اعدت الباحثة خديجة مهدى دراسة حول انتشار ظاهرة التحرش الجنسى فى مصر وبالسائحات الاجنبيات  وقالت فى الدراسة التى حصلت بواية افريقيا الاخبارية على نسخة منها انتشرت في الآونة الأخيرة - وسط اهتمام العديد من وسائل الإعلام المختلفة ومنظمات المجتمع المدني - قضية التحرش الجنسي بالمرأة ، فأصبح المشهد نمطا عاديا يتكرر كل ساعة دون أن يقتصر على استهداف السيدات في مرحلة عمرية معينة أو طبقة اجتماعية محددة أو بعضا من النساء .  لذلك تعتبر ظاهرة التحرش الجنسي واحده من اخطر الكوارث الاجتماعية التي تقف عائقا أمام التنمية والتطور في البلاد  .

و يعرف المركز المصري لحقوق المرأة التحرش الجنسي ( sexual harassment  ) بأنه كل سلوك غير لائق له طبيعة جنسية يضايق المرأة أو يعطيها إحساسا بعدم الأمان . فهو يتضمن مجموعة من الانتهاكات البسيطة إلى المضايقات الجادة التي من الممكن أن تتضمن التلفظ بتلميحات إباحية ، وصولا إلى النشاطات الجنسية .

حيث بلغ 99.3 % من نساء مصر تعرضن للتحرش بأي شكل من أشكاله سواء كانت لفظية أو بدنية جسدية أو تعليقات ومعاكسات غير مرغوب فيها. وفقا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة . كما أن بلغ عدد حالات التحرش التي ترتكب سنويا حوالي 20 ألف حالة ، وانه من بين 68 حالة تتعرض للتحرش اللفظي أو البدني  . وفقا للدراسة الصادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية .   كما يبلغ 51.4 % من الأجنبيات من جميع الأعمار تعرضن للتحرش الجنسي ، و أن 78% منهم أفادوا بان المتحرش لا يميز بين الضحايا فيما يتعلق بالطبقة الاقتصادية . وفقا للدراسة التي أجراها المركز المصري لحقوق المرأة . الأمر الذي يجعل لهذا الظاهرة عواقب وخيمة على السياحة في مصر ، التي تشكل مصدر رئيسيا من مصادر الدخل القومي في البلاد .

وبصدد معالجة هذه الظاهرة الاجتماعية أفاد الدكتور / عادل عامر - رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية أن التصدي للظاهرة يمكن أن ينجح من خلال الإعداد والتنظيم لحملات توعية، وحملات إعلامية ، لتوضيح مخاطر التحرش الجنسي ،  والعمل على التصدي لها .  بالإضافة إلى استصدار تشريع عاجل بمساعدة الخبراء النفسيين والاجتماعيين للحد من التحرش في الشارع المصري.   مشيرا إلى أن أسباب تزايد هذه الظاهرة نتيجة  سوء الحالة الاقتصادية ، يليها قلة الوعي الديني.  و وسائل الإعلام  و ما تبثه من بعض المواد الإباحية، وسوء التنشئة الأسرية للمتحرش.  لذلك  عدم وجود قانون واضح وفعال يجرم التحرش الجنسي في المجتمع المصري يرجع إلى سكوت الضحية وعدم اتخاذها أي رد فعل مما يؤدى إلى تمادى المتحرش في القيام بسلوكه · لذلك لابد من ضرورة تحسين الحالة الاقتصادية وخلق فرص عمل للشباب، و ضرورة رفع الوعي الديني بين المواطنين، وضرورة تطبيق القوانين الخاصة أو إصدار تشريع خاص بجرائم التحرش الجنسي ،  وفرض الرقابة على الإعلام .

كما ذكرت شيرين النجار - مديرة مركز ايزيس لبحوث المرأة أن قضايا المرأة تعد جزءا هاما من قضايا المواطنة وعدم التمييز مشيرا  إلى كثرة العوامل التي تساعد على زيادة انتشار ظاهرة التحرش الجنسي في مصر ، يأتي أبرزها انتشار معدلات البطالة بين الشباب ، وارتفاع تكاليف الزواج . لذلك انتشرت حاله من حالات " شيوع الفوضى " مما يدعى ضرورة تبنى الدولة مجموعه من البرامج الشاملة لمواجهة هذا السلوك ، والتعريف بالظاهرة ، وأسبابها ، وطرق التعامل معها ، وخطورة التداعيات النفسية للظاهرة على الضحية ،  ومدى تهديدها لتقدم المجتمع وتطوره .

