من بين قائمة طويلة جدا من الأزمات والمشكلات التي يعاني منها المواطن الليبي في أغلب المدن والمناطق الليبية، تطرح أزمة القطاع الصحي كإحدى أكثر التحديات التي تواجه المواطنين، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد منذ سنوات، على وقع الصراعات والانقسامات بين الفرقاء الليبيين وغياب دولة مستقرة قادرة على مواجهة التحديات وتوفير أحسن الظروف المعيشية للمواطن.

ويعاني قطاع الصحة من واقع مأساوي، وخاصة في منطقة الجنوب الليبي، وسط حالة التناسي والإهمال التي تعاني منها المنطقة منذ سنوات، وفي ظل الغياب الكامل لمؤسسات الدولة الأمنية والخدمية،فالفوضى الأمنية هي صاحبة الكلمة العليا في الجنوب الليبي، حيث يتصاعد بين حين وآخر توتر أمني بين الجماعات المسلحة في صراع مكرر، ما يهدد حياة المواطنين، علاوة على انتشار العصابات والتنظيمات الارهابية.

أزمة الجنوب الليبي التي غطت عليها أداث الصراع المستمر منذ أشهر في العاصمة الليبية طرابلس بين قوات الجيش الوطني الليبي من جهة والقوات الموالية لحكومة الوفاق من جهة أخرى،عادت للظهور الى واجهة الأحداث في ليبيا على وقع تصاعد خطر تفشي فيروس "كورونا" الذي بات يشكل مصدر هلع ورعب في كامل أنحاء المعمورة.

وبالرغم من عدم تسجيلها لأي حالة اصابة بفيروس "كورونا" إلا أن خبراء يحذّرون من أن تفشي الوباء في ليبيا قد يؤدي إلى تداعيات كارثية بسبب النظام الصحّي المتداعي في البلاد.وإتخذت السلطات في شرق وغرب ليبيا اجراءات احترازية مع اعلان فرض حظر التجوال وتوفير مراكز ايواء وسط اتهامات بنسيان الجنوب. 

ففي تدوينة له على موقع "فيسبوك"،اعتبر رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن (فزان) الليبية، علي بوسبيحة، أن الجنوب الليبي يعاني من التهميش مؤكدا أنه أصبح نسيا منسيا بعد وفاة الزعيم الراحل معمر القذافي.وقال بوسبيحة في تدوينته "يا أهل فزان الزموا بيوتكم أو احفروا قبوركم ليس لكم خيار آخر فإنكم خارج تغطية حكوماتكم".

واتهم بوسبيحة السلطات في شرق وغرب البلاد بنسيان الجنوب،قائلا أن "حكومة غربستان جهزت خمسة مراكز إيواء وساعية للمزيد ليس فيها مركز واحد في فزان وحتى جهاز التحليل المخصص لكم (الجنوب) حول إلى جهة أخرى" مردفا "حكومة شرقستان جهزت غرف انعاش بمستشفى الهواري بها 100سرير وجارى تجهيز مراكز أخرى وتعقم في شوارع البيضاء كوسيلة وقائية لان الوسائل العلاجية جاهزة لديهم".

وأعلن المجلس الرئاسي التابع لحكومة الوفاق تخصيصه نصف مليار دينار لمنع انتشار هذا الوباء، وإغلاق المنافذ البرية والجوية لمدة ثلاثة أسابيع ابتداء من السادس عشر من مارس الجاري، فضلا عن إعلانه حالة الطوارئ والتعبئة العامة لمواجهة فيروس كورونا المستجد،فيما استثنت الجنوب الليبي من اجراءاتها.

وكان رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن فزان الليبية،تحدث في وقت سابق عن حادثة الاستيلاء على جهاز للكشف عن فيروس كورونا ثم تخصيصه للجنوب.وقال أبو سبيحة "استحضرت هذا الكلام على خلفية تخصيص جهاز فحص كورونا لمدينة سبها وبقدرة قادر تم تغير وجهته إلى مدينة يفرن والأدهى والأمر أن هذا التغير حسبما سمعت تم بالقوة" مردفا "لان سبها ليس لها قوة تحميه حتي يصل إليها".

وتساءل "هل هناك احتقار وازدراء وتهميش اكثر من هذا؟ وهذه الواقعة تعد هينة أمام غيرها من الوقائع التي لاتعد ولا تحصى؟".وزاد "إن مثل هذه التصرفات لا تزيد الشباب إلا حنقة واحتقانا وانتقاما وردات فعل قوية ستنكرونها عليهم وانتم من تسبب فيها".وختم بالقول "اتقوا الله في فزان التي تتعمدون حرمانها وانتم تتمتعون بخيراتنا. والا ستفاجؤن يوما ضياعها منكم ولا تجدون حتى من يبادلكم الحديث".

