مباشرة بعد عودته من الأراضي الليبية، يرسم مراسل فرانس 24، روميو لانغلوا، في حوار مع فريق تحرير موقع القناة على شبكة الانترنيت، واقع بلد يعيش حالة الفوضى منذ سنوات ويفتح مستقبله على جميع السيناريوهات.

يكشف مراسل القناة الفرنسية أن عدة عوامل ينبغي أن نأخذها في الاعتبار لفهم ما يحصل في ليبيا. أهمها التجاذب بين حكومتين، وزن الميليشيات في السلطة، التدخل الأممي، والوضع في دول الجوار، لكن العنصر الذي ينبغي ان يؤخذ بعين الاعتبار بشكل رئيس هو استراتجيات داعش في ليبيا.

بحسب لانغلوا أن أخطر ما يهدد ليبيا، هو تنظيم داعش الإرهابي، حيث أن أطماع المتطرفين لم تعد تقتصر على السيطرة على مواقع في البلد أو تهديد هذه الدولة العربية أو تلك، وإنما الدخول في حرب طويلة المدى مع الغرب، تحديدا فرنسا، القريبة من نافذتين؛ الأولى هي البحر الأبيض المتوسط والثانية هي قواعدها العسكرية المنتشرة جنوب ليبيا في التشاد والنيجر ومالي.

يرى لانغلوا أن الأطراف المتنازعة، خصوصا الميليشيات القوية مثل مصراتة أو الزنتان، وكذلك الجيش الليبي كان من الممكن أن تصل إلى حلول واتفاقيات فعلية لوقف النار لو لم يطرأ تهديد تنظيم الدولة الإسلامية. ويلاحظ المراسل الفرنسي هنا أنه خلال الأسابيع القليلة الماضية التي قضاها في ليبيا لم يلحظ معارك ضارية بين هؤلاء. لكن هذا الوضع لا يطمئن أحدا ولا يعني شيئا ملموسا.

ويلاحظ لانغلوا من جهة أخرى أن عناصر داعش منتشرون بشكل لافت في البلاد وأن العنصر الأفريقي بدأ يظهر بشكل ملحوظ إلى جانب المقاتلين العرب. وهو يرى أن مدينة سرت تمثل اليوم قاعدتهم، ويشدد على أن في هذا الأمر خطرا استراتيجيا كبيرا، فـ سرت مدينة/ميناء تفتح على البحر الأبيض المتوسط وتواجه كلا من ايطاليا واليونان ومالطا وتركيا وتونس علاوة على فرنسا بدرجة أقل، وهو أمر خطير باعتبار إنهم يمكن أن يستغلوا البحر في عمليات استعراضية قد تكون خطف بواخر أو عمليات قرصنة في الجزر المتوسطية وربما السواحل الأوربية.

العامل الثاني الخطير الذي يمثله التمركز في سرت هو قدرتها أن تتحكم في سوق البترول الليبي، وهو أمر ينبغي التفطن له وقد يعقد الوضع الليبي أضعاف ما هو معقد بسبب حيوية هذا القطاع الذي يمثل مصدر السيولة الأول في البلاد.

عامل ثالث خطير، وهو أن سرت تعتبر معقل القذافي، وبالتالي فإن أنصاره من الممكن أن يعتبروا أن تحالفا مع داعش سيمكنهم من الوصول مجددا إلى الحكم أو على الأقل تصفية حساباتهم تجاه من قام بإذلالهم في السنوات الأخيرة.  

يرى لانغلوا أن السلطات الليبية الرسمية بعيدة كل البعد عن القدرة للتصدي لداعش، رغم أنه يرى انه لو تهاون الجميع في أمر التنظيم اليوم فلا يمكن معرفة العواقب، فداعش تمتلك عددا كبيرا من الرجال ومن الأسلحة ولكنها داخل ليبيا لا تستفيد في الوقت الحالي من حركة إمداد قوية ولكنها بلا شك تعمل على انجازها لتأمين قدرتها القتالية في حال دخلت حروبا طويلة النفس. 

في آخر حديثه يتوقع لانغلوا أن تقوم داعش بعمليات كبيرة في لحظة معينة تختارها، ستكون هذه العلميات في شكل تصعيد يحاول أن يورط أنظمة، عربية وغربية في صراع مباشر معها، وهي إستراتيجية قد تفضي إلى أن تتحول ليبيا إلى ارض جهاد عالمية.