لايمكنك أن تشاهده ولا تصاب بدهشة ,دهشة تجعلك عاجزا عن الوصف ,فحينما تكتمل عناصر الابداع لابد أن يظهر لنا "دهشة "يحي الفخراني الذي أعطي لجيله من الفنانين وللأجيال القادمة والماضية درسا تمثيليا لا يمكن أن ينساه التاريخ الدرامي من خلال مسلسله الصعيدي "دهشة "المقتبس من الرواية العالمية "الملك لير "لوليم شكسبير وقد سبق وقدمها الفخراني في عرض مسرحي منذ سنوات وهو ما يجعل اقدامه علي اعادة التجربة خطوة جريئة بها قدر كبير من المغامرة ولكنها مغامرة محسوبة  حيث  اكتملت فيها عناصر التميز الفني الذي يجعله في مقدمة الأعمال الدرامية هذا العام ,فالسيناريو  الذي صاغه الكاتب عبد الرحيم كمال والذي يمكنك أن تتأكد فور مشاهدتك للعمل أنه استطاع أن يتفوق علي الرواية العالمية والحوار المبسط الذي صاغه عبد الرحيم لأبطاله تجعل تشعر أنك تعيش معهم كل أحداث المسلسل لحظة بلحظة وتنفعل بانفعالاتهم وتبكي لبكائهم وتتعجب من قسوة بنات الباسل حمد الباشا "يحي الفخراني "حين طرد من منازلهن حافيا  يشكو  لله قلة حيلته وهوانه علي بناته الذي لا يرجو سوي رضاهن, ويرجوه أن يأخذ له بحقه من بناته في مشهد أبكي الجميع مشهد لا يمكن أن تنساه ذاكرة الدراما المصرية مشهد يمنحه لقب "عملاق الدراما المصرية ",حيث تجاوز فيه كل معاني الابداع,

 ابداع الأداء والحوار والاخراج

الاخراج الذي استطاع فيه شادي الفخراني في ثاني تجاربه الاخراجية أن يحقق مقولة "هذا الشبل من ذاك الأسد ",بداية من اختياراته للممثلين التي تثبت لك أنه يستطيع اخراج طاقات فنية جديدة لدي كل منهم لم نراها من قبل ولنبدأ بنبيل الحلفاوي الذي أعاده شادي الفخراني للدراما في ثوب جديد مبهر ,وعايدة عبد العزيز  في "سكن " والتي أبكت الجميع في مشهد وداعها لحبيبها الأول الذي انتظرته سنوات ومات بين أحضانها بعد فراق 20 عام والتي تعتبر اعادة اكتشاف لقدرات فنية هائة لديها لم يقدمها  مخرج من قبل ,وكذلك فتحي عبد الوهاب الذي ظهر في دور راضي "ابن الغازية "وأتقنه لدرجة تشعر أنه عاش فترة طويلة من عمره وسط الغوازي , وحنان مطاوع  التي تجعلك تكرهها من صدق أدائها في دور رابحة التي تحقد علي أختيها وتكره والدها  ووسط هذا الكم من الكره والحقد وحب التملك والسلطة تجد نفسك تنتظر الوجه البريء  يسرا اللوزي "نعمة والذي يعتبر هذا الدور نقلة هامة في مشوارها الفني" التي تنازلت عن الكنز الذي تركه لها والدها من أجل حبها الأول ويجسده الممثل الشاب محمد الأحمدي  "بلال "ابن عمها   والذي تفوق هذه المرة بأداء طبيعي ملحوظ 

فكل مشهد داخل العمل استطاع شادي الفخراني بسلاسة حوار  عبد الرحيم كمال  أن يشعرك أنه مسلسل كاملا له بداية ووسط ونهاية

فضلا عن الموسيقي التصويرية التي صاغها عمر خيرت ببراعة لتكون عاملا أساسيا للمشهد ,وحركة الكاميرا التي أتقنها سمير بهزان ليثبت أنه قادر علي أن منافسة  مديري تصوير الدراما كما نافسهم في السينما

فحين تكتمل كل هذه العناصر في عمل درامي  واحد تستشعر التفاؤل في مستقبل الدراما القادمة .