أعاد حادث تحطم الطائرة العسكرية الليبية ''انتونوف'' على التراب التونسي فجر اليوم الجمعة حدث و على متنها 11 راكبًا توفوا جميعا في الحادث الذي أرجعته السلطات التونسية الى حريق في أحد المحركات ,الى الذاكرة تاريخ حوادث الطيران الليبي المؤلم فقد عرفت ليبيا حوادث طيران أخرى في تاريخها الحديث رغم أنّها قد عاشت لأكثر من عشر سنوات تحت قرار حظر جوي حيث و في أوائل تسعينيات القرن الماضي عوقبت ليبيا بالحصار الاقتصادي والحظر الجوي، بعد اتهام ليبيين بالضلوع في تفجير طائرة أميركية فيما عرف بقضية لوكربي.
ونص القرار رقم (748) المؤرخ في 31 مارس/آذار 1992 م على عدم السماح لأية طائرة بالإقلاع من إقليمها أو الهبوط فيه أو التحليق فوقه إذا كانت متجهة إلى ليبيا أو قادمة منها ما لم تكن الرحلة المعينة قد نالت على أساس وجود حاجة إنسانية هامة موافقة لجنة مجلس الأمن. كما حظر القرار تزويد ليبيا بأية طائرة أو قطع طائرات وتوفير خدمات الهندسة والصيانة للطائرات الليبية أو أجزاء الطائرات الليبية، ومنح شهادة الأهلية للطيران إلى الطائرات الليبية و لم يُرفع هذا الحظر إلاّ بقرار آخر من مجلس الأمن في سبتمبر/أيلول 2003 م.و رغم هذا الحظر الذي دام أكثر من عقد في عمر الطيران الليبي إلاّ أن الحوادث الجويّة حصلت ثلاث مرات في تاريخ ليبيا الحديث و هذه العمليات الثلاث هي حادث "الخطوط الجوية العربية الليبية الرحلة 114" و حادث " الخطوط الجوية العربية الليبية الرحلة 1103" و حادث " الخطوط الجوية الأفريقية رحلة 771" و قد أدّت هذه الحوادث مجتمعة الى المئات من الضحايا و المفقودين .
الخطوط الجوية العربية الليبية الرحلة 114:
أقلعت طائرة الخطوط الجوية العربية الليبية الرحلة 114 من طراز بوينغ 727 من مطار طرابلس العالمي في طريقها إلى مطار القاهرة الدولي عبر مدينة بنغازي الليبية في 21 فبراير 1973 ، وعند دخولها إلى الأجواء المصرية تعرضت لعاصفة رملية ما تسبب في دخولها عن طريق الخطأ الى المجال الجوي لشبه جزيرة سيناء الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي في ذلك الوقت، فقامت طائرتين إسرائيليتين من طراز "إف-4 فانتوم" بإسقاط الطائرة في صحراء سيناء، ونتج عن الحادث مقتل 108 ممن كانوا على متنها، ونجا خمسة أشخاص فقط بينهم مساعد الطيار.وحسب الرواية الإسرائيلية للحادث "فقد أشار أحد طياري الطائرة الحربية لطاقم الطائرة المدنية بعد مشاهدتهما عيناً بعين بأن تتبع الطائرة الليبية طائرة من الطائرتين الإسرائيليتين باتجاه قاعدة "ريفيديم" الجوية الإسرائيلية، لكن طاقم الطائرة رفض الأمر وتابع الطيران في وجهته.
و قد أطلقت بعد ذلك إحدى المقاتلتين صاروخاً باتجاه الطائرة الليبية، ما أدى الى إصابتها بعطب بجناحها وتعطل الأنظمة الهيدروليكية بالطائرة، ا إضطر قائد الطائرة إلى اتخاذ قرار بالهبوط الاضطراري في منطقة مليئة بالكثبان الرملية في صحراء سيناء، فتحطمت الطائرة أثناء هبوطها لطبيعة هذه المنطقة الغير صالحة للهبوط ولقي 108 ممن كانوا على متنها مصرعهم، ونجا خمسة أشخاص فقط بينهم مساعد الطيار الليبي.حاولت "إسرائيل" في البداية نفي علاقتها بالحادث ,و لكن مع إكتشاف الصندوق الأسود في 24 فبراير بعد ثلاث من الكارثة إعترفت دول الكيان الصهيوني بأن إسقاط الطائرة تم "بتفويض شخصي" من قبل دافيد إلعازار رئيس الأركان الإسرائيلي وقتها، في حين لم تتخذ الأمم المتحدة أي قرار حيال ذلك .
