عقب مقتل معمر القذافي في 20 أكتوبر 2011، فر مئات الآلاف من الليبيين إلى مصر، بعدما تم اتهام الكثير منهم  بأنهم شاركوا في القتال لصالح القوات المناصرة للقذافي في عام 2011، أو بأنهم عبروا علناً عن دعمهم له، وهو ما جعلهم يفروا هاربين إلى مصر لينجوا بأنفسهم، وذلك لعدم استقرار الأوضاع فى الجماهيرية الليبية بعد انتشار أعمال السلب والنهب والقتل وسيطرة الميليشيات المسلحة على الأمور فى ليبيا واتساع عمليات الاعتقالات والاغتيالات السياسية لرموز السياسة السابقين الموجودين فى الجمهورية الليبية وخارجها.

 

ولكن وضع اللاجئين الليبيين في مصر مختلف تماما عن وضع أي لاجئ سياسي فالمصريين دائما يتعاملوا مع الليبيين كأنهم أشقائهم فقبل قيام الثورة دائما ما كان يأتوا الليبيون إلى مصر ليستثمروا بها ويشتروا عقارات ليعيشوا بها ومن أكثر الاستثمارات التي اهتموا بها في مصر هي في المجال الإعلامي والفني فهم يعلموا أن مصر لديها الكثير من المواهب الفنية ومتميزين بشدة في هذا المجال، وكان هناك العديد من الشراكة الليبية المصرية في المجال الفني منها شركة "شاع" للفنون" والتي كانت إنتاج ليبي على الأراضي المصرية.

وما يوضح مدى العلاقة الوثيقة بين البلدين وحماية مصر للاجئين الليبيين بل عدم شعور المصريين أن الليبيين هم لاجئين بل يتعاملوا معهم كأنهم أصحاب البلد،

هو ما يتمثل في حرص الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في مصر على إعداد برنامج متكامل للمتدربين من الوافدين الليبيين، تضمن تقديم فكرة عامة عن الهيئة والتطوير المؤسسي بها، والتعريف بمهام جميع إدارات مجمع خدمات الاستثمار، والتى تشمل منظومة الاراضى والتراخيص، وأيضا الخدمات الحكومية الفنية والخدمات القانونية وتأسيس الشركات وخدمة العملاء، وعرض الفرص الاستثملارية المتاحة فى مصر.

وتعد الاستثمارات الليبية واحدة من أهم وأبرز الاستثمارات الفعالة في الاقتصاد المصري، فهناك حوالي 630 شركة كبيرة وناجحة تحمل مساهمات ليبية في مصر، وتبلغ قيمتها حوالي 13 مليار دولار في الوقت الحالي.

وتجاوز عدد أفراد الجالية الليبية في مصر أكثر من مليون ليبي وهم يشاركون على المستوى الفردي والجماعي في العديد من الحملات المصرية لدعم الاقتصاد والنهوض بالعشوائيات فمنهم من شارك في حملة الفنان محمد صبحي لتطوير العشوائيات وأيضا منهم من تبرع في حساب صندوق "دعم مصر" بمبالغ مالية كبيرة.

 

لكن هناك مخاوف كبيرة لدى الجالية الليبية خصوصا التي وفدت إلى مصر لأسباب سياسية عقب الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي من العودة إلى بلادهم خشية الملاحقة القضائية، فبعضهم ينتمي للنظام السابق في ليبيا وأخرون أعلنوا دعمهم من قبل لنظام القذافي، وهو ما يجعل عودتهم إلى بلادهم في الظروف الراهنة أمرا صعبا إن لم يكن مستحيلا.

 

بينما يفضل الكثير من أفراد الجالية الليبية في مصر عدم العودة إلى بلادهم رغم أنه لا توجد ملاحقة قضائية لهم، ورغم أيضا أنهم يعيشون في ظروف قاسية ويعلمون بمهن متواضعة، لكنهم يفضلون الحياة في مصر بعيدا عن الصراعات في ليبيا، فهم يرون أنه رغم الظروف القاسية في مصر والتفجيرات التي تشهدها بين الحين والآخر إلا أنها أقل وطأة مما يحدث في ليبيا.