يرى  مجموعة من الخبراء والمهتمين، أن العاهل المغربي الملك محمد السادس، وبرفعه من مستوى التعاون بين بلاده وبين الدول الإفريقية جنوب الصحراء، يرغب في تقوية البعد الإفريقي للمغرب،  من خلال زياراته المتعددة لدول إفريقية، ومنها جولته الحالية التي قادته إلى مالي وساحل العاج،  قبل غينيا كوناكري التي يوجد بها حاليا على أن يتوجه في وقت لاحق من اليوم الأربعاء إلى الغابون.توجه استراتيجي مغربي، يتمثل في تقوية العلاقات الثنائية في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية، والحال ينطبق هنا على مالي، حيث كان للمغرب دور استراتيجي في الحرب ضد الجماعات المتطرفة، التي كانت فرضت سيطرتها على أجزاء من هذا البلد الأفريقي.

الخبير المغربي في الدراسات العسكرية والإستراتيجية، عبد الرحمان مكاوي، يقول إن "هذا الاختيار وهذا البعد الإفريقي للمغرب ليس جديدا. فالمغرب كانت دائما دولة ساحلية، وصحراوية، وإفريقية، وأطلسية، ومتوسطية، وعربية، وإسلامية"، مشيرا إلى أن "جذور المغرب في إفريقيا ضاربة في عمق التاريخ، إذ لا يمكن رؤية المملكة من دون جذورها الأفريقية التي قد تصل إلى أدغال أفريقيا مارة من الصحراء الكبرى". هذا أمر، يقول عبد الرحمان مكاوي،  "جيوستراتيجي قديم. فالمغرب دولة ساحلية ومن واجبه أن يتدخل كدولة صحراوية وكدولة أفريقية، وأن يتعاون مع أشقائه الأفارقة سواء أكان سياسيا، أو اقتصاديا، أو عسكريا أو إنسانيا".

وأضاف الخبير المغربي أن  "هذا أمر طبيعي ولا يعني تغيير مواقع القوى في المنطقة، بل يعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي والحقيقي، ومن دون أن يؤثر على ما يعتقده البعض أنها منطقة أمنهم القومي، التي لا ينبغي لأحد أن يتحرك فيها، رغم أن المغرب كان الفاعل الأول قبل حتى الدولة العثمانية ويرجع له الفضل في انتشار الإسلام في عمق أفريقيا وما زالت الشعوب الأفريقية من نيجيريا إلى السودان تعتبر المملكة المرحلة الأولى في الذهاب إلى مكة المكرمة، أي الحج الأول قبل الحج الكبير".ولقد أعطت الزيارات المتعددة للملك محمد السادس إلى دول إفريقيا جنول الصحراء، دفعة قوية وحقيقية لعلاقات التعاون مع هذه البلدان في مجالات تنموية عديدة، منها الصحة والسكن والفلاحة والصحة والتعليم وتدبير الماء وكذا الاتصالات.

من جهته يقول الخبير الاقتصادي المغربي محمد اليوحي إن "المغرب قوى علاقاته الاقتصادية مع إفريقيا "، مبرزا أن "المملكة تتوفر على موقع استراتيجي مهم يشكل ممرا نحو إفريقيا، كما أنها مخاطب جيد لأوروبا ومجموعة من الدول التي تربطها بها علاقات متميزة وعلاقات شراكة وتعاون".وأضاف أن "المغرب يتوفر على إمكانيات مهمة جدا، فمثلا مطار محمد الخامس بالدار البيضاء هو نقطة عبور مهمة بالنسبة إلى عدد كبير من المستثمرين ورجال الأعمال نحو إفريقيا الفرنكفونية، كما أن البنوك المغربية تشتغل بشكل مهم في دول أفريقيا عن طريق فروعها، إلى جانب "اتصالات المغرب" الفاعل القوي الذي يتوفر على استثمارات هناك، إلى جانب تأمين الرباط تأطير مجموعة كبيرة جدا من الأطر والطلبة الأفارقة في الجامعات المغربية والمعاهد المتخصصة".

أما الخبير المغربي المختص في الشؤون الإفريقية  الموساوي العجلاوي، فيقول إن زيارة الملك محمد السادس إلى افريقيا وبحضور قوي على مستويات اقتصادية ومالية،  يجعل من المغرب فاعلا إقليميا قويا، و فاعلا قاريا أقوى.وأضاف أنه في الوقت الذي زار فيه الملك مالي، بدأت مناقشات داخلية لحل أزمة شمال مالي، بحيث الزيارة الأخيرة  لحركة تحرير أزواد للمغرب تدل على  أن المغرب أصبح يقوم بدور الوساطة بين الحكومة المركزية بقيادة الرئيس ابراهيم بوبكر كيتا، وحركة ازواد، بمعنى أن المغرب أصبح  يتحرك في بقعة جغرافية كبيرة.