بالموازاة مع الإنجاز الميداني الذي حققه في العراق وسوريا، بات تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي في العراق والشام، يكسب مزيدا من الأنصار والموالين في منطقة المغرب العربي، بعد الاعترافات التي أعلنها عدد من الفصائل المرتبطة بتنظيم القاعدة، بأبي بكر البغدادي.

فقد أعلن جعفر عبد الخالق، أمير كتيبة “المؤمنون” المسلحة، الناشطة في الشرق الجزائري، أمس، والمقربة من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، عن مبايعته لمن أسماه “خليفة المسلمين في العراق والشام، أبا بكر البغدادي”، معلنا بذلك انشقاقه عن تنظيمه الأصلي. وقال في إعلانه: “أتبرأ إلى الله من كل من خالف أمير المؤمنين، إبراهيم” ويقصد به أبا بكر البغدادي.

وينضاف ولاء كتيبة “المؤمنون” لخليفة داعش إلى سلسلة الولاءات التي أعلنها عدد من القادة والكتائب المحلية لقاعدة المغرب الإسلامي، وعلى رأسها أبو عبدالله عثمان العاصمي، الذي كشف منذ أسابيع في أحد المواقع الإلكترونية عن تمرد واسع في التنظيم على قيادة عبدالمالك دردكال، والتحاقها بأبي بكر البغدادي.

وقال أبو عبدالله، الذي كان يشغل مهمة “الشرعي” (القاضي)، إنه “بعد النصح والبيان الذي بذلناه لقيادة قاعدة الوسط، مرارا وتكرارا، إثر الانحراف المسجل في مسارها، قررنا إعلان ولائنا لأمير المؤمنين في بغداد”.

وأضاف: “لأن القيادة لم ترجع إلى سبيل الحق انقيادا وامتثالا، أعلنا موقفنا منهم ومن منهج القاعدة عامة، وتبرأنا إلى الله من منهجهم السلمي ورايتهم التي صارت غير واضحة المعالم، وذلك قبل إعلان الخلافة الراشدة، حيث عزمنا على فراقهم ومفاصلتهم إلى أن يظهر الحق ويتبين".

وبقدر ما شكلت الانشقاقات المتتالية في صفوف قاعدة المغرب الإسلامي لصالح داعش، ضربات قاصمة لظهر أمير التنظيم، عبدالمالك درودكال، الذي أكد وفاءه للقائد المرجعي للقاعدة، أيمن الظواهري، بقدر ما شكلت المسألة هواجس أمنية حقيقية للسلطات الجزائرية، مخافة انتقال عدوى داعش من العراق إلى شمال أفريقيا.

وتتخوف الجزائر من وقوع موجة هجرة جديدة للجهاديين الجزائريين المتشددين والمغاربة عموما من العراق وسوريا، إلى المنطقة المغاربية، لاسيما في ظل المعلومات التي تتحدث عن آلاف الجزائريين والتونسيين، ومئات المغاربة الناشطين في الظرف الراهن، تحت لواء جبهة النصرة في سوريا وداعش في العراق.

وأكدت تحقيقات غربية أن ما لا يقل عن 500 مسلح من أصول مغاربية، يقاتلون حاليا في صفوف داعش، بالإضافة إلى حوالي أربعة آلاف مسلح من تونس والجزائر منضوين تحت لواء جبهة النصرة المقربة من الدولة الإسلامية، وهو ما يشكل تحديا كبيرا لدول المنطقة في حال قرر هؤلاء العودة من العراق وسوريا إلى بلدانهم.

ويحتل عدد من مسلحي الجزائر مواقع قيادية في داعش مما يؤهلها للعب دور مهم في رسم مشروع التنظيم، على غرار القيادي الجزائري، سعيد عريف، وعباس واحي المكنى جلال الدين، المنحدر من ولاية جيجل (شرق الجزائر)، والذي كان مكلفا بمهمة التنسيق لدولة العراق الإسلامية في غرب أوروبا خلال فترة قصيرة عام 2011، ثم انتقل إلى سوريا في عام 2012 وشغل عدة مناصب قيادية منذ البداية، وعيّن في منصب أمير في منطقة إدلب.

أما سعيد عريف، من مواليد سنة 1965 بوهران (غرب الجزائر)، فهو ضابط سابق في الجيش الجزائري، ويعد الآن أحد القادة الستة لتنظيم داعش، تمكن من الفرار من الإقامة الجبرية بفرنسا خلال العام الماضي، وسبق أن تمت إدانته سنة 2007 بفرنسا بتهمة الإرهاب.

وكان سعيد عريف ضابطا برتبة ملازم قبل أن يفر من صفوف الجيش الجزائري مطلع التسعينات متوجها إلى أفغانستان للجهاد ضد الروس، ولم يمكث هناك كثيرا، قبل أن يعود إلى أوروبا عبر ألمانيا، أين التحق بجماعة فرنكفورت الإرهابية التي كانت يقودها محمد بن سخرية، المسؤول الأول عن التفجيرات المجهضة في ستراسبورغ في ديسمبر 2000.

يشار إلى أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، قد أدرج السبت ستة قياديين في داعش من بينهم المتحدث باسم جماعة الدولة الإسلامية، سعيد عريف، في القائمة السوداء.

ووفق لما ذكرته صحيفة العرب، فإن القائمة شملت أسماء قيادات في داعش، وأخرى يشتبه في تقديمها دعما ماليا لجبهة النصرة، أو الإشراف على شبكات المقاتلين الأجانب في الجبهة، أغلبهم من جنسيات خليجية مقربون جميعهم من البغدادي.