كشف تحقيق صحفي أن "الدولة الإسلامية" تجني أمولا طائلة بفضل الإتاوات التي تحصلها من عصابات تهريب البشر انطلاقا من ليبيا إلى أوروبا عبر المتوسط.
يذكر التحقيق أن جماعات إرهابية تطالب بنصف حصة الأرباح التي يجنيها المهربون من رحلات الموت التي ينظمونها،  إذ يصل ما تطالب به ما يناهز 60 ألف جنيه استرليني للقارب الواحد، ما يسمح لها بتمويل أنشطتها.
ويتخوف محللون استخباراتيون من أن يستغل الجهاديون أزمة المهاجرين اليائسين، الفارين من ويلات الحرب الذي تمزق هذا البلد الشمال إفريقيا، للزج بهم في رحلات محفوفة بالمخاطر.
وذُكر أيضا أنهم يستعلمون طرق التهريب المألوفة لدى المهاجرين ليتسنى لهم الاختلاط بسهولة معهم للمرور دون رقابة.
بمجرد وصول المهاجرين إلى بلدان الاستقبال مثل إيطاليا واليونان، تسود المخاوف من إفلات المتطرفين من المراقبة التي تفرضها سلطات البلدان المعنية ومن ثم تخطيط هؤلاء لتنفيذ أعمال عنف محتملة.
وقد أشرف على التحقيق فريق من راديو بي بي سي 5 مباشر، بتعاون مع مستشار الأمن الليبي، عبد الباسط هارون، الذي نقل عن مالكي القوارب قولهم أن الجماعات الإرهابية تستولي على 50 % من مداخيلهم.
وفي برنامج، بُث اليوم، قال المستشار: "إنهم يستعملون القوارب لنقل أتباعهم إلى أوروبا، حيث أن الشرطة هناك لا تفرق بين المهاجرين العاديين والمتطرفين المتخفين في ثوب المهاجرين".
"يتوفر أصحاب القوارب على قوائم بأسماء المهاجرين الذين سيتم تهريبهم، لكن قد يأتي آخرون في آخر لحظة، فيُقال لهم، 'اخذوهم معكم'."
يجلسون متفرقين في القارب، ولا يشعرون إطلاقا بالخوف.
"إنهم بالتأكيد أتباع داعش. أعتقد أنهم يخططون للمستقبل، وليس لليوم أو للغد."
تأتي هذه الأنباء بعدما كشفت صحيفة ميل الأحد الماضي أن القوات البريطانية الخاصة تستعد لإطلاق سلسلة من العمليات غير المسبوقة على السواحل الليبية لتدمير قوارب المهربين.
يقول عميل مزدوج، سبق أن أفشى أسرار تنظيم القاعدة للمخابرات الحربية البريطانية (القسم الخامس)، أنه يدير عمليات تهريب صغيرة لكن منظمة جيدا لتهريب المهاجرين إلى أوروبا.
ويقول أيمن عميد، الذي يشغل الآن منصب مستشار أمني، متحدثا في البرنامج أنه يعرف أخوين مصريين وصلوا إلى إيطاليا من ميناء سرت الليبية.
وحسب ما ورد في التحقيق، فقد خضعوا لأسبوع كامل من التكوين الديني "لتحصينهم" من إغراءات الغرب قبل أن يواصلوا الرحلة رفقة رجال "شديدي التدين، يتحدثون اللغتين الإيطالية والفرنسية بطلاقة".
وفي اليوم ذاته، اعتقلت السلطات الليبية 400 مهاجرا غير شرعي، معظمهم قدموا من الصومال وإثيوبيا، ومن ضمنهم الكثير من النساء الحوامل، وذلك خلال عملية مداهمة نُفذت فجرا عندما كان الاستعداد جاريا لركوب القوارب المتجهة إلى أوروبا.
وفقا لمحمد عبد السلام الكويري، المتحدث باسم الحكومة في طرابلس، فإن معظم المهاجرين من جنسية صومالية وإثيوبية.
وقال إنه تم القبض عليهم بينما كانوا يهمون بركوب القوارب في تاجوراء شرق العاصمة.
وقال مسؤول في فرقة لمكافحة الهجرة السرية أن العملية تزامنت مع إطلاق حملة كانت تستهدف المهربين.
تتوفر ليبيا على شريط ساحلي يبلغ طوله أكثر من ألف ميل، ما جعلها نقطة انطلاق مثالية للمهاجرين الأفارقة الذين يحلمون بحياة أفضل في أوروبا.
معظم هؤلاء المهاجرين كانوا متجهين صوب جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، التي تبعد 185 ميل من شواطئ ليبيا.
يقول آدم إبراهيم عبد الله، الصومالي الجنسية، الذي كان من بين من يأملون بلوغ إيطاليا قبل اعتقاله الأحد الماضي: "دفعت 1400 دولار للوصول إلى طرابلس، وبقيت هنا في أحد المراكز لمدة شهرين، ثم دفعت 1400 دولار أخرى للعبور نحو إيطاليا.
ذكر أنه كان يرغب في أن يبدأ حياة جديدة في إيطاليا "لأن بلدي في أزمة وليس لدينا حكومة".
قالت مانح من النيجر وأنابيلا من نيجيريا أنهما كانتا تأملان الالتحاق بأقاربهما الذين غادروا إلى أوروبا، متوسلتان عدم ترحيلهما إلى بلديهما.
" لا أريد أن أعود إلى بلدي. لا يوجد أحد لمساعدتي هناك. ، أتوسل إليكم، اتركوني في ليبيا"، تقول مانح والدموع تنهمر على خديها.
ومعلوم أنه عادة ما يتم إيواء المهاجرين غير الشرعيين المحتجزين في ليبيا داخل مراكز خاصة، قبل ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية.