حسنا، نحن هنا على أرض الملح، نسكن في كوخ صغير مبني بالقش على شاطئ البحر، نمارس طقوسنا بجدية مفرطة، ونهتم بالتفاصيل الصغيرة والكبيرة، نحب بعض ونكره بعض بشكل او بأخر، مررنا بتجارب كثيرة، أهمها الحرب والانتقام!
في طرابلس، عاصمة الليبين، يتكرر المشهد، ولا نعرف بالتحديد ما الذي يحدث هناك، وما الذي أصاب الغوغائيين، وما سبب تلك الموجة الانتقامية، لكننا نعرف أيضا ان نقل السبب عبر الدكاكين الاعلامية لن يكون جزءا من الصواب، بل سيكون ذات أجندة معقدة، ومفتقدة للسلام.
بالرغم من ذلك تجدني أسأل نفسي عما يدور في أدمغة الناس هناك أثناء الحرب، أسأل نفسي، هل في استطاعة الأطفال الهرب من هذا الخطر، هل تفر النساء من هذا المأزق، هل يقف الرجال بصمتا محزنا، لا أدري ما الإجابة! لكنني أعرف خفايا الحرب، وأعرف القذائف العشوائية التي تقتل وتدمر وتحرق كل الأخضر واليابس والانسان!
الحرب لعينة للغاية يا أصدقاء، قد سرقت ايامنا دون إذن، سرقت بهجتنا وافراحنا دون أي مبرر، سرقت كل شيء ولم تجلب لنا إلا الموت، والبكاء، والخيبة، حينما انتهت طبول الحرب في مدينتي، ذهبت إلى شاطئ البحر وبنيت كوخا، وقلت لنفسي: لعل يأتي قارب نجاة، ينقلنا إلى بر الامان !
نعيش هنا كصفحة مزورة ممزقة من تاريخ الاساطير ، اندثرت هويتها منذ توغل الغول !