مع تواصل العملية النوعية التي تشنها القوات الخاصة للجيش المصري على معاقل تنظيم "أنصار بيت المقدس" في سيناء، منذ نحو 5 أيام، تتهاوى ادعاءات التنظيم الإرهابي التي سبق وأن أعلن فيها عن طموحه في إعلان "إمارة متطرفة" في المنطقة الشرقية لمصر، والتي قام أعضاء الجماعة من أجلها بشن عدد من العمليات التي استهدفت خلالها الجنود والمواطنين، وآخرها قيامه - في عملية مصورة - بقطع رؤوس عدد من سكان شمال سيناء بدعوى تعاونهم مع الأمن المصري، وفقاً لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية.

حث داعش الشهر الماضي المتشددين في مصر على مواصلة الهجمات على رجال الأمن وقطع الرؤوس ويرى خبراء عسكريون أن "التنظيم الإرهابي الذي تبنى عمليات قطع الرؤوس أخيراً، لا يملك أية قدرة حقيقية على ما يدعيه من إمكانية إعلان إمارة متطرفة في سيناء؛ ولا في أية نقطة أخرى من أرض مصر، لكنه فقط يبث تلك الأوهام من آن إلى آخر، مستغلاً الفوضى التي تحدثها تنظيمات إرهابية أخرى في عدة بقع من الوطن العربي"، مؤكدين في ذات الوقت أن عناصر التطرف في سيناء خسرت الآن وبشكل كامل جانب السكان المحليين، بعد بث المقاطع المصورة لقطع الرقاب.

وتتواصل العملية الأخيرة التي تقوم بها القوات الخاصة التابعة للجيش في سيناء، والتي بدأت بالتزامن مع الاحتفال بذكرى عيد النصر في يوم 6 أكتوبر(تشرين الأول) الحالي.

وحول التقليد الجديد الذي يتبعه الجيش بنشر صور القتلى من صفوف المتطرفين، قال مصدر أمني رفيع إن "ذلك يهدف أولاً إلى إثبات الحقائق، نظراً لأن الإرهابيين اعتادوا تكذيب أخبار مقتل قيادييهم خلال العام الماضي، وبقيام الجيش بنشر الصور ينتفي أي مجال للتشكيك في تلك المعلومات، كما أن هناك هدفاً آخر هو الردع، حتى يراجع باقي العناصر مواقفهم وأفكارهم، وربما يكفون عن أفعالهم".

وحسب المعلومات المتاحة في عملية أول أمس السبت، قالت مصادر أمنية إن أحد أبرز قيادات "أنصار بيت المقدس"، شحتة المعاتقة، اشتبك مع القوات الخاصة، عقب ترصده ومحاولة الإيقاع به في كمين أمني بمنطقة السادات في رفح فجراً، حيث حدث تبادل لإطلاق النار، قتل على أثره المعاتقة، الذي عثر بحوزته على سلاح آلي ومتفجرات.
وبمقارنة الموقف الاستراتيجي على الأرض، يرى خبراء ومراقبون أن "أوهام المتطرفين لإعلان إمارة متشددة في سيناء، أو في أي مكان آخر من أرض مصر، هي أضغاث أحلام، ومجرد محاولات لجذب الضوء بالتزامن مع إعلان إمارات مشابهة في العراق وسوريا وليبيا؛ لكن الواقع على الأرض مختلف تماماً في مصر".

ويقول الخبير العسكري، اللواء جمال مظلوم، إن "الإعلام يعطي لأنصار بيت المقدس وغيرها من الجماعات المتطرفة أكثر من قدرهم"، مؤكداً أن الجيش المصري بإمكانه السيطرة على الوضع في سيناء في غضون ساعات قليلة؛ إلا أنه يتعامل بأقصى قدر من درجات ضبط النفس، حرصاً على المدنيين من أبناء المنطقة، وذلك نظراً لوجود عناصر تلك التنظيمات في وسط السكان.

وأردف اللواء موضحاً أنه بعد أن زادت العمليات الإرهابية، وطالت عدداً من أبناء سيناء أنفسهم، فإن تلك العناصر بدأت في الانزواء، ونأى عنها كثير من السكان، وبدأ عدد منهم في الإبلاغ عن الإرهابيين، خاصة بعد نشر مقاطع الفيديو التي تظهر قطع رؤوس سكان محليين بدعوى التعاون مع الأمن.
وقال مسؤولون أمنيون مصريون إن الجماعة ترتبط بصلات فكرية وعقائدية مع تنظيم داعش، الذي تستهدفه الآن ضربات جوية من تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة، بعدما اجتاح مساحات واسعة في العراق وسوريا.

وحث داعش الشهر الماضي المتشددين في مصر على مواصلة الهجمات على رجال الأمن وقطع الرؤوس.
من جهته، يرى المدير التنفيذي للمركز الدولي للدراسات المستقبلية والدولية، اللواء عادل سليمان، أن العملية الأخيرة للجيش تأتي في السياق العام للعمليات التي تجري منذ أكثر من عام، قائلاً إن هناك "كثافة نوعية في العمليات أخيراً، وإن هناك مصدراً وحيداً للمعلومات حول ذلك، وهو ما يصدر عن الجيش نفسه".

 واعتبر اللواء أن ادعاءات تلك التنظيمات حول مسألة تشكيل إمارة متطرفة، هو ادعاء متكرر كل فترة، وأنه مجرد "فرقعة إعلامية"، من دون أية قدرة حقيقية لتنفيذ ذلك من قبل تلك العناصر على الأرض.