تلقى فريق الإعداد الصحافي للفيلم الوثائقي “غرف سوداء.. عودة التنظيم السري لحركة النهضة” التونسية استدعاءً للتحقيق، بعد أشهر من عرض الفيلم في قناة “تونسنا” المحلية وقناة “العربية”.

تم استدعاء كل من الصحافيين أحمد نظيف ومراد السليمي ومحمد ياسين الجلاصي وأحمد نضال العازم ومخرج البرنامج، للتحقيق معهم يوم 17 من فبراير الجاري

وقال الصحافي أحمد نظيف، المشارك في إعداد البرنامج الاستقصائي “غرف سوداء.. عودة التنظيم السري لحركة النهضة”، إن فريق البرنامج تلقى استدعاء للتحقيق من قبل إحدى الفرق الأمنية في تونس، معتبرا إياها فرصة لإعادة فتح ملف الجهاز السري للنهضة أمام الرأي العام وأمام القضاء.

واعتبر نظيف، إلى أن حركة النهضة لديها هوس وخوف من تاريخها، مضيفا أنها تحاول جاهدة عرقلة كل من يقترب من هذه الملفات بكل الوسائل.

وتابع نظيف: "أتمنى أن يقتصر الأمر على المحاكمة ولا يصل إلى الإيذاء الجسدي"

وحول الوثائقي، أوضح نظيف “اشتغلنا على ملف موجود ونعتقد أنه مهم ومدعّم بالوثائق اللازمة، وهو الجهاز الخاص للحركة الإسلامية في تونس وانقلاب 1987،  عملت على ملف الجهاز الخاص للنهضة، شخصيا، في الثمانينات في كتاب نشرته في العام 2017”.

ويتحدث الفيلم الوثائقي الذي عُرض على قناة “تونسنا” في يونيو الماضي، وقناة “العربية” في سبتمبر الماضي، عن تورط 26 شخصية من وزراء وأمنيين ومدنيين وقيادات في حركة ”النهضة”، وفقاً لـ "أحمد نظيف"




ويعرض الفيلم مستندات سرّية ومن خطّط ونفّذ اغتيال الزعيمين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهيمي، إبّان حكم الترويكا، بقيادة حركة النهضة الإسلامية، وكيف سعت حركة النهضة إلى عرقلة التحقيق وقتها”. مبينا أن “أفرادا من حركة أنصار الشريعة التي كانت متحالفة مع حركة النهضة اعترفوا بتنفيذ الاغتيالين..

ولم يعرف الطرف الذي أمر وخطّط لمقتل الزعيمين السياسيين، وخصوصا أن اليساري شكري بلعيد كان من أشدّ أعداء الحركة الإسلاميّة، وقبلها بعام، تم صدفة اكتشاف مخزن كبير من وثائق مسروقة من وزارة الداخلية التونسية وأجهزة تجسس وتنصّت، وكمبيوتر تضمّن تقارير أمنيّة خطيرة”.

ومنذ أكتوبر 2018، تطالب هيئة الدفاع بالكشف عن تورط جهاز سري تابع لـ”النهضة” في ملف الاغتيالات السياسية بعد الثورة عام 2011.

وبعد أن عرضت قناة "العربية" الفيلم الوثائقي في سبتمبر الماضي، قالت حركة النّهضة إنها قررت مقاضاة القناة السعودية، إثر بثها الفيلم، ونشرت فريدة العبيدي عضو حركة النهضة فيديو على الصفحة الرّسمية للحركة في فيسبوك قالت فيه إن “النهضة ممثلة في مكتبها القانوني، قررت اتخاذ الإجراءات القانونية من أجل مقاضاة قناة العربية بعد بثها وثائقيا حول التنظيم السري المزعوم”. وأضافت “النهضة تعتبر ما ورد في الوثائقي كذبا وافتراء وتدخلا في الشّأن الداخلي لتونس"

ورفضت قنوات تونسية أخرى بث الفيلم، وفسّر مراقبون أن هذه القنوات تخشى ملاحقة النهضة والمضايقات التي قد تتعرض لها من قبل أنصار الحركة، خصوصا أن العديد من الصحافيين التونسيين تعرضوا لتهديدات ومضايقات بسبب مواقفهم وتقاريرهم ضد النهضة، وقد تحدثت نقابة الصحافيين مرارا عن هذه التهديدات.

