حذر خبراء دوليون من أن مشكلة حقيقية تعتمل في الجنوب الليبي في غفلة عن عيون العالم؛ ومن شأنها أن تمكن تنظيم داعش الإرهابي من بوابة نحو أفريقيا جنوب الصحراء. وإذا كان تنظيم داعش أحكم قبضته على الساحل الشمالي لليبيا؛ فإن الخبراء يدقون حاليا ناقوس الخطر من أن يكون التنظيم بصدد التقدم بثبات في منطقة فزان الصحراوية في الجنوب الغربي للبلاد.

وتمثل فزان بموقعها على مفترق طرق حيوي بين الجزائر والنيجر وتشاد مصدرا هاما للتدخل عبر التعريب؛ كما أنها تمثل أصلا مخبأ للقاعدة وتنظيمات جهادية أخرى. كما تعد فزان أحد أهم مسالك أفريقيا للمخدرات؛ ويعبرها مهاجرون من جنوب الصحراء حالمين بالوصول إلى أوروبا، كما يعبرها مقاتلون أجانب أغلبهم أفارقة في طريقهم إلى سرت، معقل داعش في الشمال الشرقي لليبيا.

ورغم ذلك كله؛ تبقى هذه المنطقة الصحراوية نقطة معتمة في عمل الاستخبارات، بينما يظل مدى وشكل التوغل الداعشي بها غير واضح للعيان.

في الوقت الراهن؛ تبقى أولوية التنظيم الإرهابي منصبة على معاقله الشمالية؛ كما يقول جروم توبيانا الباحث في Small Arms Survey للدراسات؛ لكنه يتابع: " مع ذلك؛ فإن عوامل كالتغلغل باتجاه النيجر وتمتين أواصره مع بوكو حرام والتنافس مع تنظيم القاعدة؛ قد تبدو مغرية جدا للتنظيم داعش الإرهابي".

قبائل؛ مجرمون ومتطرفون

بإمكان التنظيمات الجهادية أن تستغل لمصلحتها جملة من الصراعات المحلية المتناقضة في المنطقة الصحراوية. ومنذ عام 2011؛ تاريخ سقوط نظام معمر القذافي؛ وجدت فزان نفسها في اتون صراعات انخرط فيها التبو والطوارق بالإضافة إلى قبائل عربية؛ الزوايا وأولاد سليمان. وفي السياق؛ خلص تقرير للأمم المتحدة الشهر الماضي إلى أن "السلطة العسكرية في فزان تبقى بيد المجموعات القبلية والمنظمات الإجرامية والتنظيمات المتطرفة".

يقف التبو الآن في واجهة المشهد في فزان بعد مساعدتهم في الإطاحة بالقذافي. وبعدما عانوا من التهميش على عهد النظام السابق؛ باتوا يسيطرون على الكثير من موارد المنطقة بما في ذلك مناجم ذهب تم اكتشافها مؤخرا غير بعيد من الحدود بين ليبيا وتشاد والنيجر. ويقول توبيانا: «مع سقوط النظام؛ سيطر التبو على الحدود مع هذه الدول الثلاث وعلى الحدود بين ليبيا والسودان"؛ وذلك ما أهلهم للسيطرة على الكثير من طرق التهريب وعيونهم الآن على محطات نفط وغاز. ويتابع الخبير توبيانا: «أقامت ميليشيات التبو نقاط تفتيش على طول المعابر الصحراوية الرئيسية التي تنقل الأغذية وغيرها من المواد من ليبيا وتهرب إليها المواشي من دول الساحل.. وحتى السجائر والكوكايين يمر عبر المنطقة".

حلبة صراع

بالنسبة لداعش؛ فإن الأمر يقدم فرصا واعدة بالقدر الذي يطرح تحديات جسيمة. فوجود ميليشيات محلية يعني أن تنظيمات مختلفة لن تنظر بعين الرضا إلى وجود داعش في المنطقة. كما أن " القوات الفرنسية في منطقة الساحل ستكون بالمرصاد للتنظيم «؛ على حد اعتقاد توبيانا. حتى الآن؛ لم ينفذ داعش سوى عمليات محدودة في المنطقة؛ وقد يكون مرد ذلك وفق محللين إلى حرص داعش على تفادي عمليات انتقام من فاعلين كثر مهتمين بمنطقة فزان.