يرى حسني عبيدي، رئيس مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسط بجنيف، أن ظهور تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ”داعش”، سيؤدي إلى نشوء تحالفات جديدة داخل التنظيمات المسلحة في منطقة المغرب العربي، بما يُشكل تهديدا أمنيا خطيرا على الجزائر في حال استطاعت ”داعش” الهيمنة على التنظيمات الناشطة في ليبيا.

قال حسني عبيدي في قراءة ل«الخبر الجزائرية ”، حول شكل التموقعات الجديدة للجماعات المسلحة في المغرب العربي، إن ظهور تنظيم ”داعش” فرض ”واقعا جديدا” في العالم العربي، لأن هذا التنظيم استطاع أن ”يجعل القاعدة تنظيما هامشيا بالنظر إلى الانتصارات التي حققها في سوريا التي يستولي فيها على مناطق واسعة، أو العراق الذي يبسط فيه سيطرته على 3 محافظات”.واعتبر عبيدي أن وجود داعش في منطقة ما يعني مباشرة ”الدخول في حرب مفتوحة مع بقية التنظيمات”، لأن هذا ”التنظيم يرفض أن ينشط في وجود أضداد له، ومن ثم فهو يرى بقية التنظيمات غير شرعية”. وتصر داعش دائما في خطابها أنها هي ”المتغلب بالسلاح” وهو ما يوجب فقهيا في تفكير هؤلاء على البقية أن يعلنوا الولاء لهم.وباستقراء هذه المعطيات، يصل عبيدي إلى خلاصة مفادها أن جزءا من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي سيضطر إلى الانضمام إلى داعش”. وهذا ما سيولد ”تحالفات جديدة في المنطقة وانصهارات بين مختلف التنظيمات وأيضا انشقاقات خدمة لمشروع داعش الذي يرفض البقاء أسير منطقة الشرق الأوسط، ويريد الوصول إلى غاية نواقشوط”.وسئل عبيدي إن كان استعداد مجموعات مسلحة للانضمام إلى داعش سوف يضعف النشاط الإرهابي في المنطقة أم يقويه؟ فأجاب قائلا: ”الواقع يظهر أن الحرب الضروس التي تقودها الحركات الإسلامية المسلحة في سوريا قوت من النظام السياسي هناك”. وبالنسبة لمنطقة المغرب العربي، فإن ذلك يتوقف على ”مدى قدرة داعش على استقطاب بقية التنظيمات، وفي حال تمكنت من ذلك ستكون أقوى من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”. لكن إذا تمت ”مقاومة زحف داعش سيصل الصراع إلى داخل الجماعات ما سيؤدي إلى إضعافها”. وفي هذه الحالة ”ستكون الأنظمة السياسية في المغرب العربي المستفيد الأكبر من الوضع، كما أن قوة جاذبية هذه التنظيمات ستسقط عند من يملكون استعدادا لتقبل أفكارهم”.وبشأن الخطر الذي يمكن أن تشكله داعش، أوضح عبيدي أن مشكلة الجزائر الأمنية الكبيرة هي في حدودها مع ليبيا، لأن هذا البلد، بالنظر إلى مساحته الكبيرة وانتشار الأسلحة فيه، وغناه بالموارد النفطية، والبيئة المساعدة، مرشح لأن يكون ”أفغانستان شمال إفريقيا”. وأضاف أن ”هدف داعش في المقام الأول هو السيطرة على أجزاء من ليبيا حتى يُمكن لها أن تستقر في منطقة المغرب العربي”. وذلك يتم، حسبه، بإعلان ”إحدى فصائل القاعدة أو تنظيم أنصار الشريعة ولاءه ل«داعش” الذي إذا توفر له موطئ قدم وأنصار وتمويل، سيتوسع نحو الجزائر التي تعد من الناحية السياسية بلدا مهما جدا نظرا لقربه من أوروبا”. ويخشى عبيدي من أن الظروف ملائمة في وصول داعش إلى حدود الجزائر الشرقية. ”هناك طريق سيار إلى ليبيا”.وحول مدى تأثير إعلان الجيش الفرنسي البقاء في الساحل على نشاط الجماعات المسلحة، ذكر عبيدي أن استمرار الوجود الفرنسي مرتبط بتخوف الغرب من وصول داعش إلى المنطقة، وبالتالي تهديدها لأوروبا. واعتبر الخبير أن الوجود الأجنبي في المنطقة يشكل عاملا ذا حدين، فمن جهة ”لا تقوى الأنظمة السياسية في المنطقة على مجابهة التحديات الأمنية لوحدها”، ومن جهة أخرى يعطي ذلك ”ذريعة للتنظيمات المسلحة في إيجاد المسوغات اللازمة للإقناع بضرورة تطهير المنطقة من الكفار وفق تصورهم”.