ونظم فريق الاستجابة السريعة بمركز سبها الطبي،الاربعاء، محاضرة توعوية وتثقيفية عن فيروس كورونا، بقاعة المركز في مدينة سبها.واستهدفت المحاضرة، الكوادر الطبية والطبية المساعدة بالمركز، لتوعويتهم وتثقيفهم عن الفيروس وعملية إنتقاله وطرق الوقاية منه.وألقى المحاضرة أخصائي أمراض الأطفال بالمركز، وعضو فريق الإستجابة السريعة، الدكتور جميل الأماني، بحسب ما أعلنه مكتب الإعلام والتثقيف الصحي بمركز سبها الطبي.

ودون إمكانات تذكر يواجه الجنوب الليبي، الذي يتشارك في حدود برية مفتوحة مع عدة دول أفريقية تتوافد منها قوافل الهجرة غير الشرعية، خطر تسلل فيروس "كورونا المستجد".وتعتبر جبهة الجنوب الليبي، من أكثر الجبهات تأثرا بحالة الفوضى السياسية والأمنية التي عصفت بالبلاد منذ سنوات، حيث ظلت هذه المنطقة تعاني من انعدام الاستقرار، وترزح تحت وطأة النزاعات الأهلية، ونقص الخدمات الأساسية، وتفشّي التهريب، وانقسام المؤسسات أو انهيارها، نتيجة بقائها على هامش الحياة السياسية.

وتأتي معاناة الجنوب وسط معاناة ليبيا من أزمة سياسية حادة حيث مازالت الصراعات بين الفرقاء تلقي بظلالها على الوضع في بلد يعاني منذ سنوات من غياب تام للإستقرار مع تواصل الاشتباكات في طرابلس.ودعت الخارجية الأميركية، اليوم السبت، الأطراف المتصارعة في ليبيا إلى تعليق العمليات العسكرية.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس في تغريدة على تويتر "آن الأوان لجميع الجهات الفاعلة في ليبيا، بمن فيهم قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر، أن تقوم بتعليق العمليات العسكرية ورفض التدخل الأجنبي وتمكين السلطات الصحية من مكافحة وباء كورونا".

وكانت الأمم المتحدة وتسع دول دعت في وقت سابق أطراف النزاع في ليبيا إلى وقف الأعمال العدائية من أجل تمكين الأجهزة الطبية المحلية من الاستجابة سريعاً.ودعا سفراء الجزائر وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وبعثة الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا كما وحكومتا تونس والإمارات إلى "إعلان وقف فوري وإنساني للقتال".

وأعلنت الصين انضمامها إلى النداء الدولي لجميع أطراف النزاع في ليبيا لإعلان الوقف الإنساني الفوري للقتال وكذلك وقف نقل جميع المعدات العسكرية والأفراد العسكريين إلى ليبيا من أجل تمكين سلطات الصحة العامة من الاستجابة لوباء كوفيد-19.وتأتي هذه الدعوات بهدف توحيد الجهود في ليبيا لمواجهة خطر الفيروس الذي بات يثير الرعب عالميا.

ورحب الجيش الليبي بالدعوة الصادرة بخصوص وقف القتال لأغراض إنسانية للاستجابة لوباء كورونا.وقال بيان الجيش الليبي "القيادة العامة أكثر الأطراف التزاما بوقف القتال، رغم الخروق المتكررة وعدم الالتزام بها من قبل الميليشيات والمرتزقة الذين لا يحترمون المعاهدات والمواثيق الدولية.

وأضاف بيان الجيش "القيادة العامة كانت ولا تزال تنظر لكل الجهود الدولية الرامية لتحقيق السلام وإيجاد التوافق بين الليبيين بشكل إيجابي، حيث سبق لنا الانخراط في عدة محافل واجتماعات دولية، ومازلنا نرحب بكل جهد يصب في هذا الاتجاه، وبما يضمن تفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها وطرد المرتزقة الأتراك والسوريين من ليبيا والقضاء على الإرهاب

وحمل الجيش الليبي بعثة الأمم المتحدة، والأطراف الراعية لمؤتمر برلين، "المسؤولية المباشرة في إلزام حكومة الوفاق منتهية الصلاحية، وكذلك تركيا ومرتزقتها بوقف الأعمال العدائية، باستمرارهم في نقل المرتزقة الإرهابيين إلى طرابلس".أما فيما يتعلق بإغلاق الموانئ والحقول النفطية، أكد بيان الجيش الليبي أن "القبائل الليبية هي المعنية بهذا الأمر، وذلك بسبب استخدام حكومة الوفاق غير الشرعية لعوائد النفط في تمويل الميليشيات واستجلاب الأسلحة والمرتزقة الإرهابيين".

ويعاني العالم من أزمة صحية بسبب فيروس كورونا أو كما يطلق عليه "كوفيد 19" ولديه قدرة كبيرة على سرعة الانتشار وانتقال العدوى بين آلاف الأشخاص.وكشفت آخر الإحصائيات ليوم السبت 21 مارس/آذار 2020 عن ارتفاع العدد الكلي للمصابين إلى 275 ألفًا و452 شخصًا، ووصل عدد الوفيات إلى 11 ألفًا و402 شخص، بينما ارتفع عدد المتعافين لنحو 88.258 شخصًا.