قال الكاتب الإيرلندي باتريك كوكبرن في مقال نشر بصحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية أن ما تشهده اليوم ليبيا يمهد لثورة مضادة من خلال "الانقلاب" الذي يقوم به اللواء المتقاعد خليفة حفتر، مشيرة إلى أنه دليل على انحدار ليبيا نحو الحرب الأهلية. وأضافت الصحيفة أن هجوم اللواء حفتر المفاجئ في بنغازي وطرابلس واستخدامه القوات الجوية ضد مواقع معارضيه أظهر قدرته على الحصول على التأييد أكثر من الجيش الليبي أو التشكيلات المسلحة. ويضيف كوكبرن أنه من المتوقع أن يحصل حفتر على تأييد كل من الولايات المتحدة ومصر والسعودية، بسبب استنكاره وهجومه على الإرهاب وجماعة الإخوان. وتوقع كاتب المقال باتريك كوكبرن أن يشهد "الوضع الليبي الراهن حدوث عدة سيناريوهات، إما تكرار السيناريو المصري حيث عادت رموز النظام السابق إلى الظهور بدعم من الجيش ومؤسسات الدولة، أو تقع الدولة فريسة الحرب الأهلية كما حدث في سوريا، لكن مع فارق مهم هو عدم تمكن القوى المعارضة الليبية من ملء الفراغ الذي تلى معمر القذافي". ويشير الكاتب إلى أن المشكلة الأكبر التي تواجهها ليبيا هي وجود عدة مراكز للقوى، أولها برلمان يسيطر عليه الإسلاميون، والذي يبدو مهزوزا خاصة بعد تأجيل الانتخابات، وحكومة غير فعّالة لا تقدر على المواجهة وجماعات إسلامية بعضها متشدد، إضافة إلى جماعة المصالح المتبقية من عهد القذافي، فهذا العدد من اللاعبين في المسرح السياسي أدى إلى نوع من الفوضى وعدم تمكن أي طرف من إنهاء هذه الفوضى. الدعم الذي يحظى به حفتر أقوى من المُتوقع لكنه آيل للسقوط، كما يرى الكاتب، فحتى إذا تمكن حفتر من تحريك الغضب الشعبي ضد التشكيلات المسلحة من أجل تكوين جهاز شرطي قوي، وجيش وطني، يبقى الجيش الليبي الوطني نفسه واحدًا من هذه التشكيلات. ويشبه الكاتب التدخل الخارجي بسلاح ذي حدين، من الممكن أن يمنع وقوع حرب أهلية، أو قد يعجل بها كما حدث في سوريا؛ حيث أقنع المعارضة بإمكانية فوزهم في معركة عسكرية ضد النظام، فعلى الرغم من سوء الوضع الحالي في ليبيا لكنه لم يصل إلى العنف الذي انتشر في العراق وأفغانستان أثناء الحرب الأهلية، وحتى الآن لم تقع أضرار كبيرة في ليبيا جراء العنف، لكن هذا قد يتغير سريعًا في حال تحولت الأحداث إلى مواجهات عسكرية. ففي ليبيا، وجميع دول الربيع العربي، امتزجت الثورة مع الثورة المضادة والتدخل الأجنبي، ومما يدعو للدهشة أن السعودية ودول الخليج، الذين رأوا في ثورات الربيع العربي معركة للبقاء، كانوا من ضمن الداعمين الأكبر للمتمردين في ليبيا، وكان نوعًا من النفاق أن يتظاهر الغرب وأميركا أن هذه الديكتاتوريات صاحبة المرجعية الإسلامية كانت ترغب حقًا في ديمقراطية مدنية، على حد قول الكاتب.