ذات الـ12 عاماً تعلم وهي تلهو مع صديقتها جوار خيمتها أن الميليشيا تعد صاروخاً إيرانياً لترسله إليها كهدية إجرامية درجت الميليشيا على تقديمها لأطفال اليمن طوال فترة انقلابها على الشرعية.
كانت حنان قد غادرت مع أسرتها المكونة من أمها ووالدها وشقيقها من حي الربصة في مدينة الحديدة بعد أن أجبرتهم الميليشيا على إخلاء البيت بالقوة لتحوله بعد ذلك لمخزن سلاح.
«ما وطينا بهن؟» أي ماذا فعلنا بهم ليطلقوا صواريخهم صوب مخيمنا؟ هكذا تتساءل الطفلة حنان بحسب صحيفة البيان، وبلهجتها التهامية، عن الجرم الذي فعلته حتى تصبح هدفاً عسكرياً للميليشيا.
ثم تتابع الحديث بحرقة وألم بينما تتحسس ساقها المعطوبة: كنت ألعب مع صديقتي جوار الخيمة بعد أن ذهب كل من أمي وأبي إلى أطراف المخيم، وفجأة أحسست بريح قوية تدفعني من الخلف مترافقة مع ألم في ظهري ورجلي اليمنى ودخان أسود كثيف ودوي مرعب، ثم اختفى كل شيء من أمامي وفقدت وعيي وحين أفقت كانت أمي تحملني وهي تصرخ، فتحت عيني وقلت لها إنني بخير وسألتها عن ما حدث بالضبط وعن صديقتي التي كانت تلعب بجواري، لم تجبني وظلت تبكي حتى وصل أبي مع سيارة الإسعاف وحملوني مع أطفال آخرين من المخيم وامرأة كان جسدها مقطعاً ومغسولاً بالدم. ما زلت أتذكر صراخ الأطفال وعويل الأمهات ومشهد خيمتنا وهي تحترق.
يتذكر والد حنان، الحاج علي مسبح، تفاصيل حياته بمدينة الحديدة قبل أن تجتاحها الميليشيا، حيث كان يمارس عمله بشكل طبيعي في مهنة الصيد التي تدر عليه دخلاً جيداً يعيل به أسرته وما إن دخلت أولى فلول الميليشيا مدينة الحديدة حتى تحولت حياة علي مسبح رأساً على عقب.
ويضيف: كنت أذهب كل يوم إلى البحر بأمان الله دون خوف أو قلق وأعود للبيت في المساء بما كتب الله لي من رزق، لم يكن ينقصنا شيء وحياتنا كانت تسير بشكل طبيعي وحين جاء الحوثيون إلى مدينتي تأكد لي أن الحال سيتغير إلى الأسوأ وبالفعل فقد أجبرتنا الميليشيا على ترك بيتنا ما اضطرنا للنزوح والتشرد، ورغم تشردنا وخروجنا من مدينتنا إلا أن إرهاب الحوثي لحق بنا في مخيم النزوح، وها قد أصبحت ابنتي حنان معاقة بفعل شظايا الصاروخ الإيراني، وأصبحت حالتي النفسية وحالة زوجتي سيئة للغاية بسبب ما تعرضنا له من صدمة أثناء سقوط الصاروخ جوار خيمتنا، حيث كنا عائدين من السوق وحين وصلنا إلى أطراف المخيم رأينا الدخان الأسود الكثيف المترافق مع انفجار قوي وسط المخيم فهرعنا نحو خيمتنا فوجدناها تحترق بالكامل، ظننا للوهلة الأولى أن حنان بداخلها لكن جيراننا طمأنونا أنها بخير وأنهم نقلوها للخيمة المجاورة مع عدد من الأطفال والنساء الجرحى، فأسرعنا إليها وكانت لا تزال غائبة عن الوعي والدماء تنزف من ظهرها وساقها اليمنى، كان الجميع ينزف ويتألم وفي وسط الخيمة تمتد جثة امرأة فارقت الحياة للتو، كان المشهد فظيعاً جداً ويفوق قدرتنا على التحمل".
ويشير مسبح في ختام حديثه إلى أن ميليشيا الحوثي جماعة إرهابية لا تحكمها أخلاق ولا قوانين ولذلك لم تتورع عن قصف مخيمات النازحين بالصواريخ الإيرانية.