محللون إستراتيجيون يرون أن إختيار درنة لتكون أول إمارة لتنظيم القاعدة على ضفاف المتوسط كان مدروسا ، خصوصا وأنها مدينة على سفح الجبل ، تحيط بها الأودية والمغاور الجبلية التي يمكن أن تكون ملجأ للمسلحين عند تعرضهم لأي هجوم ، كما يمكن أن تكون منطلقا لهجوماتهم المعاكسة على أية قوات معادية ، ثم أن لعبد الحكيم الحصادي وسفيان بن قمو القياديين في تنظيم القاعدة دور في تأهيل المدينة التي أراداها منذ البدء إمارة إسلامية خارج إطار الدولة ودرنة كانت خلال العقد الماضي مصدرا رئيسا للجهاديين من ليبيا الى أفغانستان والعراق والى سوريا حاليا  بحسب إحصائيات أجهزة المخابرات الغربية ، ودخل متشددو درنة في مواجهات عدة مع النظام السابق ومنذ الإطاحة بنظام القذافي يقود تنظيم القاعدة بتصفية قيادات عسكرية وأمنية  ومخابراتية وقضاة كان لهم دور في ما يعتبره التنظيم ضيما لحقه خلال زمن القذافي تمثل في الملاحقة الأمنية والقضائية

أبوعياض التونسي في درنة

كما أكدت جهات مخابراتية عن وجود سيف الله بن حسين زعيم تنظيم أنصار الشريعة التونسي المحظور في مدينة درنة مع مئات من أنصاره ،وكان أبوعياض المطارد من قبل الأمن التونسي تسلل الى ليبيا بعد أن تم تهريبه من مسجد الفتح بقلب العاصمة التونسية في نوفمبر 2012 بعد الإعلان عن تورطه في الهجوم على مقر السفارة الأمريكية في تونس في منتصف أكتوبر من العام ذاته ، وإتهمت أطراف داخل المعارضة والنقابات الأمنية التونسية أطرافا من حكومة الترويكا القائمة أنذاك تحت قيادة حركة النهضة بمساعدة أبي عياض على الفرار كما أشارت تقارير مخابراتية تحدثت عن إمكانية إنتقال أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة الى مدينة درنة وهو لم يتم التحقق منه بعد

وأكد الشيخ فريد الباجي رئيس جمعية دار الحديث الزيتونية التونسية على صفحته الرسمية على شبكة التواصل الاجتماعي أن زعيم أنصار الشريعة أبو عياض يختبئ في مدينة درنة الليبة حيث يحضر ويخطط لغزو تونس في يوم سماه يوم الزلزال والنفير العام،وأتباعه من الخلايا النائمة في البلاد التونسية ينتظرون هذا اليوم وذلك الأمر بفارغ الصبر،وقد وعدهم أنصار الشريعة بدرنة أنهم سوف يرسلون في ذلك اليوم أربعة ألاف إرهابي لغزو تونس.كما و ارفق الشيخ الباجي تصريحه  بالفيديو يصورالتحضيرات التي يقوم بها انصار الشريعة في درنة  ،قام  بأنزله نشطاء  من ولاية سليانة التونسية من أتباع القاعدة على شبكة  الانترنات .

هذا و دعا الشيخ الباجي الدولة التونسية أن تضرب ضربة استباقية قبل أن تأتي الفاس في الراس ولا ينفع يومئذ بكاء ولا ندم ولا عطاس،مشددا في ذات السياق على،أن درنة الليبية هي الخطر الأكبر الذي يهدد تونس،بعد أن  اعلن تنظيم أنصار الشريعة رسميا منذ ثلاثة أيام أن درنة عاصمة الدولة الإسلامية السلفية بشمال إفريقيا،ومنها سيفتحون كامل ليبيا وتونس. 

علاقة مريبة

وتتهم أطرافا ليبية قوى سياسية من داخل المؤتمر الوطني العام الذي يسطر عليه الإخوان المسلمون بالتواطؤ مع الجماعات المتشددة المسيطرة على مدينة درنة ، ونقل مقربون عن المستشار عبد العزيز الحصادي  المحامي السابق وأول نائب عام بعد 17فبراير 2011 أنه كلما صدر تكليف سري من قيادة الأركان في طرابلس  لأحد القيادات الأمنية أو العسكرية بمراقبة الوضع في درنة يتم إغتياله ،مما يشير الى وجود أطراف تسّرب المعلومات السرية الى الجماعات المسلحة وفي الثامن من فبراير الماضي إغتيل المستشار الحصادي برصاص مجهولين بوسط مدينة درنة حيث توفي على الفور

