في الخطابات والاحتفالات الرسمية بمناسبة إنزال نورماندي بتاريخ 6 يونيو حزيران، كان الأفارقة هم منسيو التاريخ.

لقد ذهب الدور الحربي للأفارقة خلال الحرب العالمية الثانية أدراج النسيان. ففي يوم 6 يونيو 2014 لم يتم استدعاء أي رئيس دولة إفريقية خلال الاحتفال بالذكرى الـ70 لإنزال قوات الحلفاء. ولم يُكرم ولو جندي واحد من بين آلاف الأفارقة الذين ضحوا بحياتهم من أجل تحرير فرنسا وأوروبا.

 يبدو أن التاريخ الذي كتبه المنتصرون لا يقيم سوى إنجازات الجنود الأميركيين والأوروبيين ونسي المشاركة الإفريقية الكبيرة التي تعبأ لها جنود بلدان إفريقيا جنوب الصحراء والبلدان المغاربية.

أفارقة لتحرير فرنسا وأوروبا

شارك الجنود الأفارقة بكثافة في الحرب العالمية الثانية. فقد تم حشد الآلاف منهم، من مغاربيين ودول الصحراء (المحاربون السنغاليون) ، ومن مختلف المستعمرات الفرنسية للقتال بجانب فرنسا وأوروبا خلال الحرب العالمية الثانية.

وقد لعبت الإمبراطوريات الاستعمارية الفرنسية والبريطانية دورا رئيسيا في هذه الحرب. إذ كانت إفريقيا آنذاك مسرحا للعمليات العسكرية وشاركت في تمويل الحرب. كما أن القوى الاستعمارية المشاركة في الحرب (ألمانيا وإيطاليا من جهة، ضد فرنسا وانكلترا وبلجيكا من جهة أخرى) تواجهت في المستعمرات الإفريقية. وساهم ذلك في تعزيز معسكر الحلفاء، خاصة أن إفريقيا شكلت قاعدة خلفية لعمليات الحلفاء العسكرية.

من الجانب الفرنسي، قدر مجموع جنود المشاة السنغاليين المشاركين في الحرب بما يناهز 179 ألف جندي، بينهم 40 ألف في أوروبا بالإضافة لأعداد كبيرة أخرى كانت قد حشدت من دول شمال أفريقيا.

أما من الجانب البريطاني، فتشير التقديرات إلى أنهم حشدوا ما بين 1940-1944 ما لايقل عن 420 ألف جنديا  من مستعمراتهم الإفريقية، بينهم 169 ألف من دول إفريقيا الغربية التابعة للتاج البريطاني و75 ألف من إفريقيا الشرقية و55 ألف من أوغندا و92 ألف من تنجانيقا آنذاك.

معاملة غير عادلة

بالفعل عانى الجنود الأفارقة من الحيف على جبهات القتال (عنصرية وسوء معاملة...). لم يكن لهم الحق في الحصول على معاشات بعد نهاية الحرب. انتظروا حتى سنة 2007 ، حين كان معظمهم في عداد الموتى، ليتمكن القدماء منهم، أخيرا، من معاش إسوة بنظرائهم من الجنود الفرنسيين الذين شاركوا في الحرب.

لقد تم تجاهل الآلاف من الجنود الأفارقة الذين دفعوا من دمائهم ضريبة صراع أوروبي محض، ولم يحظوا بالمكانة التي تليق بتضحياتهم الجسام. وكانت نقطة ارتياحهم الوحيدة، بعد سنوات قليلة من نهاية الحرب العالمية الثانية، هي احتجاجاتهم التي ساهمت في تسريع وثيرة انتزاع بلدانهم استقلالها في الستينيات من القرن الماضي.