وأكد نظيف، أن حركة النهضة تقوم ومنذ سنوات باستخدام سياسة الترهيب بالملاحقة والترغيب بالعطايا والنفوذ، مع وسائل الإعلام والصحافيين.

وأكد عدد من الناشطين الحقوقيين وممثلي نقابة الصحافيين التونسيين أنهم سينضمّون للصحافيين لمساندتهم في التحقيق على خلفية قضية جزائية ما يتعارض مع حقوقهم وما ورد في المرسوم 115، معربين عن رفضهم لهذه الممارسات الرامية لعرقلة العمل الصحافي وتهديد الصحافيين والتحريض ضدهم لمنعهم من كشف الحقائق وإطلاع الرأي العام على القضايا الخطيرة.

وجددت النقابة “رفضها أيّ ضغوط على الصحافيين أو الهيئات المهنية، من أيّ طرف كان”. وأوضحت أنها “معنيّة بالدفاع عن حرية التعبير وحرية الإعلام، لا فقط كمبادئ دستورية، بل كإطار مجتمعي فعليّ للحوار والنقاش العام يستفيد منه كل أطراف الساحة السياسية والمجتمعية”.

واعتبرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين أن في بيان حركة النهضة “تصعيداً في لغة الخطاب السياسي تحاول فيه جر الصحافيين إلى ساحة معركة ليسوا معنيين بها وتمضي إلى التلويح بالملاحقة القضائية للمخالفين لها في اتجاه خلق مناخ من الاحتقان والاصطفافات”. وأضافت النقابة، “إنّ تهديد الصحافيين والتحريض ضدهم وتخويفهم بالملاحقات القضائيّة لا يصبّ سوى في دائرة الترهيب وتكميم الأفواه والحدّ من هوامش حرية التعبير والصحافة خاصة، وقد أكدت التجربة التونسيّة أكثر من مرة أنّ صحافة حرة تقوّم أخطاءها وإخلالاتها أفضل بكثير من صحافة التعليمات والتعتيم والبروباغندا، وأنّ نقاش الفعل الصحافي مكانه وسائل الإعلام والفضاء العام وليس ساحات المحاكم”.

وكتب الصحافي مهدي الجلاصي منشورا على صفحته في فيسبوك، قال فيها “تم استدعائي مع فريق إعداد الفيلم الوثائقي ‘غرف سوداء’،  والصديقين العازم ونظيف للتحقيق لدى فرقة العوينة الاثنين الـ17 من فبراير. ولا نعلم من قدم في حقنا الشكاية لكنها تتعلق بالفيلم الوثائقي الذي يروي قصة الغرفة السوداء بوزارة الداخلية والتي أثبت القضاء وجودها”.

وأضاف “لكن هل يعقل في هذه الدولة أن يتم اعتبار اثنين من الصحافيين ومخرج ذوي شبهة لأنهم اشتغلوا فيلما!؟ هذا الفيلم تم إعداده في 2019 مع شركة ‘أفروميد ميديا’ للإنتاج الإعلامي لصاحبها ماهر عبدالرحمان”. ونوّه قائلا “تلقينا الاستدعاء منذ يومين ولم أكن لأعلم بهذا لولا أن بعض الأصدقاء نشروا الخبر”.

وسبق أن أصدرت حركة النهضة بيانا أعلنت فيه اعتزامها رفع دعاوى قضائية ضد صحافيين، وقالت فيه إنّ القرار يأتي “أمام تتالي الحملات التشويهية الممنهجة ضد حركة النهضة، وأمام تمادي بعض الأصوات الإعلامية في إلحاق التهم الباطلة والتعريض بالحركة والتحريض على قياداتها والشحن ضد أعضائها وأنصارها”.