كان من ركاب الطائرة وزير الخارجية الليبية السابق صالح بويصير كما كانت أيضا مذيعة التلفزيون المصرية الشهيرة سلوى حجازي، كما أن جميع الركاب كانوا من المدنيين. معظم الضحايا كانوا من مدينة بنغازي حيث أقيمت جنازة شعبية ضخمة للضحايا حضرها العقيد معمر القذافي. في مارس 2008 بدأ نجل وزير الخارجية الأسبق صالح بويصير إجراءات لملاحقة حكومة إسرائيل قضائيا لمطالبتها بالكشف عن الحقائق المتعلقة بإسقاط طائرة الركاب المدنية الليبية العام 1973، وذلك عن طريق محامي معتمد في تل أبيب، والذي تقدم بمذكرة لرئيس وزراء إسرائيل إيهود أولمرت ومينى ميزوز المدعي العام في وزارة العدل الإسرائيلية
كما سعت أسرة المذيعة المصرية الراحلة سلوى حجازي برفقة عدد من أسر الضحايا الليبيين والمصريين إلى رفع قضية أمام المحاكم الفرنسية ضد إسرائيل لمطالبتها بتعوضات عن الحادث ومحاكمة مسؤولين سابقين في الحكومة الإسرائيلية عن هذا العمل الإرهابي. كما دعى مؤتمر الشعب العام في ليبيا في بيانه الختامي الذي صدر في يناير 2005 إلى "أهمية متابعة الجهود المبذولة للمطالبة بالتعويض العادل عما لحق به من أضرار معنوية وبشرية ومادية ناجمة عن العدوان على الطائرة المدنية التابعة للخطوط الجوية العربية الليبية التي أسقطت فوق سيناء بمصر من قبل الإسرائيليين في شهر النوار 1973" كما ورد في البيان.وكانت وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن أحد طياري الطائرات الفانتوم الإسرائيلية التي أسقطت الطائرة المدنية اعترافه "بالشعور بتأنيب ضمير للمشاركة في ضرب الطائرة، رغم تأكده من عدم وجود أية أشياء أو مخاطر تهدد إسرائيل بعد أن رأى بالعين المجردة امتلاء الطائرة بالركاب المدنيين".
الخطوط الجوية العربية الليبية الرحلة 1103 :
كانت طائرة الخطوط الجوية العربية الليبية الرحلة 1103 من طراز بوينغ 727 قد أقلعت بطاقم مكون من 10 أفراد وركاب بلغ عددهم 147 مسافرا في 22 ديسمبر 1992 من مطار بنينا الدولي في بنغازي في رحلة داخلية في طريقها إلى مطار طرابلس العالمي حيث انفجرت في الجو ليتناثر حطام الطائرة بمنطقة "سيدي السايح" بضواحي مطار طرابلس، وحين كانت الطائرة على ارتفاع 3500 قدم (1,067 ميل) وحين كانت الطائرة تقترب من المطار اصطدمت بطائرة حربية من نوع ميكويان جيروفيتش ميج-23 تابعة لسلاح الجو الليبي ماتسبب بتحطم الطائرتين، وأدى لمقتل جميع ركاب الرحلة رقم 1103، إضافة لطاقم المقاتلة المكون من شخصين. و لازال أهالي الضحايا يطالبون الى اليوم بالكشف عن خفايا و حقيقة الحادث .
