بعد أكثر من تسعة أشهر على انطلاق عملية "طوفان الكرامة" الهادفة لتحرير العاصمة الليبية،يواصل الجيش الوطني الليبي تحقيق المزيد من التقدم على الأرض في عدة مناطق،وسط حديث عن تقهقر المليشيات وتراجعها بعد دحرها.فيما يتصاعد مأزق حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج التي تتزايد خسائرها السياسية بالتزامن مع خسائرها العسكرية بالرغم من تصاعد وتيرة الدعم التركي عبر المرتزقة.
ويشهد الوضع العسكري في العاصمة الليبية طرابلس تطورات كبيرة في ظل تكثيف الجيش الليبي لعملياته العسكرية على أكثر من جبهة.وقالت شعبة الإعلام الحربي في تدوينة لها بموقع "فيسبوك" أن القوات المُسلحة تواصل استهداف قوات الوفاق مؤكدة أنها تتقدم وتُبسِط السيطرة على تمركزاتٍ جديدة في كافة المحاور بدءاً من العاصمة طرابلس، مروراً بمحاور غرب مدينة سرت حتى تخوم مدينة مصراته.


وشنت مقاتلات سلاح الجو الليبي، صباح الخميس، غارات على مواقع ميليشيات حكومة الوفاق جنوب مدينة مصراتة، فيما تقدمت الوحدات الأرضية باتجاه المدينة بعد سيطرتها على بلدتي الوشكة والهيشة 100 كم عن مصراتة.ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري عن مصادر عسكرية قولها إن سلاح الجو قصف أهدافا في منطقة السدادة الاستراتيجية، وأوقع خسائر فادحة في صفوفها.
وأكدت المصادر أن القصف دمر عدة آليات في كوبري السدادة وخلف عشرات الإصابات في صفوف عناصر الميليشيات.وأشارت إلى أن وحدات عسكرية تقدمت "إلى المكان المعلوم"، دون تفاصيل إضافية، فيما نشرت الكتيبة 134 حماية قاعدة الوطية الجوية فيديو للتقدم الجديد.
وسيطر الجيش الوطني يوم الإثنين على مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس و250 كلم على مصراتة)، التي كانت تحت سيطرة "قوة حماية وتأمين سرت" التابعة لقوات حكومة الوفاق.وحاولت الوفاق التحشيد بهدف استعادة مدينة سرت لكن العديد من المتابعين للشان الليبي أكدوا أن هذه المحاولات ستكون فاشلة كون الجيش الليبي مستعد كما أن طبيعة المنطقة تسمح لطيران الجيش باستهداف أي قوات تحاول الهجوم على المدينة.


وبعد سيطرته على سرت باتت مدينة مصراتة المعقل الأساسي للوات الموالية لحكومة الوفاق في مرمى الجيش الليبي الذي أعلن عن تقدمه نحو المدينة بهدف تحريرها.وقال العميد خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني الليبي، إن قوات الجيش تتقدم نحو مصراتة، بعد سيطرتها على مدينة سرت.

وأضاف المحجوب في تصريحات تلفزيونية، مساء الأربعاء، أن قوات الجيش "لديها إصرار كبير على استمرار القتال، حتى تحقيق النصر".وأشار إلى أن قوات الجيش سيطرت في معركة سرت على 21 مدرعة مصفحة، وما يقرب من 60 دبابة، مشيرًا إلى وجود قتلى وإصابات عديدة بين صفوف المرتزقة الأتراك.وأكد أن "القوات تتقدم في اتجاه مصراته، التي أصبحت بين فكي كماشة الجيش الوطني الليبي"، بحسب تعبيره.

 وبالتزامن مع ذلك،أعلنت الكتيبة 604 مشاة،اليوم الخميس،انشقاقها عن قوات الوفاق وانضمامها للقوات المسلحة الموجودة على تخوم مدينة مصراتة بعد اتهامها بالخيانة من قبل قيادات مسلحي الوفاق بمدينة مصراتة.ونفت الكتيبة، في بيان لها، ما تداولته وسائل الإعلام من اتهامات للكتيبة بالغدر وخيانة العهد من قبل بعض قيادات مدينة مصراتة مؤكدة أنها كذب وتزوير وقلب للحقائق وتبرير الهزيمة بمبررات واهية مردفا، أن دخول الجيش لم يخفى على أحد بل كان منشور حتى في وسائل التواصل الاجتماعي قبلها بيوم وقامت قوة الحماية بالتحشيد والاشتباك.


وحثت الكتيبة أهالي مصراتة على عدم تسليم مصير المدينة وأهلها إلى الحمقى الذين يسعون لتحقيق مصالحهم الشخصية تحت ستار العصبية القبلية، مشيرةً إلى أن مصراتة من أكثر المدن خسارة في الأرواح والتجارة والعلاقات بسبب استخدام هؤلاء العملاء لطاقات المدينة في تحقيق أهدافهم الوضيعة تحت الستار القبلي بحجه أنهم لا يريدون لأحد أن يحكم البلاد من غير أهل مصراتة وهم في الحقيقة يقودون المدينة لموت بطيء يوماً بعد يوم.وفق البيان.
وبالتزامن مع هذه التطورات العسكرية،تواجه حكومة الوفاق خسائر على الجبهة السياسية،حيث أعلن القائم بالأعمال لدى سفارة ليبيا في جمهورية غينيا كوناكري صبري بركة، في الـ 7 من يناير، انشقاقه عن منصبه التابع لحكومة الوفاق، وانحياز سفارته إلى الحكومة الليبية المنبثقة عن البرلمان الليبي، بالتزامن مع تحرير مدينة سرت، التي كانت بؤرة للدواعش ومخطوفة من الوطن، بحسب قوله.

