أعادت حادثة اختطاف و ذبح دركي تونسي،في منطقة الطويرف من ولاية الكاف (شمال غرب) الحدودية مع الجزائر،إلى الواجهة الجدل حول حقيقة تواجد فرع لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)في تونس،بعد أن تأكد وجود فروع للتنظيم في كل من ليبيا و الجزائر.هذا الجدل غذته الطريقة التي قتل بها الدركي التونسي و هي الذبح.طريقة عرف بها تنظيم الدولة الإسلامية من خلال ما ينشره من فيديوهات على شبكة الانترنت تظهر عمليات ذبح فردي و جماعي تطال المدنين و العسكريين في سوريا و العراق.
فهذه المرة الأولى التي يتم فيها اختطاف رجل أمن تونسي على يد مجموعة جهادية و ذبحه.فالعمليات السابقة التي نفذتها هذه المجموعات في السابقة كانت كلها تعتمد تكتيك الإغارة و الكمائن و الألغام.حيث يتم الهجوم على عناصر عسكرية عاملة في مواقعها أو نصب كمائن لها أثناء عمليات التمشيط في المناطق الجبلية.مما يشكل نقلة نوعية في التكتيكات المعتمدة من طرف الجماعات الجهادية و سلاح جديد يدخل دائرة الصراع.البصمات الداعشية للعملية ألقت الكثير من الخوف لدى قطاعات واسعة من الرأي العام التونسي.و لكن هل لــ"داعش" تنظيم في تونس أم أنها حاضرة بأسلوبها و فكرها فقط ؟؟

داعش الجزائر و داعش تونس..تنظيم واحد برأسين

في أواخر سبتمبر/أيلول الماضي أعلنت جماعة عقبة بن نافع ،الجهادية التونسية،مبايعتها لتنظيم الدولة الإسلامية.ودعته "إلى التقدم وتحطيم عروش الطغاة في كل مكان"، بحسب بيان لها. وكانت هذه الجماعة جزءا من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.وجاء في بيان للجماعة، إن "الإخوة المجاهدين في كتيبة عقبة بن نافع (..) يدعمون بقوة ويبايعون تنظيم الدولة الإسلامية ويدعونه إلى التقدم وتجاوز الحدود وتحطيم عروش الطغاة في كل مكان".وكانت "كتيبة عقبة بن نافع" تعلن حتى الآن أنها جزء من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.في نفس اليوم الذي بايعته جماعة عقبة بن نافع "داعش" أعلنت جماعة "جند الخلافة في أرض الجزائر" انشقاقها عن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ومبايعة زعيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، متهمة تنظيم القاعدة بـ"الحياد عن جادة الصواب" لعدم مبايعته لـ"داعش".و ذلك ما يوحي بوجود تنسيق أو مشاورات جرت بين تنظيمان كانا ينتميان للقاعدة في بلاد المغرب.خاصة و أنهما ينشطان في نفس المجال الجغرافي،جبال الشرق الجزائري و المنطقة الجبلية الغربية في تونس على الحدود بين البلدين.و في ذات السياق،كشفت الأجهزة الأمنية التونسية في أكثر من مرة عن وجود عدد كبير من العناصر الجزائرية في جماعة عقبة بن نافع،حتى أن قائد المجموعة يدعى يحى الجزائري.
في السياق نفسه ،تمكنت قوات الجيش الجزائري في منتصف أكتوبر الماضي، من اعتقال قيادي بارز في جماعة جهادية تونسية موالية لتنظيم "داعش" الذي يسيطر على مساحات واسعة في سوريا والعراق.وقالت مصادر أمنية جزائرية أن "قوة متخصصة في مكافحة الإرهاب بالجيش الجزائري اعتقلت فجر الأربعاء صفي الدين الموريتاني وهو عضو قيادي في كتيبة عقبة بن نافع التابعة لتنظيم القاعدة التي تنشط في تونس، وأعلنت الولاء لتنظيم داعش مؤخرا".وتابعت: "اعتقل المطلوب على متن سيارة في كمين (نقطة تفتيش) أمني بطريق يربط الجزائر العاصمة بمدينة ورقلة في الجنوب الشرقي للبلاد".وأضاف المصدر أن "صفي الدين موضوع على لائحة المطلوبين للأمن في 6 دول هي الجزائر وموريتانيا ومالي والنيجر وتونس وفرنسا، وكان ينشط في مالي قبل أن يتسلل مع مجموعة من الجهاديين التونسيين إلى تونس ومنه إلى الجزائر منذ نحو عام".المصدر لفت إلى أن "صفي الدين كان محل متابعة منذ تسلله إلى الجزائر عبر الحدود مع تونس، وكان ينوي التوجه لشمال مالي"، حيث ينشط تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي.
بنفس الطريقة و بذات الأسلوب،كانت جماعة جند الخلافة قد أجهزة على رهينة فرنسي بقطع الرأس، بحسب مقطع فيديو بثته الجماعة،على الإنترنت.وكانت جماعة "جند الخلافة في الجزائر"، أعلنت في شريط فيديو نشر على مواقع جهادية ، مسؤوليتها عن اختطاف غوردال في منطقة تيزي وزو شرق العاصمة الجزائر، ودعت الرئيس الفرنسي إلى وقف حملته العسكرية ضد "داعش" خلال 24 ساعة، مقابل إطلاق سراح الرهينة.