وتحدث الدكتور/ السيد عوض - رئيس قسم علم الاجتماع بكلية الآداب بقنا  بأن ظاهرة التحرش الجنسي بالغة التعقيد من حيث طبيعتها ومضاعفاتها وأسباب حدوثها ، لذلك فإن معالجتها والقضاء عليها يحتاجان إلى الكثير من الوقت والجهد والإمكانيات ، وتعاون كافة شرائح المجتمع بما في ذلك منظماتُ المجتمع المدني ، لمحاربة هذه الظاهرة السلبية باعتبارها ظاهرةً تهدد بشدة الأمان الاجتماعي .  كما يجب أن تضع وزارة التربية والتعليم مناهج تعليمية تتضمن كيفية غرس ثقافة الأخلاق والآداب كما نشرها ودعا لها الدين الاسلامى ، وطرق مواجهة السلوكيات الخاطئة في حياتنا اليومية ، وتعلم وتثقيف الشباب حول مخاطر التحرش الجنسي بشكل خاص ، و التركيز علي أهمية تعليم المرأة حيث أن تعليمها بمثابة تعليم أسرة بل جيل بالكامل .

فالتحرش الجنسي ظاهرة شائعة بدرجة تثير مخاوف الشابات بشأن أمانهن الشخصي . وعلى الرغم من أنه يجب مواجهة هذه الظاهرة في سياقها الأوسع، في حالة غياب الوسائل الاجتماعية التي تسيطر على هذا الشكل من السلوك، فإن رد الفعل هو المطالبة بوضع تشريع صارم وتجريم هذا الفعل . كل أشكال التحرش الجنسي، سواء كان في شكل تجريم مواقعة أنثى بغير رضاها )مادة 269 (، أو الاعتداء الجنسي )مادة 267 و 269 (، أو ارتكاب سلوك بذئ أو خليع  سواء بالقول أو بالفعل  يكون من شأنه خدش حياء امرأة في الطريق العام أو في مكان مطروق )المادة 306 (، أو التحريض على الفسق )مادة 269 (، أو ارتكاب أفعال فاضحة مخلة بالحياء علانية )مادة 278 (، أو من يرتكب مع امرأة أمرًا مخلاً بالحياء ولو في غير علانية )مادة 279 (. . وفيما يتعلق بالجرائم العامة التي تخدش الحياء، تنص المادة 306 من قانون العقوبات، المضافة بالقانون 617 لسنة 1953 ، والمعدلة بالقانون 169 لسنة 1981 ، والقانون 93 لسنة 1995 أن : أي شخص يتحرش بأنثى  سواء بالقول أو بالفعل  في الطريق العام أو مكان مطروق، بطريقة تخدش حياءها، يعاقب بالسجن والغرامة أو بإحدى العقوبتين. ولا يشترط أن يكون التحرش تم ارتكابه علانية.  فالجريمة قائمة حتى لو كانت الألفاظ الخادشة للحياء تم التفوه بها همسًا طالما تم ذلك في الشارع العام أو في مكان مطروق.

لذلك بعد تعدد وقائع التحرش الجنسي ، التي انتشرت في الفترة الأخيرة في الشارع المصري في وضح النهار التي كان أهمها واقعه التحرش الجماعي التي تعرضت له طالبة كلية الحقوق بجامعة القاهرة من قبل عشرات الطلاب داخل الحرم الجامعي . وكذلك حادثة التحرش بالسائحتين الانجليزيتين بفندقين بمدينة شرم الشيخ ، التي يصددها قام وزير السياحة / هشام زعزوع  بإلغاء تراخيص الفندقين ، مؤكدا بضرورة صياغة المحاضر المتعلقة بتلك الظاهرة وفق المسمى القانوني الجريمة الجنسية للفعل المرتكب،  دون الاعتماد على المسمى الاعلامى المعروف بالتحرش الجنسي لضمان ردع مرتكبي تلك الوقائع .

لذا لابد من ضرورة عمل دورات تدريبية لرجال الشرطة في كيفية التعامل مع قضايا التحرش الجنسي ، مع مجابهة الأمر بتكثيف الوجود الأمني وسرعة تحرير المخالفات ومسانده الضحية ، بل  إنشاء مكتب لتلقى شكاوى التحرش بالتعاون مع  مؤسسات  المجتمع المدني في وضع إستراتيجية للحد من هذه الظاهرة .