دعا مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية « إلى عملية شاملة تبدأ بالتزامن مع ترتيبات وقف إطلاق النار، وتسريح أفراد الجماعات المسلحة، ونزع سلاحها في ليبيا، ودمج الأفراد المؤهلين في المؤسسات المدنية، والأمنية، والعسكرية، بالدولة، على أساس فردي، وبناء على إحصاء لأفراد الجماعات المسلحة، وعمليات تدقيق مهنية. ندعو أيضاً الأمم المتحدة إلى تقديم المساعدة لإنجاز هذه العملية» وهو ما يتطلب العودة الى مخرجات إجتماعات القاهرة حول توحيد المؤسسة العسكرية
ويرفض الجيش اليبي دمج العناصر المؤدلجة داخل المؤسسة العسكرية ،وهو ما سيمثل أحد أبرز العراقيل أمام تحقيق ما دعا إليها المؤتمر ، حيث أن جانا مهما من الميلشيات التابعة لحكومة الوفاق ، مرتبطة فكريا وعقائديا وتنظيميا بتيارات الإسلام السياسي ، أو بالتيارات الثورية الراديكالية التي ترفض مبدأ المصالحة الوطنية
ويشير المراقبون الى أن الجيش الليبي قد يقبل دمج القيادات ذات التراتبية العسكرية والعسكريين من خريجي الأكاديميات المتخصصة سواء قبل العام 2011 أو بعده ، لكنه لن يدمج في صفوفه العناصر الميلشياوية وخاصة منها المتورطة في الإرهاب والتطرف أو في جرائم ضد الليبيين
كما دعا مؤمر برلين «إلى وضع ترتيبات أمنية مؤقتة فعّالة يحمي من خلالها الجيش، والشرطة، وقوات الأمن، المناطق السكنية، ومرافق البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المقرات الحكومية، والمطارات، والموانئ، والمعابر الحدودية، ومنشآت النفط، ومحطات الكهرباء، ومرافق البنية التحتية الاستراتيجية الخاصة بالمياه» ولكن دون تعريف واضح بالجيش المقصود ، فميلشيات الوفاق بدورها تقدم نفسها على أنها جيش وطني ، ولديها قيادة أركان ، كما أن أغلب القوات الأمنية العاملة حاليا تحت سلطة داخلية المجلس الرئاسي تنحدر من ميلشيات مثل قوة الردع الخاصة بقيادة عبد الرؤوف كارة وقوة الدعم المركزي بقيادة عبد الغني الككلي
وتأتي عنبارة «سوف تؤكد جميع الأطراف مرة أخرى على انفصالها عن أي جماعات إرهابية مدرجة على قائمة الأمم المتحدة» وفق نص البيان ، لتطرح جملة من الأسئلة حول الآليات التي سيتم إعتمادها في الكشف عن هويات العناصر الإرهابية داخل الميلشيات حتى يتم تحييدها ، خصوصا وأن أعداد مهمة من الإرهابيين تحظى بشرعية حكومة الوفاق ، ويتم تصنيفها على أنها مجاميع ثورية تتحرك تحت لواء ثورة 17 فبراير ،
أما دعوة المؤتمر « إلى تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2368، والقرارات الأخرى ذات الصلة المتعلقة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة»، والأفراد المصنفين إرهابيين، والجماعات والكيانات المصنفة إرهابية، خاصة البنود المتعلقة بحظر السفر، والتجميد الفوري للأموال وغيرها من الأصول المالية، أو الموارد الاقتصادية للأفراد المصنفين إرهابيين، والكيانات المصنفة إرهابية » فإنها ستشكل أحد العراقيل أمام التنفيد الفعلي للقرارات ، بإعتبار أن عددا من أمراء الحرب وقادة الميلشيات الفاعلين هم من الملاحقين أمميا وممن وردت أسماؤهم في لوائح الإرهاب أو التهريب والإتجار بالبشر ، ومع ذلك لا يزالون يعملون تحت سلطة الوفاق ، ومن بينهم صلاح بادي ووسام بن حميد وأحمد الدباشي،
كما دعوة « الأمم المتحدة إلى تيسير مفاوضات وقف إطلاق النار بين الأطراف، ويشمل ذلك إنشاء لجان فنية فوراً لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار، والتحقق من ذلك، إلى جانب تسريح أفراد الجماعات المسلحة، وتنفيذ الترتيبات الأمنية المؤقتة» فيحتاج الى قوة أممية على الأرض للمساهمة في ذلك ، حيث لن يكون سهلا حل العشرات من الميلشيات والجماعات المسلحة التي يتزعمها أمراء حرب وأباطرة تهريب باتوا يمثلون قوة فاعلة على الأرض بما يمتلون من أسلحة ومال ونفوذ إجتماعي ومصالح لا يريدون لها أن تنتهي بسهولة
وتأتي دعوة « مجلس الأمن إلى فرض عقوبات ملائمة على من يثبت انتهاكه ومخالفته لترتيبات وقف إطلاق النار، وإلزام الدول الأعضاء بتنفيذها » لتعيد الى الأذهان مواقف سابقة من هذا القبيل لم تعرف طريقها الى التفعيل الجدي ، فأغلب المطلوبين للقضاء أو الخاضعين للعقوبات الدولية ، يتحركون بسهولة بين ليبيا وتركيا وبعض الدول الأخرى ، وباتت لهم إمكانيات مالية وعلاقات مع مراكز النفوذ تجعلهم في مأمن من الملاحقة