بدأت خريطة سياسية جديدة تتشكل في تونس، بعدما أنهى أمس الجمعة، رئيس الوزراء المكلف إلياس الفخفاخ الجدل حول الحزام السياسي المشارك في حكومته، وأعلن عن ملامحها التي لن تشمل حزبي "قلب تونس" و"الدستوري الحر".
وفيما يواصل "قلب تونس" ثاني أكبر حزب في البرلمان التونسي (38 مقعدا) الحديث عن "إقصاء وبوادر توجه سيضرب أسس النظام السياسي المنصوص عليه في الدستور وإلغاء الفخفاخ لكامل نتائج الانتخابات التشريعية والحجم البرلماني للأحزاب"، رأى رئيس الوزراء المكلف أن ما يحدث لا يمكن وصفه بالإقصاء، ولكن الديمقراطية تقتضي وجود أحزاب في الحكم وأخرى في المعارضة.
وقال الفخفاخ -في رده على أسئلة الصحفيين عقب مؤتمره الصحفي- إن حزبي "قلب تونس" و"الدستوري الحر"، لن يكونا ممثلين في الحكومة القادمة، معتبرا أنهما "لا ينسجمان مع القاعدة التي اختار على أساسها تشكيل الحكومة.
وأكد أن الرئيس التونسي قيس سعيد لم يطلب منه استثناء حزب "قلب تونس" من تشكيلة الحكومة، وأنه يساند كليا التوجه الذي اتخذه، موضحا أن اختياره يعتمد على "ما أفرزه الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية".
وبعكس حزب "الدستوري الحر" الذي أعلن موقفه منذ البداية بعدم المشاركة في هذه الحكومة والتصويت ضد منحها الثقة في البرلمان، خرج حزب "قلب تونس" عن صمته مساء أمس ورأى -في بيان- أن ما يجري هو "خطوة إقصائية لا علاقة لها بالممارسة الديمقراطية ولا بالنظام البرلماني المعدل الذي تقوم عليه المنظومة السياسية في تونس".
وذكر الحزب عقب اجتماع مكتبه السياسي "أن طريقة تكليف إلياس الفخفاخ بتشكيل الحكومة لم تكن متناسبة مع روح الدستور ومع إرادة أغلب الأحزاب الفائزة والممثلة في البرلمان، وأشار إلى نص تكليف الفخفاخ الذي جاء فيه "أن الحكومة التي سيتم تشكيلها لن تكون حكومة رئيس الجمهورية بل هي التي سيمنحها مجلس نواب الشعب الثقة".
وأضاف "قلب تونس" أن "المكلف بتشكيل الحكومة أكد خلال مؤتمره الصحفي أن الحكومة التي يعتزم تكوينها هي (حكومة الرئيس) لأنه يستمد شرعيته في تكوينها من نتائج الانتخابات الرئاسية، متناسيا أن النظام السياسي القائم في البلاد هو نظام برلماني معدل تستند شرعية الحكومة فيه إلى الشرعية البرلمانية".
ولفت الحزب - في بيانه الموقع من قبل رئيسه نبيل القروي - إلى وجود "تباين بين ما صرح به الرئيس التونسي في خطاب التكليف من كونه عين إلياس الفخفاخ (احتراما لإرادة الناخبين والناخبات في الانتخابات التشريعية) وما صرح به إلياس الفخفاخ".
وطالب حزب "قلب تونس" الرئيس التونسي بتوضيح هذا التباين للرأي العام، "خاصة أن ما جاء على لسان إلياس الفخفاخ يجعل من رئيس الجمهورية رئيس ناخبيه دون بقية التونسيين في حال أنه يعتبر رئيس كل التونسيين".
كان الفخفاخ أكد في مؤتمره الصحفي أمس الجمعة أنه سيعمل على التنسيق والتواصل الدائم مع رئاسة الجمهورية فيما يخص منهجية تشكيل الحكومة، مشيرا إلى أنه سيقترح على الشركاء تركيبة حكومية مصغرة لا تتجاوز الـ 25 حقيبة وزارية تأخذ بعين الاعتبار تمثيلية المرأة والشباب بصفة جدية وفعالة.
وشدد إلياس الفخفاخ على أنه لا يمارس الإقصاء تجاه أي طرف وأنه تم توجيه الدعوة إلى كافة الأحزاب للمشاورات ما عدا حزبين اثنين لا يرى الفخفاخ في تواجدهما في الفريق الحكومي تناغما وانسجاما مع برنامجه وأهدافه.
وقال إن المشاورات تدخل شوطها الثاني والمتعلق بالبرنامج الحكومي وأنه سيتم عقد مؤتمر صحفي الأسبوع المقبل بهدف إنارة الرأي العام حول تقدم المشاورات وحول الأطراف التي ستشكل الفريق الحكومي الذي سيعرض نفسه لنيل الثقة من مجلس نواب الشعب بوصفه السلطة الأصلية.
وكلف الرئيس التونسي قيس سعيد /الاثنين الماضي/ إلياس الفخفاخ بتشكيل الحكومة الجديدة، ليصبح أمامه أقل من شهر لاختيار أعضاء حكومته، وإعداد برنامج والذهاب إلى البرلمان لنيل ثقة نواب المجلس بالأغلبية المطلقة.