مر إعصار دانيال من ليبيا.. لم يخلف فقط قتلى ومصابين ومفقودين.. إنما نسج بظلال الموت قصصا إنسانية تصرخ في مدن الجبل الأخضر عموما ودرنة تحديدا.. آلاف القتلى والمفقودين نقلتها الأرقام بلغة صماء تصف حجم الكارثة لكنها لا تضعنا في تفاصيل مأساة كل فرد حسب ضمن هذه الأرقام.

وسائل التواصل الاجتماعي تحولت للوحة عزاء لأسر بأكملها لقيت مصرعها أو فقدت أو نجا بعض أفرادها، فمثلا الإعلامية والناشطة حنين بوشوشة أعلنت عبر صفحتها بموقع "فيسبوك" مصرع ابنة خالها وأطفالها وبعدها بساعات أعلنت مصرع خالتها وعائلتها بالكامل من بناتها وأولادها وأحفادها.

مأساة عائلة حنين ليست فريدة من نوعها فكل أسرة في درنة لديها قصة مشابهة وربما بتفاصيل أكثر مأساوية كقصة الرضيع الذي توفي كل أفراد أسرته وبقي وحيدا بين الأطلال أو الأهل العاجزين عن التواصل مع أحبتهم ومعرفة مصيرهم بعدما تقطعت بهم السبل على أمل أن يعثروا عليهم أحياء.

الناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي صوروا مشاهد توثق حجم الكارثة منها مثلا انهيار مباني سكنية مؤلفة من عشرة طوابق ووجود سيارات عالقة في الطابق الخامس من إحدى العمارات السكنية ما يعني أن المياه رفعت السيارة لهذا الارتفاع وبالتالي اكتسحت كل ما واجهته في طريقها.

مدينة درنة التي اقتلعت الفيضانات أحياء كاملة فيها وجرفتها في البحر أصبحت أثرا بعد عين وتشير التقديرات الأولية إلى أن أكثر من ربع المدينة اختفى فيما تتكدس الجثث على الطرقات رغم دفن المئات في مقابر جماعية لتجنب كارثة بيئية محققة جراء تعفن الجثث.

انتهى الإعصار لكن تبعاته لازالت تمد أناملها السوداء لتعلن الحداد في درنة ومدن الجبل الأخضر وليبيا عموما بعدما استفاق أبناء البلاد على فاجعة تحتاج فترة طويلة لتجاوز تبعاتها.