على الرغم من الدور الكبير الذي لعبته المرأة في تحول المنطقة العربية وشمال إفريقيا، على الصعيد السياسي و على الصعيد السياسي المجتمعي و الإعلامي، في ظل المتغيرات السياسية التي شهدتها المنطقة خلال الثلاث سنوات الماضية، فإن حضور المرأة في البرامج الحوارية التلفزيونية ظل دون مستوى ما قدمته المرأة من مساهمة في التغيير الحاصل.
ذلك ما خلصت إليه دراسة رصدية حول “صورة المرأة في الإعلام العربي: نموذج البرامج الحوارية”، أعدتها الباحثة المغربية نادية المهيدي، وشملت برامج حوارية تلفزيونية في خمس دول، هي المغرب، تونس، مصر، الأردن والإمارات العربية المتحدة.
الدراسة، كشفت، أن حضور المرأة في البرامج الحوارية التي تناقش المواضيع السياسية يظل باهتا، وضعيفا، مقابل الحضور الطاغي للذكور.
غياب شبه كلي للمرأة:
البرنامج الحواري الذي اختارته نادية المهيدي في المغرب هو “مباشرة معكم”، الذي يبث على شاشة القناة المغربية الثانية "دوزيم" .
وكشفت نتائج الدراسة أن مشاركة المرأة المغربية في مناقشة القضايا السياسية، من خلال البرنامج، ضعيفة، ويرجع ذلك، حسب الدراسة، إلى الأحزاب السياسية المغربية، التي يعود إليها قرار اقتراح أسماء المشاركين على معدي البرنامج.
وعلى الرغم من أن المرأة المغربيّة حققت عدة مكاسب، في الآونة الأخيرة، إلا أن حضورها في البرامج الحوارية في التلفزيون العمومي ما زال ضعيفا، فمن أصل إجمالي عدد المشاركين، في اثنتي عشرة حلقة من برنامج “مباشرة معكم”، التي شملتها الدراسة، لم تتعد نسبة مشاركة المرأة في هذه الحلقات 17 سيدة، مقابل 57 مشاركا، من الذكور.
وفيما سجلت الدراسة غياب المرأة المغربية عن الحضور في البرنامج، فقد سجلت في المقابل حضورا ومشاركة وازنة في التقارير التلفزيونية التي تميزت بتعدد مجالات تخصص المرأة، وهو ما جعل معدة الدراسة تطرح سؤال: لماذا تغيب المرأة المغربية عن البرنامج؟ كما سجلت الدراسة حضور صوت المرأة في النقاش العام من خلال مشاركتها عبر الرسائل القصيرة والبريد الالكتروني والمواقع الاجتماعية.
وفي مقابل ضعف مشاركة المرأة المغربية في مناقشة القضايا السياسية، تسجل الدراسة حضورها القوي في حلقات ذات ارتباط بمواضيع مالية واقتصادية جد دقيقة، مثل النقاش حول إصلاح صندوق المقاصة، وتعتبر الدراسة أن غياب المرأة عن النقاش حول بعض القضايا، مثل النقاش الجاري حول إصلاح منظومة العدالة، والشأن السياسي، الذي لم تشارك فيه المرأة بحجمها النضالي والسياسي على الساحة الوطنية “يعتبر أمرا غير مبرر”.
ولا يختلف حال المرأة المغربية عن حال المرأة في باقي شمال إفريقيا والدول العربية، ففي الأردن، لم تحضر المرأة سوى في حلقتين من بين اثني عشرة حلقة، التي شملتها الدراسة، من البرنامج الحواري "آراء ومواقف"، ولم يتعد عدد النساء اللواتي شاركن في البرنامج سوى اثنتين، واحدة برلمانية، والثانية رئيسة حزب، من أصل 29 مشاركا، وخلصت الدراسة إلى أن تصاعد حضور المرأة في المشهد السياسي الأردني لم يجد له صدى على مستوى حضورها في النقاش السياسي على التلفزيون.
في الإمارات، لا يبدو واقع المرأة أحسن حالا، فمن أصل 12 حلقة من برنامج "قابل للنقاش"، غابت المرأة عن البرنامج في 8 حلقات، من بين اثنتي عشرة حلقة، همت الشأن السياسي والاقتصادي والثقافي والبيئي، رغم أن البرنامج تقدمه امرأة، التي تعترف لها الدراسة بقوة حضورها وبراعتها في إدارة الحوار، ولا يقتصر غياب المرأة الإماراتية عن بلاتو البرنامج، بل يمتد أيضا إلى غيابها عن الفقرة المخصصة لـ"الفيسبوك".
هكذا يتم اختيار ضيوف "مباشرة معكم" :
للوقوف على أسباب الوضعية الحالية للمرأة العربية في البرامج التلفزيونية الحوارية حاولت نادية المهيدي، من خلال دراستها، التعرف على الخلفيات المؤثرة في نوعية حضور المرأة في الإعلام، إن سلبا أو إيجابا، ودور العنصر البشري وعلاقته بالكفاءة والنوع، ودور رئاسة التحرير وإدارة البرنامج، دور التكوين والتدريب المتعلق بالمعرفة بقضايا المرأة، ودور القوانين ودفاتر التحملات، غير أن معد برنامج "مباشرة معكم" وحده الذي استجاب للأسئلة، إلى حدود الانتهاء من الدراسة.
يقول معد البرنامج، جوابا على سؤال حول دور رئاسة التحرير وإدارة البرنامج في انتقاء ضيوف البرنامج وكيف يتم تدبير عنصري الكفاءة والنوع في الانتقاء، "انتقاء الضيوف يتم بناء على معايير ضبط الملفات موضوع النقاش، كما يؤخذ بعين الاعتبار معيار المرور بشكل جيد في البرامج الحوارية التلفزيونية المباشرة، ويضيف المعد أن هناك معايير أخرى، مثل إشراك النساء والشباب والوجوه غير المستهلكة إعلاميا.