قال الدكتور علية العلاني خبير الحركات الإسلامية وتاريخ الإسلام السياسي في الجامعات التونسية ان ما يعيشه الفلسطينيون اليوم هو جزء من مخطط كبير لإبادة شعب ظل عصيا على كل المؤامرات الأجنبية وحتى العربية التي حيكت ضده موضحا أن ما تعيشه سوريا والعراق هو جزء من مخطط الشرق الأوسط الجديد الذي تغيرت ملامحه وطرق تشكله اكثر من مرة٠

ويقول العلاني في حديثه لبوابة افريقيا الإخبارية إن المرة الاولى التي أعيد فيها تشكل هذا المخطط هي ثورات  الربيع العربي التي اتضح ان الاخوان المسلمين في مصر وتونس وليبيا أحد أركانه الاساسية ، وكان تيار الاسلام السياسي مستعدا في سبيل البقاء في السلطة الى تغيير كل توجهاته، وكان الخاسر الأكبر من ذلك شعوب بلدان الربيع العربي وكذلك القضية الفلسطينية ٠

فشعوب بلدان الربيع العربي سرقت منها ثرواتها واحلامها في الشغل والكرامة والديمقراطية بعد صعود الإسلاميين الى الحكم وأصبحت تعاني من الإرهاب ومن التراجع الاقتصادي ٠

ففي تونس ولولا خروج النهضة من الحكم في يناير 2014 ، تحت ضغط سياسي وشعبي ، لسقطت البلاد في سيناريو الصومال آو ليبيا ٠

ومن جهتهم فان الليبيين ، يقول الخبير التونسي ، مقبلون على احداث تغيير عام في بلادهم بعد حصول الإسلاميين والسلفيين في الانتخابات البرلمانية الاخيرة ( التي جرت يوم 25 يونيو الماضي ) على حوالي 14 بالمائة من المقاعد حسب أرقام شبه رسمية باعتبار أن الأرقام النهائية ستنشر بعد آكثر من أسبوع أي يوم 20  يوليو الحالي٠.

الخاسر الثاني في مخطط تشكيل خريطة الشرق الأوسط الجديد هي القضية الفلسطينية ، حيث لم تعد ضمن أولويات الحكام الإسلاميين الجدد اضافة الى بعض الأخطاء التي ارتكبتها حركة حماس الاسلامية عندما لم تنأ بنفسها عن الصراعات والتجاذبات التي كانت على أشدها في مصر قبل سقوط محمد مرسي٠

المرة الثانية التي يعاد فيها تشكيل خارطة الشرق الأوسط الجديد كانت مع اعلان تنظيم داعش للخلافة الاسلامية وهو اعلان كان منذ بدايته إعلانا مشبوها وجاءت آحداث الحرب على غزة لتؤكد هذه الشكوك ٠

ف " الخليفة " الجديد وآنصاره يرون أن مقاومة المنافقين ( يقصدون الأنظمة العربية) يسبق مقاومة الكفار دون أن ينطقوا بحرف حول مناهضة لجريمة الحرب ضد غزة ٠

وأعلن الخبير التونسي أن خريطة الشرق الأوسط الجديد ما تزال في حالة مراجعة بعدما حصل في العراق أن مألات الحرب على سوريا والعراق ستدفع في اتجاه بروز أقطاب جديدة مثل قطبي السعودية وإيران وعبرهما ستحصل مساهمات وتوافقات جديدة لم تكتمل بعد ٠

اما مصر وليبيا فإنهما في طريقهما الى التخلص من الخطر الإرهابي  في حين أن تونس ستكون مرتبطة بنتائج الانتخابات  اذ أن حصول الأحزاب الديمقراطية على أغلبية الأصوات مقابل حصول الإسلاميين على الأقلية هو الضامن الوحيد لإخراج تونس من أزمتها وخاصة الاقتصادية ، اذ في هذه الحالة يعود الاستثمار الخليجي في غياب الإسلاميين ، الذين عليهم البقاء في المعارضة كما نصح بذلك عبد الفتاح مورو القيادي في حزب النهضة للقيام بالمراجعات الاساسية في طروحاتهم واستراتيجياتهم ٠

ويؤكد العلاني انه مقتنع انه لا داعش ولا القاعدة ولا أخواتها من التنظيمات الجهادية ستفعل ذلك لانها كلها صنيعة أجندات أجنبية ولا علاقة لها بواقع بلدانها وما تعيشه ، وأنها ليست مؤهلة لإعطاء دروس للعرب في القومية أو الوطنية والإسلام المعتدل٠

المخجل ، يضيف العلاني ، أن يوسف القرضاوي واجهة تيار الاخوان المسلمين أصدر بيانا نفى فيه حق داعش في الخلافة لكنه في المقابل أكد انه متلهف على اقامة الخلافة أو احيائها ، وهو ما يؤكد ان التيار الإخواني في كل البلدان العربية متمسك بمبدأ الخلافة لكنهم يعلنون أن الظروف لم تنضج لإقامتها ٠

ويعني كل هذا أن النظام الديمقراطي عند القرضاوي وأتباعه وحلفائه هو مجرد جسر يعبرون عليه لإقامة دولة الخلافة عوض الدولة المدنية ودولة القانون والمؤسسات التي تصبح عندها على ذمة التاريخ ٠

ويذكر العلاني أن أول جملة قالها حمادي الجبالي زعيم حزب النهضة الاسلامي ومباشرة بعد انتصار حزبه في انتخابات 23 أكتوبر 2011 هي انه " يستشعر دخول مرحلة الخلافة السادسة "٠

وحول الانتخابات القادمة التي ستجرى مبدئيا في تونس قبل نهاية العام الجاري ، قال الدكتور العلاني انها لن تكون طوق النجاة في مثل هذه الظروف الوطنية والإقليمية الا اذا توفرت مجموعة من الشروط أهمها أن يقبل التونسيون على التسجيل بكثافة موضحا أن الهيئة العليا للانتخابات ورئيسها سترتكب خطأ كبيرا اذا كانت نسبة الإقبال دون 60 بالمائة ، وإذا حصل ذلك فان على شفيق صرصار الاستقالة من رئاسة الهيئة قبل اجراء الانتخابات والا فانه سيحمل وزر كارثة انتخابية كما تعمل على ذلك الأحزاب الشمولية ٠

الشرط الثاني الذي شدد عليه العلاني لنجاح الانتخابات هو تصويت التونسيين لغير الذين تستروا على انتشار الإرهاب في البلاد، في إشارة الى الترويكا الحاكمة سابقا دون أن يسميها٠

وقال العلاني ان من مصلحة حركة النهضة الاسلامية ، اذا أرادت البقاء في المشهد السياسي ، أن تبادر الى التبرؤ علنيا وبشكل كامل مع فكر الاخوان وتنظيمهم وتسارع الى الإعلان بأنها لم تعد تتبنى المرجعية الاسلامية لان ذلك سيقحم الدين الطاهر المقدس في لعبة السياسة المدنسة ٠

ويوضح العلاني أن التداخل بين الدين و السياسة سيخلف مأس مثل ما حدث في بلدان عديدة مثل الصومال ومصر وليبيا واليمن والقائمة تطول ٠