طالب سكان بمدينة القصرين والتي تشمل جبل الشعانبي، غربي تونس، المسؤولين برفع الحظر الأمني المفروض على المنطقة وترك الأهالي المحرومين من خيرات الجبل يواجهون خطر الإرهابيين.

 

جاء ذلك خلال اختتام الدورة الرابعة لعيد الرعاة (رعاة ومربي الماشية) بمنطقة الوساعية على سفح جبل سمامة التابعة لمعتمدية سبيطلة بمحافظة القصرين، غربي البلاد، اليوم الأحد، والذي نظمه المركز الثقافي الجبلي وجمعية الهضاب (غير حكوميين).

 

يأتي ذلك في الوقت الذي تستمر فيه الاشتباكات بين الجيش التونسي ومجموعات إرهابية بثالوث جبال القصرين التونسية، الشعانبي والسلوم وسمامة، المحيطة بمدينة القصرين (غرب)، التي استوطنها الإرهاب منذ ديسمبر/ كانون أول 2012

 

الدورة الرابعة اختار لها منظموها شعار "نعم.. أنا راع.. وألف نعم"، وتأتي في وضع اختار عدنان الهلالي، المدير الفني للمركز الثقافي الجبلي، وصفه بـ"الوضع الدراماتيكي"، وهذا الوضع دفع المركز الثقافي، حسب قوله، إلى "مضاعفة أنشطته فأعاد تمترسه على سفح الجبل لتنظيم أنشطته الموجهة أساسا لساكني المناطق الجبلية والمحاذية للجبل".

 

الجمعي بن محمد هلالي، أحد ساكني المنطقة ولا يزال يصر على البقاء بها رغم أنه لا يخفي صعوبة الحياة منذ أن اندلعت الأحداث الإرهابية بجبل الشعانبي وامتدت لتشمل جبل سمامة والسلوم وقرار السلطات إعلان هذه الجبال مناطق عسكرية مغلقة، يقول للأناضول "أفقدنا إغلاق الجبال موارد رزق عديدة فهي مرعى لقطعان ماشيتنا، وأفضل مكان لوضع بيوت النحل حيث يوفر الجبل الدفء خاصة في الشتاء".

 

وتابع: "نتمنى أن نستعيد الجبل، أن نستعيد مورد رزقنا، فنحن وللعام الثاني على التوالي محرومون منها حتى صرنا شبه عاطلين عن العمل، فتربية الماشية وحدها لا تكفي مواجهة احتياجاتنا اليومية".

 

وفي رسالة موجهة للسلطات، اختزل الجمعي مطالبه بقوله "افتحوا أمامنا الجبل، واتركونا وسنتحمل مسؤولياتنا".

 

ويختم حديثه بالقول "لن نستسلم، لازلنا هاهنا قاعدون، هؤلاء الذين استوطنوا جبلنا (في إشارة للإرهابيين) هم الغرباء ولن يخيفونا".

 

الوضع الدراماتيكي بدأ قبل أكثر من سنتين منذ أن استوطنت مجموعات إرهابية جبل الشعانبي وتسللت إلى الجبال المجاورة له من بينها جبل سمامة، وهو ما دفع الحكومة التونسية إلى إعلان الجبال مناطق عسكرية مغلقة ما ترك أثره على ساكني المناطق الجبلية والقريبة منها، وضيق من استفادتهم من الجبل مثلما اعتادوا.

 

وأعلن الجيش التونسي، الأربعاء الماضي، عن بدئه عملية عسكرية ضد مجموعة من المسلحين بجبل السلوم والتي بلغت حصيلتها حتى أمس الأول الجمعة ثلاثة قتلى في صفوف الجيش وعشرة إرهابيين بحسب تصريحات رسمية؛ مما دفع قوات الأمن إلى تكثيف جهودها لحماية تلك التظاهرة.

 

واختار منظمو التظاهرة منطقة الوساعية لمصاحبة رعاتها لمدة يومين (أمس واليوم) على بعد مئات الأمتار من حدود المنطقة العسكرية المغلقة في وجه من اعتادوا الصعود والرعي في الجبل من ساكني المنطقة.

 

جبال القصرين التي عادة ما اتخذت تسمية جبال إرهابيين تمتد على مساحات شاسعة ويقطن على سفوحها وفوق هضابها وتلالها عدد كبير من المواطنين يمثلون نسبة كبيرة من ساكني محافظة القصرين، ويتجاوز عدد المستقرين على سفوح الجبال الثلاثة وخمسين ألف شخص يعملون بالزراعة وتربية الماشية ويعتمدون في تحصيل قوتهم على ما يوفره الجبل.

 

ويعتقد كثيرون ممن التقتهم الأناضول أنهم الضحايا الأُوَل للحرب على الإرهاب، ففي الصيف الماضي انفجر لغم بجبل سمامة أدى إلى مصرع شاب من ساكني منطقة الوساعية، حيث طالب عدد منهم برفع الحظر عن جبل الشعانبي.

 

التظاهرة التي أعطيت إشارة انطلاقها مساء أمس السبت وانتهت اليوم شملت تنظيم حفلة فنية شارك فيها فنانون تونسيون وفرقة شعبية من منطقة سمامة.

 

وصباح اليوم الأحد، شارك الحاضرون إفطارهم ورافقوا قطعان الأغنام وأنشطة من حياة الرعاة مثل عملية جزّ الصوف ونظمت على هامشها ورش فنية، وتميزت بمشاركة واسعة من أهالي المنطقة ومن المحافظة ومن مناطق أخرى في تونس.

 

تظاهرة يرى فيها الجمعي الهلالي وأهالي المنطقة أملا في فك عزلة هذه المناطق على أمل أن تصمت ألغام الجبل ودوي الرصاص ويستعيدون جبلهم.