داعش ليبيا..نوايا البقاء و التمدد

شرقا،أصبح لــ"داعش" إمارة في مدينة درنة الليبية تتوق للتمدد و الالتحام بدواعش تونس و الجزائر و تحقيق حلم ولاية المغرب الإسلامي الكبير.في 24 نوفمبر الماضي،نشرت صحيفة دير شبيغل الألمانية تحقيقا مهما عن دواعش الشمال الإفريقي تحت عنوان"صار لديها دولة وشاطئ: داعش تتمدد في شمال أفريقيا".فدرنة تحولت الى عاصمة هذه الدولة الافتراضية الكبيرة،حكم درنة اليوم بضعة ميليشيات، أهمها مجلس شورى شباب الإسلام، والذي تأسس بعد الثورة وانفصل عن أنصار الشريعة التي بايعت داعش في درنة - درنة فقط، لا بنغازي -، كانت بداية الاتصال بداعش وصول مجموعة ممن قاتلوا في سوريا، والمعروفين باسم كتيبة البتّار، إلى درنة، وقيامهم بالسيطرة عليها عبر قتل مجموعة مختلفة من السياسيين والقضاة والمحامين وقادة الميليشيات المنافسة، في سبتمبر، أرسلت داعش أميرًا إلى المدينة، وهو يمني اسمه "محمد عبد الله"، وفي أكتوبر تم عقد اجتماع بين مقاتلين من داعش وقيادات مجلس شورى شباب الإسلام، والتي أعلن فيها الأخير عن تحالف الطرفين، وتأسيس "ولاية برقة".
و يشير تقرير الدير شبيغل إلى أن "الميليشيات تطارد أي طرف يقوم بانتقادها، حتى ولو ببضع كلمات على الفيسبوك، فقد تم إعدام ثلاثة نشطاء مُعادين لداعش أمام عدسات الكاميرا بلا رحمة، وإعدام مُتهم بالقتل في ملعب لكرة القدم، بينما يتم باستمرار جلد أي مشتبه في أمره، ولا تختلف كثيرًا معاملة داعش للإسلاميين، فقائد أنصار الشريعة في بنغازي، والذي رفض مبايعة داعش، مفقود منذ ذلك الحين، وعلى الأرجح تم قتله، في حين نجح قائد ميليشيا آخر في الفرار واللجوء إلى تركيا".
و يضيف التقرير "تدير الميليشيات أربعة معسكرات على مشارف درنة تقوم فيها بتدريب الأجانب للقتال في سوريا، حيث تكثّفت جهود الجهاديين هنا أكثر من بنغازي منذ نجاح قوات الجنرال خليفة حفتر في السيطرة على بعض أجزاء بنغازي، هذا وعاد بعض المقاتلين من سوريا لدعم إخوانهم هنا، ويُعتقد أنهم أسسوا مخازن للسلاح في الجبال المُطِلة على درنة، ويمتلكون قذائف قصيرة المدى في مخزن تابع لمصنع ملابس."