في مثل هذا اليوم ،غرّة جوان من سنة 1955 عاد الزعيم الحبيب بورقيبة إلى أرض تونس بعد أربع سنوات من منفاه بفرنسا، على متن باخرة "مدينة الجزائر" اين رست بميناء حلق الوادي الضاحية الشمالية بالعاصمة تونس وكان في استقباله مئات الالاف من المواطنين والمواطنات و تراصت الحشود و ترابطت على طول الشوارع و الساحات.. يقول المؤرخون في ذلك ان قرابة 500 ألف تونسي هبّ يومها لاستقبال "الزعيم" وكانت أكثر كلمة تردّدت تعبيرا عن تلك الفرحة هي «انتصرنا» ومنها جاءت تسمية عيد النصر الذي أنهى 80 عاما من الاستعمار الفرنسي .

يومها أصرت فيالق خيالة قبائل «جلاص» التي أتت على متن الخيل يتقدمهم القائد «العجيمي» على أن يخرج الزعيم من الميناء على ظهر جواد عنوانا للنصر ، ولبى بورقيبة رغبة «جلاص» ليخلّد ذلك المشهد بتمثاله الشهير الذي نصب في شارع بورقيبة قبل أن يحوّل بعد 7 نوفمبر 1987 إلى حلق الوادي .

مشهد مازال ولحسن الحظ موثقا بالصوت والصورة، يخلّديوما عظيما من تاريخ البلاد، لكن تونس اليوم وفي غرة جوان 2014، مرّت مرور الكرام على الذكرى 59 لعيد النصر "المجيد"، غاب بورڨيبة أول رئيس للبلاد التونسية عن شاشات و شوارع و مدن تونس، غاب بورڨيبة "المجاهد الأكبر" عن المحافل الرسمية و الأعياد الوطنية ، غاب بورڨيبة "الزعيم الوطني" عن ذاكرة التونسيين و غاب عيد النصر.

عيد وطني احتفل به البورڨيبيون و الدساترةفقط ، حيث أحيت الجمعية التونسية للفكر البورقيبي، عشية اليوم الأحد، ذكرى عيد النصر 1 جوان 1955، بحلق الوادي الضاحية الشمالية لتونس العاصمة وقال زهير بن حسن رئيس الجمعية "هذه هي المرّة الثالثة التي تحيي فيها الجمعية ذكرى غرّة جوان ولكن هذه السنة ارتأينا تنظيم الاحتفال في حلق الوادي نظرا إلى رمزية المكان ، واعتبر أن إعادة توطين الحدث في مكانه مهم جدّا خاصة للأجيال الجديدة من الشباب التي لا تعرف الكثير عن عيد النصر وأبعاده التاريخية ، لأن النظام السابق للأسف نسف رمزية العديد من الأحداث الهامة في تاريخ تونس .

ويضيف" خيّرنا أن نحيي هذه الذكرى التي تتزامن أيضا مع ذكرى توقيع أول دستور للجمهورية التونسية (غرّة جوان 1959)  بمنآى عن الدعاية السياسية لأني أعتبر أن الحدث فوق الأحزاب و يجمع كل التونسيين بما في ذلك مكونات الطيف السياسي. ورغم  إنتمائي لحزب «نداء تونس» طلبت أن  تكون الدعوة باسم  جمعية الفكر البورقيبي التي تأسست بعد الثورة لإحياء  الفكر الحضاري البورقيبي وإعادة الأشياء إلى مجراها الطبيعي خدمة للوطن ومحافظة على مقومات الدولة الحديثة العصرية المحترمة في العالم.

كما انتظم عشية اليوم بقصر المؤتمرات بالعاصمة ملتقى جمع ثلة من رجال القانون و الإعلام أغلبهم من رواد الفكر البورقيبي و بإشراف أحزاب دستورية على غرار "الحزب الحر الدستوري التونسي" و "حزب الإصلاح الدستوري"، حيث انطلق الاحتفال في شكل كرنفال على نغمات الماجورات من موقع النصب التذكاري للزعيم "الحبيب بورقيبة" بحلق الوادي وصولا إلى قصر المؤتمرات بالعاصمة أين دار الحوار الذي قدمه "مصطفى الفيلالي" وهو أحد أعضاء أول مجلس قومي تأسيسي حيث تحدّث عنتاريخالحركة البورقيبية في تونس و عن ذكرى "عيد النصر" و عودة الزعيم من منفاه.

يقول أبناء الحركة البورقيبية: "يجب ان يقف الجميع اكبارا لهذا التاريخ ولما حققه بورقيبة في تلك الفترة..نحن من صنع مجد تونسوالزعيم هو الذي منح الاستقلال لإفريقيا عامة و يطالبون بإعادة "تمثال بورقيبة" وهو يمتطي حصانه الى المكان المخصص له، فمن حق الشباب التونسياليوم ان يتصفح التاريخ ويفهم رمزية الاعياد الوطنية من دون ان يمنعه احد من ذلك..