وخلال مقطع مصور نشرته الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية والتعاون الدولي بالحكومة الليبية، قال بركة، إن حكومة الصخيرات - في إشارة لحكومة الوفاق - استدعت الاستعمار التركي اعتقادًا منها بأنه سينقذها من غضب الشعب الليبي.وتابع: "شعب الليبي كلف القوات المسلحة وأعطاها الثقة، بقيادة المشير خليفة حفتر، بالدفاع عن الوطن وحمايته من الدواعش والإخوان المسلمين".
وفي 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي، قررت السفارة الليبية بالقاهرة تعليق أعمالها لأجل غير مسمى.وجاء ذلك بعد أيام من الإعلان عن توقيع حكومة الوفاق برئاسة السراج مذكرتي تفاهم أمنية وبحرية مع تركيا، وهو ما اعترضت عليه قوى ليبية باعتباره يمثل اعتداء على حقوقهم، وانتهاكاً لسيادة بلادهم، وتفريطاً بثرواتها لصالح الأتراك.


وسبق أن أعلن القائم بأعمال السفارة الليبية في جمهورية أفريقيا الوسطى حسين محمود بدر انشقاقه عن حكومة الوفاق وانحيازه بكامل البعثة الدبلوماسية إلى ما تقوم به القوات المسلحة بتطهير البلاد من الإرهاب والمليشيات.وطالب السفير بدر حينها عبر تسجيل مرئي من مقر السفارة بالعاصمة "بانجي" كافة البعثات الدبلوماسية الليبية بالخارج بالانحياز إلى شرعية الدولة ودعم القوات المسلحة متهما حكومة السراج بالتحالف مع الجمعات الإرهابية والغرق في الفساد المالي والإداري.

وتزيد هذه الانشقاقات من تأزم وضع حكومة الوفاق مع تعالي الاصوات المنادية بسحب الشرعية الدولية منها خاصة بعد استجلابها للغزو التركي للأراضي الليبية وفتحها الباب أمام المرتزقة الذين تنقلهم أنقرة لدعم قوات الوفاق.وصوت مجلس النواب الليبي بالإجماع الأسبوع الماضي على مطالبة مجلس الأمن بسحب الاعتراف بحكومة السراج.
وعلى الصعيد الشعبي خرجت مظاهرات منددة بحكومة السراج وبالاتفاقية الباطلة، حيث تظاهر الآلاف فى عدد من المدن الليبية لتأكيد تمسكهم بمجلس النواب كممثل شرعى وحيد لهم،دعما للقوات المسلحة الليبية ضد الغزو التركي الذي يسعى لتثبيت أقدام حلفائه من جماعة "الاخوان" في السلطة لاستمرار نهب ثروات ليبيا.


 وفتحت حكومة السراج ومن ورائها جماعة "الاخوان" الباب أمام مساعي أردوغان لنشر الفوضى في البلاد وذلك عبر المرتزقة الموالين لأنقرة.وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، ارتفاع عدد المرتزقة الموالين لتركيا في ليبيا إلى أكثر من  1250 بعد وصول أكثر من 250 مقاتل في الدفعة الأولى لـ"فيلق الشام" مؤكدا أن 2000 مقاتل آخرين يستعدون للانتقال إلى ليبيا.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن في تصريح لـ "بوابة إفريقيا الإخبارية"، إن المرصد علم"أن نحو 260 مقاتلا بينهم ضابط برتبة نقيب من الفصائل الموالية لتركيا، توجهوا ليل الثلاثاء إلى ليبيا للقتال إلى جانب صفوف قوات حكومة الوفاق المدعومة من جانب تركيا".وأضاف أن المصادر أكدت "أن المقاتلين جميعا من فصيل فيلق الشام وغالبيتهم من مهجري مدينة حمص، كما أنه يجري التجهيز لنقل 300 مقاتل من "يلق الشام بعد عدة أيام إلى ليبيا".

ووضعت حكومة الوفاق نفسها في مأزق دولي بانخراطها في المخطط التركي لغزو ليبيا.وأكد وزراء خارجية مصر وفرنسا وقبرص واليونان،فى بيان مشترك صدر فى ختام اجتماعهم بالقاهرة بمشاركة وزير خارجية إيطاليا فى إطار استشارى، أن توقيع مذكرات التفاهم فى نوفمبر الماضى بين تركيا ورئيس حكومة طرابلس فايز السراج يشكل انتهاكًا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة والقانون الدولى، مؤكدين على أن هذه المذكرات قد قوضت الاستقرار الإقليمى، وتعتبر باطلة ولاغية.


ويبدو واضحا أن الفشل العسكري والسياسي الذي يلاحق السراج وحكومته بات واضحا وجليا وكشف عنه الارتباك الكبير في صفوف مسؤوليها وتصاعد وتيرة الخلافات بين المليشيات الموالية لها.ويؤكد مراقبون أن حكومة السراج تجني ثمار تعويلها على الأجندات التركية المشبوهة وتفريطها في السيادة الوطنية.وفي المقابل تزايد الدعم الشعبي للجيش الليبي الذي يقف في وجه المخططات التركية وأجندات جماعة "الاخوان"،ويسعى لتحرير الأراضي الليبي من سطوة المليشيات والتنظيمات الارهابية.