اتفقت الأطراف المشاركة في جولات الحوار الليبي برعاية الأمم المتحدة في الاتفاق على مبدأ تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكنها لم تحسم أمرها بعد بخصوص الشخصية التي سترأس هذه الحكومة والتي ظلّت مثار خلاف وتباين بين أعضاء مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته، حسب صحيفة العرب.

يذكر أن بعثة الأمم المتحدة للدعم طرحت مقترحا لحل الأزمة الليبية، يقوم على احترام الانتخابات ونتائجها، واحترام شرعية الدولة ومؤسساتها القضائية، والامتثال إلى مبادئ ثورة 17 فبراير.

 وأوضحت البعثة أن هيكل هذا الحل المقترح يتشكل من 6 نقاط رئيسة، أهمها تشكيل حكومة وحدة وطنية، ومجلس رئاسي مكون من شخصيات مستقلة، وتكون مقبولة من أطراف النزاع، وتتكون العضوية الأساسية للمجلس الرئاسي من رئيس ونائبيه.

كما أسند المقترح إلى مجلس النواب الهيئة التشريعية لتمثل جميع الليبيين، في إطار التطبيق الكامل لمبادئ الشرعية ومشاركة الجميع.

وأكدت تقارير إخبارية أن فرقاء ليبيا توصلوا إلى اتفاق مبدئي يقوم على تعيين رئيس حكومة وحدة غير محسوب على البرلمان أو المؤتمر لضمان الحياد.

ومن الأسماء التي طرحت رئيس المؤتمر السابق محمد يوسف المقريف وعبدالرحمن شلقم المعروف بأنه "صديق طفولة القذافي" وأبرز المقربين له منذ سنوات.

ورجّح مراقبون أن يثير طرح هذه الأسماء المحسوبة على النظام السابق جدلا قد يربك الساحة السياسية الليبية ويحول دون التوصل إلى حل لإنهاء أزمة الشرعية، خاصّة أن المؤتمر الوطني العام يطالب بتفعيل قانون العزل السياسي في حين قرّر مجلس النواب في وقت سابق إلغاءه لأنه حسب تعبير الرائد محمد الحجازي، الناطق باسم عملية الكرامة، "قانون جائر وظالم، فرض على البلاد بقوة فوهات البنادق وقت إصداره، وتضرّرت شخصيات سياسية بارزة منه، كما تضرر أغلب ضباط وقيادات الجيش وأوقفوا عن العمل بسببه".

يشار إلى أن المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته أصدر في الخامس من مايو سنة 2013 قانون العزل السياسي الذي يقضي بعزل كل من عمل مع النظام السابق ومنعهم من تولي أي مناصب قيادية في الإدارة الجديدة للبلاد.

وقد تمت الموافقة على القانون بأغلبية الأصوات، في جلسة غاب عنها رئيس المؤتمر الوطني آنذاك، محمد يوسف المقريف، أبرز المشمولين بالعزل لشغله منصب سفير ليبيا في الهند خلال فترة الثمانينات وأبرز المرشحين لتولي رئاسة حكومة الوحدة الوطنية.

وينص القانون على عزل كل من أفسد حياة الليبيين السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتولى مناصب قيادية أو مسؤوليات وظيفية أو إدارية أو مالية في كافة القطاعات الإدارية العامة والشركات أو المؤسسات المدنية أو الأمنية أو العسكرية وكل الهيئات الاعتبارية المملوكة للمجتمع وكذلك تأسيس الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني وعضويتها وكذلك الاتحادات والروابط والنقابات والنوادي، في عهد القذافي لمدة عشر سنوات.

وجاءت الموافقة على هذا القانون المثير للجدل بعد خلافات حادة شهدها المؤتمر الوطني، وكذلك الشارع الليبي المتأرجح بين التأييد والمعارضة.

ودافع إسلاميو ليبيا عن قانون العزل السياسي وأصروا على إقراره، فقد فرضت الميليشيات المسلحة المتشددة حصارا مسلحا لأيام على عدد من الوزارات السيادية للضغط على النواب الرافضين للقانون من أجل تمريره.

وأكد أعضاء في المؤتمر بعيد إقرار القانون أن جماعة الإخوان ضغطت من أجل إلغاء مواد بالقانون تنص على عزل كل من تصالح مع نظام القذافي، في إشارة إلى الإسلاميين الذين رعوا مشروع إصلاح سيــاسي تبنــاه نجل القذافي سيف الإسلام.

وتستمر المفاوضات والاجتماعات بين الفاعلين السياسيين لحل الأزمة الليبية، حيث عقد القائد العام للجيش الليبي، الفريق أول ركن خليفة حفتر اجتماعا مع رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح قويدر ورئيس الأركان العامة اللواء عبدالرازق الناظوري، لبحث ترتيبات المسار الأمني في الحوار السياسي.

وتطرَّق الاجتماع، وفق مصدر بالقيادة العامة للجيش الوطني إلى مناقشة سبل دعم القوات المسلحة وتعزيز قدراتها الدفاعية لمحاربة الإرهاب، بالإضافة إلى الوضع الميداني في محاور وجبهات القتال، وعمليات تحرير طرابلس.

وتعالت في الآونة الأخيرة الأصوات المنادية بضرورة دعم الجيش الليبي في حربه ضدّ التنظيمات الجهادية ورفع حظر الأسلحة عن ليبيا، وهو ما لم تستجب له الأمم المتحدة لاعتبارات عدّة أهمها أن قرارا مماثلا سيكثّف حالة الفوضى وسيحوّل ليبيا إلى خزّان للأسلحة التي من المرجح أن يستفيد منها المتشددون.