تراهن التنظيمات الجهادية وخصوصا منها، تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف اختصارا بـ”داعش”، على شباب المغرب العربي الكبير، الذي يشارك بأعداد غفيرة في القتال ضدّ نظام بشّار الأسد. فالعديد من الشباب المغاربي الخاضع إلى الفكر التكفيري ينساق وراء الجهاديين ويسهل استغلاله في تنفيذ الأعمال الإرهابية.

أكّد لطفي بن جدو، وزير الداخلية التونسي، أن 2400 تونسي يقاتلون إلى جانب جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” في سوريا.

وقال بن جدو في تصريحات إعلاميّة، “ليس لنا علاقات دبلوماسية مع سوريا ولكن جل ما جمعناه يفيد بأنّ 2400 شاب تونسي قصدوا سوريا للقتال إلى جانب جبهة النصرة وداعش”.

يذكر أن المنصف المرزوقي، رئيس الجمهورية التونسي المؤقت، أعلن في 4 فبراير 2012، طرد السفير السوري من تونس، وبدء إجراءات سحب أي اعتراف بالنظام القائم في سوريا، احتجاجا على ما وصفها بـ”الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد في حق الشعب السوري”.

وأثار القرار ردود فعل متباينة سواء على مستوى الأحزاب أو منظمات المجتمع المدني، وخاصة في ما يتعلّق بتداعيات القرار على وضع الجالية التونسية بسوريا. وأضاف بن جدو أن وزارته منعت ما بين 8700 و8800 تونسي من السفر إلى سوريا، دون أن يوضح الفترة التي تمت فيها عمليات المنع.

وقال “إن الإرهابيين المتحصنين ببعض الجبال التونسية ينتمون إلى تنظيم القاعدة”، وأوضح أن التجاذبات السياسية بين الأحزاب تمثل مناخا مناسبا لنمو الأنشطة الإرهابية.

وكان بن جدو قد أعلن في تصريحات إعلامية سابقة القبض على 293 ضالعا في شبكات تسفير شباب تونسيين إلى بؤر القتال، وتم منع أكثر من 8 آلاف شاب وشابة تونسيين من السفر إلى سوريا خلال العام 2013.

يشار إلى أن الجلسة العامة المخصصة للحوار مع الحكومة حول الوضع الأمني في البلاد، حضرها كل من وزير الداخلية لطفي بن جدو، ووزير الدفاع الوطني غازي الجريبي، ووزير العدل وحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية حافظ بن صالح، إضافة إلى كلّ من مدير الأمن الوطني وآمر الحرس الوطني ورئيس أركان الجيش الوطني.

واعتبر فيصل الشريف، رئيس المجلس العلمي في المركز الدولي للدراسات الاستراتيجيّة الأمنية والعسكرية، أن “التحدي الأهم الذي تواجهه البلاد في هذه المرحلة هو عودة الشباب التونسي المنتمي إلى الجماعات الإرهابية سواء في سوريا أو في العراق، وما سيخلفه من تهديدات أمنية مباشرة للبلاد”.

وقال الشريف على هامش ندوة دولية حول الأمن الحدودي في منطقة الساحل، أمس، “إن التونسيين المنتمين إلى الجماعات الإرهابية سيجدون فراغاً كبيرا ما سيجعلهم ينحازون نحو نشر مشروعهم الإرهابي وزعزعة استقرار البلاد وأمنها”.

وأضاف أنّ “العنصر المهم في مقاومة الإرهاب هو فكري بالأساس، لذلك يجب وضع حد لثقافة الموت وقتل الغير، وطرح بديل ثقافي لهؤلاء الشباب اليوم أكثر من أي وقت مضى.”

وفي سياق متصل، صرح محمد عيسى، وزير الشؤون الدينية في الجزائر، أن “مخابر إرهابية عالمية تجند الشباب الجزائري في المساجد في تنظيمات إرهابية مقابل مبالغ مالية”.

وأكد عيسى، خلال ندوة صحفية عقدها على هامش لقائه بأئمة العاصمة الجزائرية، أن السلطات ستتصدى لأية محاولة خارجية تهدف إلى زرع الفكر الطائفي والتكفيري بين الجزائريين، والتي عادة ما تختار المساجد فضاء لها.

وذكر أن هذه المخابر الإرهابية مثل الأحمدية والسلفية التكفيرية وما أسماه بـ”التشيع المتوحش”، موجودة عادة، خارج العالم العربي الإسلامي وتابعة لـ”دوائر الاستعمار الفكري الحديث”، وذكر أنها تنشط لصالح التنظيمات الإرهابية مثل داعش في العراق والشام.

وذكر أن هذه التنظيمات أو المخابر تجند الشباب مقابل مبالغ مادية، حيث تشوش على أفكارهم لتستغلهم في نشاطات جهادية إرهابية.

الجدير بالذكر أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام والمعروف اختصارا بداعش، هو تنظيم مسلح يُوصف بالإرهاب يتبنى الفكر السلفي الجهادي ويهدف أعضاؤه إلى إعادة “الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة”، ويمتد في العراق وسوريا.

ويرى مراقبون أنّه يسهل استقطاب الشباب المغاربي من قبل التنظيمات المسلحة للقتال في سوريا بسبب نقص الرقابة الأمنية على الحدود وغياب التنسيق بين دول الجوار.

كما يرون أن استقطاب مجندين شباب هو جزء من خطة لضخ دماء جديدة للمشاركة في الجهاد العالمي الجديد، ويعول المجندون الأجانب على الشباب المغاربي الذي يَنظُر إلى الأجانب من مُعتنقي الإسلام حديثًا، كـ”مسلمين قدوة”، ومثال على ذلك الفرنسي روبير ريشار (المكنى أبو عبدالرحمن) والذي تمكن من استقطاب العديد من الأتباع الشباب في المغرب قبل إيقافه في صلة بتفجيرات الدار البيضاء في مايو 2003.

 

*نقلا عن العرب اللندنية