تستمر أزمة مصرف ليبيا المركزي التي تسبب فيها قرار رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، بعزل محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، من منصبه وتعيين بديل له، الأمر الذي أصاب الاقتصاد الليبي بالشلل، لاسيما بعد إعلان حكومة الاستقرار المكلفة من مجلس النواب حالة القوة القاهرة على قطاع النفط ووقف إنتاج الخام وتصديره.

وفقاً لتقارير فأن إقالة الكبير جاءت بسبب الخلافات بينه وبين رئيس حكومة الوحدة الوطنية غرب البلاد، عبد الحميد الدبيبة، المستمرة لأكثر من عام وتبادل الطرفان اتهامات لاذعة في قضايا فساد وإهدار للمال العام.

ورجحت التقارير ذاتها أن الأغلبية العظمى في الداخل والخارج رفضت قرار المجلس الرئاسي مع إختلاف الأسباب. ففي الداخل رفض كل من مجلس النواب الليبي، وحكومة الإستقرار، والمجلس الأعلى للدولة هذا القرار إستناداً إلى حقيقة أن تعيين محافظ المصرف المركزي ليس من إختصاص المجلس الرئاسي، بل هو إختصاص أصيل لمجلس النواب بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة وفق إتفاق الصخيرات سنة 2015.

وأضافت أنه في الاعتراض الخارجي جاء من الدول ذات الأجندات والمصالح في الداخل الليبي وبقاء الصديق الكبير في منصبه يضمن لهم استمرار ضخ إيرادات النفط الليبي في البنوك الأجنبية عبر مصرف ليبيا المركزي.

فهنالك الولايات المتحدة الأمريكية التي استبقت الأحداث وأعلنت عبر مبعوثها في ليبيا، ريتشارد نورلاند، الذي حذر من استبدال المحافظ بالقوة وأعرب عن دعم بلاده الكامل لمصرف ليبيا المركزي والتصدي لأي تهديدات والمحافظة على استقرار المصرف المركزي.

وفي السياق ذاته أشار محللون استراتيجيون إلى نقطة مهمة متمثلة في أطماع واشنطن الواضحة جداً وهي السيطرة على عائدات النفط الليبي، ومنذ عام 2011 وجدت الولايات المتحدة في الصديق الكبير حليفها المثالي لضمان ضخ العائدات في بنوك الولايات المتحدة وأوروبا، وهو سبب تمسكهم به في منصبه. مؤكدين انه كلما انسد الطريق امام الغرب واقترب الشعب الليبي من اتخاذ قراراته بنفسه، تأتي بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، لزعزعة المشهد السياسي، وخير دليل على ذلك محاولات البعثة الجمع بين مجلسي النواب والدولة وإشراك المجلس الرئاسي في قرار اختيار محافظ مصرف ليبيا المركزي، على الرغم من أن اتخاذ هذا القرار ليس من اختصاص الرئاسي.

أما بالنسبة لتركيا، فقد أعربت السفارة التركية في ليبيا عن رفضها لقرار إقالة الصديق الكبير. بيان السفارة وبحسب مراقبين يعود للعلاقة الوطيدة بين أنقرة والصديق الكبير لوجود مصالح مشتركة بين الطرفين. فبينما يقوم الكبير بتوفير الدعم المادي من أموال الشعب الليبي لبناء القواعد العسكرية التركية ودفع رواتب الميليشيات، وفي المقابل يتلقى الكبير الحماية والحصانة التركية للبقاء في منصبه، وخير دليل على ذلك هو لجوءه لتركيا فور إقالته من منصبه.