الخطوط الجوية الأفريقية رحلة 771 :
تحطمت طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية الإفريقية من طراز إيرباص إيه 330 (الرقم التسلسلي 1024) يوم الأربعاء 12 مايو 2010 عند الساعة (6:10) صباحًا بتوقيت طرابلس، كانت قادمة من جوهانسبرغ إلى طرابلس، ووقع الحادث على مسافة قصيرة جدًا من المهبط الشرقي لمطار طرابلس العالمي.و قد أسفر هذا الحادث عن مقتل 103 راكب من أصل 104 كانوا على متن الطائرة المنكوبة، 68 من هولندا، 13 من جنوب أفريقيا، 2 من ليبيا، 2 من النمسا، 1 من ألمانيا، 1 من زيمبابوي، 1 من فرنسا، 4 من بلجيكا، 1 من بريطانيا، أفراد الطاقم الـ14 وكلهم ليبيين ولم ينج إلا راكب واحد فقط، هو صبي هولندي يبلغ من العمر 8 سنوات يدعى روبن فان اشو " وتوفي أيضًا رجل أمن ليبي مصاب بالسكري، حيث ارتفع معدل السكري لديه بعد مشاهدته لجثث الضحايا.
و بالنسبة لسبب الحادث فقد أكّد مدير إدارة العمليات بالخطوط الأفريقية على أنّ الأجهزة الملاحية بجميع المطارات الليبية على درجة عالية من التقنية، مرجحًا عامل سوء الأحوال الجوية كسبب لوقوع الحادث الكارثة خاص حال الضباب التي كان تشهدها المنطق ، كما ذكر خبراء في مجال الطيران المدني احتمالية أن يكون الحادث قد وقع أثناء محاولة الطيار القيام بجولة التفافية قبل الهبوط، في ظل ظروف جعلت من الرؤية سيئة ، وذكر مصدر من أمن المطار حينها أن النيران اشتعلت في الطائرة قبل هبوطها بلحظات، وبعد وقوع الحادثة أشارت جهات متخصصة في النقل الجوي أن الخطوط الأفريقية تحمل سجلاً جيدًا في مجال السلامة والأمان، وأن الطائرة خضعت لإجراءات متابعة السلامة قبل مغادرتها جوهانسبرغ ،أما الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة، فقد تقرر نقله إلى فرنسا - البلد المصنّع للطائرة - لكي يتم تحديد أسباب وقوع الحادث، صحبة فريق ليبي مكوّن من 6 أعضاء، منهم اثنان من سلاح الجو الليبي ليشرفوا على عمليات فحص الصندوق.
و قد أكدت لجنة التحقيق التي تم تشكيلها لمعرفة أسباب الحادث، أنه لا يوجد أي خلل فني بالطائرة قبل تحطمها، وأن طاقم الطائرة كان مؤهلاً للعمل عليها، وأن الدعم الملاحي بمطار طرابلس العالمي كان يعمل بشكل عادي يوم وقوع الحادث، وأن التسجيلات من الصندوق الأسود وبرج المراقبة لم تشر إلى أي طلب من قائد الطائرة بالمساعدة، وأن برج المراقبة لم يطلب من الطائرة عدم الهبوط أو التوجه إلى مطار بديل.في 28 فبراير 2013 صرحت مصلحة الطيران المدني الليبية أن سبب الحادث كان خطأ الطيار و يرجح أن عامل الإرهاق كان سببا في الحادث .كان الناجي الوحيد هو روبن فان اشو، وهو صبي هولندي عمره 9 سنوات، والذي لقّبته الصحافة الهولندية ب "معجزة طرابلس" لأنه لم ينج أحد غيره من الحادث تم العثور على الصبي من قبل رجال الإنقاذ الذين كانوا يبحثون عن ناجين وجثث الضحايا. ورأوا الصبي الجالس في مقعده، مع حزام الأمان الذي لا يزال مثبت به، وكان الصبي شبه عاري، وقد نقل الصبي إلى مستشفى الخضراء في طرابلس حيث يتم معالجته من الإصابات. وقد حضر يوم (13 مايو) إلى طرابلس أسرة الصبي وكذلك بعض المسؤولين الحكوميين الهولنديين. وفي يوم (15 مايو) عاد روبن إلى بلده هولندا على متن طائرة ليبية مجهزة طبيًا، رفقة أقاربه والطبيب الليبي الذي تولّى علاجه، وذلك بعد أن أجريت له عملية لعلاج الكسور في مستشفى الخضراء بطرابلس.