 شورى شباب الإسلام

أعلن تنظيم  "مجلس شورى شباب الإسلام" بمدينة درنة عن تشكيل ما يسمى بــ" لجنة شرعية لفض النزاعات والصلح بين الناس بشرع الله" على حد تعبيره، و مهمتها "تطبيق الشريعة "على حد زعم القائمين عليها.و قال التنظيم في بيان له نشره على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي الخميس :" نبشر أهلنا وأحبابنا أننا سنعمل على تأمين البلاد بكل ما أوتينا من قوة بعون الله،ندعو إخواننا وأهلنا إلى الالتفاف حولنا لتأمين بلادنا والسعي معنا في تحكيم شرع الله بما استطعنا"وأكد“عداوته لمن عادى الله ورسوله من اليهود والنصارى”، وذلك في أول بيان رسمي يصدره بعدما أعلن عن نفسه في عرض عسكري كبير في المدينة.

وقال في بيان بثه عبر حسابه الرسمي على موقع فيسبوك “نعلن تشكيل لجنة شرعية لفض النزاعات والصلح بين الناس بشرع الله”، لافتا إلى أنه “لا فرق بين أبيض ولا أسود ولا عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى”.وأضاف “نعلن براءتنا من كل قوانين الكفر وأعراف الجاهلية والمؤسسات التي تخالف شرع الله تعالى، وندعو كل من تلبس بها إلى التوبة والرجوع إلى شرع الله، ونعلن عداوتنا لمن عادى الله ورسوله من اليهود والنصارى، ومن الطواغيت الذين يحاربون المسلمين في كل مكان ويستبيحون كرامتهم”.

وتابع “سنعمل على تأمين البلاد بكل ما أوتينا من قوة بعون الله تعالى، ونمد يد العون لكل أهل الصلاح من الشباب والعقلاء الذين يريدون شرع الله”، مشيرا إلى أنه “سيقوم بتنظيم ندوات ومخيمات دعوية أسبوعية وشهرية تبين للناس العقيدة الصافية، الخالية من الشبهات وتنشر العلم بين الناس وترفع الجهالة عن الجاهلين وترد الضالين إلى الطريق المستقيم”.ودعا التنظيم من سماهم “إخواننا وأهلنا” من أهل درنة إلى الالتفاف حوله.

وكان التنظيم اعلن  نزول قوات تابعة له إلى البوابات الشرقية والغربية للمدينة لتأمينها مع تشكيل دوريات لتأمين الشوارع والعمل على عودة الأمن.وتعتبر مدينة درنة أحد أهم معاقل الإسلاميين اصحاب الفكر الجهادي في ليبيا، ويأتي هذا البيان غداة تنظيم “شباب الإسلام” عرضا عسكريا كبيرا في شوارع المدينة، رفع المسلحون الملثمون المشاركون فيه رايات سوداء وبيضاء كتب عليها “لا إله إلا الله محمد رسول الله”

سفيان بن قمو قائدا

ويخضع المجلس لقيادة مباشرة من سفيان بن قمو زعيم تنظيم أنصار الشريعة في شرق ليبيا  وبن قمو أو « أبو فارس » كما يدعوه أنصاره ،السجين السابق بمعتقل غوانتانامو  والمعروف لدى وسائل الإعلام بسائق زعيم تنظيم القاعدة "أسامة بن لادن" أكد أنه يجب أن يتولى الثوار زمام أمور الجيش والشرطة وكل شئ في البلاد، ويجب أن تكون كتائب الثوار هي ذاتها الجيش والشرطة واللجان الأمنية، مؤكدا على "أن الثوار هم أصحاب الفضل في التحرير". وفيما يتعلق بموضوع الغابة والتدريبات التي تتم داخلها، قال بن قمو في حوار مع صحيفة « أحوال » الليبية  : " نحن نقوم بالفعل بتدريب شباب ليبيين وهم الذين سوف يستلمون المهام الأمنية، ويحافظوان على أمن الوطن وحمايته، ومن حقي أن أقوم بتدريب أشخاص ليكونوا مسئولين عن أمن المدينة، والتدريب يتم على بندقية "الكلاشنكوف"، و"الإف إن"، أيضا يشمل تدريب "الكونغ فو"، وهناك شباب يأتون إلينا برغبتهم، وهناك من يأتي به والده حتى يبعده عن الانحراف ونزرع فيه الأخلاق والثقافة، ليكون شخصا محترما له اعتباره فى المجتمع، ونقوم بذلك من أجل مصلحة المجتمع بالكامل، وجميع عناصرنا من داخل مدينة درنة، وليس هناك أي جنسيات أخرى، ونحن ليس لدينا أسلحة نووية لنأتي بأشخاص من الخارج، هذا الكلام غير صحيح،  وما يقال كثير، وكل وقت نسمع إشاعة، هذا شيء غريب جدا في الحقيقة. "

وفيما يتعلق بموضوع تحليق طائرات التجسس فوق مدينة درنة، قال بن قمو : "نتوقع نحن الإسلاميين أن تقوم هذه الطائرات بقصفنا فى المستقبل، والمفترض من المسئولين الذين وضعهم الشعب في هذا المكان، أن تكون لديه مروءة، ويمنع مهزلة الطيران الأجنبي فوق درنة، والمفترض من المجلس الانتقالي أن يكونوا رجالا ولا يخشوا فى الله لومة لائم، وأن يمنعوا ذلك، الناتو هم من قدموا معونة، وهذا معروف، فليأخذ حقه من البترول ويرحل، فلم نعد بحاجة لهم، هم نصارى ونحن مسلمون والله عز وجل يقول : "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم"، فلا يجب أن يكون موقفنا ضعيفا أمامهم، نحن معنا الله، والشعب جميعا، أما أنتم أيها المسئولين فى البلاد فأقول لهم هل أنتم خائفون من الموت، إنه بيد الله عز وجل، هل من المعقول أن تتركوا هذه الطائرات تحلق فوق رؤوسنا، وتفزع أطفالنا ونساءنا، لقد كان الأمريكان يقصفون الاطفال والنساء فى كابل، ونحن هنا لسنا فى جلسة مغلقة الأمريكان واليهود والنصارى أعداء يريدون قتلنا نحن المسلمين، وكلمة أقولها بصوت عالي وأتحمل مسئولياتها ولا أبالي وليفهمها كل ليبي : "لو حلقت طائرة أمريكية للاستطلاع سأستهدفها، واللي يحصل يحصل، وهذا من حقي، لقد دخلت الطائرات بيوتنا وتقوم بتصوير أعراضنا، ونحن ليبيون شرفاء أحرار، ولن نرضى بذلك، ولن يقبله أي شخص لديه ضمير".

وحول طبيعة علاقته بالأمريكان، قال بن قمو: " حتى أكون صريحا ك هناك قضية بيني وبين الأمريكان والحكومة الأمريكية، وعندما كنت فى قندهار خلال سجني، نزع أحد الضباط العصبة عن عيني، ووجدت وجوه الأمريكان المارينز ينظرون إليّ وأنا عار تماما، ويضحكون وقاموا بحلق لحيتي وشعري وقاموا بتعذيبي وإهانتي، فكيف تريدني أن أقول أنا الضعيف وأنت القوي وأسامحك، ربي أقوى هو الجبار المتكبر، وسينصفني ويأخذ حقي منهم، وهذه القضية ضد الأمريكان إلى يوم القيامة، حتى وإن قتلت أو مت لن تنتهي أبدا، حقي سآخذه منهم، وهذه قضية شخصية بيني وبينهم ولن أرفع قضية، فقط "يردون لي إعتباري"، وليس لي بهم أي علاقة، ومهما كانوا أقوياء ومهما لديهم من طيران، فإن الله عز وجل قادر على كل شيء، قد تكون بدعوة مظلوم، ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، هذه كراهية موجودة بيني وبين الأمريكان، وأقولها بصراحة بيننا قضية لن تنتهي إلى يوم القيامة، وما عانيته وقاسيته شرف لي لأنه في سبيل الله.

وحول رأيه فيما يتعلق بالراية السوداء التي يرفعها بن قمو فوق معسكره، قال : " هذه راية الرسول صلى الله عليه وسلم مكتوب عليها "لا إله إلا الله محمد رسول الله" لأن الله نصرنا على القذافي، وخلصنا منه ومن ظلمه، رفعنا هذه الراية إعلاء لكلمة لا إله إلا الله، ولأن الفضل فى نصرنا لله، بالتالي رفعنا هذه الراية، شكرا لله عز وجل، وعرفانا لله الذي أخرجنا من الظلمات الى النور، وخلصنا من هذا الطاغية، وجعلنا أحرارا نصوم ونصلي لله عز وجل شكرا له سبحانه، ثم أليس العلم الأمريكي مرفوع والعلم البريطاني وأيضا العلم الإيطالي، فمن الأشرف لنا كمسلمين، أن نرفع هذه الراية، ولا يطلب مني أحد أبدا إنزال الراية السوداء وتنكيسها، لأني حتما سأقاتل عليها"