تواجه تونس أزمة سياسية طاحنة ، في ظل رفض رئيس الحكومة يوسف الشاهد الإستقالة أو طرق أبواب البرلمان لعرض نفسه وفريقه الحكومي في إختبار ثقة جديد ، وتشقق ما تبقى من حزب حركة نداء تونس الى موالين للمدير التنفيذي حافظ قائد السبسي ، مقابل موالين للشاهد يتزعمهم رئيس الكتلة البرلمانية للحزب سفيان طوبال

وقالت مصادر مطلعة أن الإجتماع الذي أشرف عليه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الإثنين  الماضي ، وشارك فيه رئيس الحكومة ورئيس البرلمان والأمين العام لإتحاد الشعل ورئيس منظمة أرباب العمل ورئيس حركة النهضة والمدير التنفيذي لنداء تونس ، إنفض بعد أكثر من ثلاث ساعات من الجدل العقيم دون الوصول الى أية نتيجة تذكر ، مشيرة الى أن تلاسنا حادا جدّ بين يوسف الشاهد وحافظ قائد السبسي حول الأحقية في الحديث بإسم حركة نداء تونس ، الحزب الذي يحذر المراقبون من أنه في طريقه الى الإنهيار ، ما يعني فقدان التوازن السياسي في البلاد ، وفتح المجال أمام تغوّل الإسلاميين خصوصا مع بروز مؤشرات حول إستعداد راشد الغنوشي للترشح لرئاسيات 2019 ، بعد حصوله على ضوء أخضر من بعض القوى الخارجية ، وفق ما كان أشار إليه برهان بسيس أمين السياسات في النداء

وقد ألمح الرئيس السبسي الى أنه قد يضطر الى خوض السباق الرئاسي القادم ، وهو في الثانية والتسعين من عمره ، عندما قال  في حوار تلفزيوني الأحد الماضي ، ان الدستور يمنحه الحق في الترشح لخوض غمار الرئاسيات المقبلة و تابع : “سيعلم الناس ان كنت ساترشح ام لا عندما يفتح باب الترشحات لهذه الانتخابات و هذا ليس ما يقلق التونسيين حاليا بل ما يقلقهم استفحال البطالة و الفقر وغيرها “.

وأكد السبسي ان الاعناق كلها مشرئبة نحو سنة 2019 مشيرا الى ضرورة ان يجتهد الجميع، وأن يتحلوا بشيء من نكران الذات ، مستغربا من  ” أن يفكر من هو في الحكم  في (انتخابات) 2019 قبل ان ينجح في مهمته الحالية »

كما  أبرز السبسي ، في مناسبات عدة ، أن أي قرار في خصوص 2019 سيكون مرتبطا بحالته الصحية ، فيما يشير مقربون منه ، الى أنه لا يجد في حركة نداء تونس حاليا من يمكن الإعتماد عليه ليرثه على كرسي الرئاسة ، وهو ما يعني أن الحكم قد يؤول الى الإسلاميين الذين نجحوا ، وفق المراقبين ، في الاستفادة من تشتت صفوف القوى المدنية والحداثية ، ثم في التصدع الذي ضرب نداء تونس ، ولم تكن حركة النهضة بعيدة عنه

وقد يضطر السبسي الى الترشح لرئاسيات 2019 ما يعني أنه سيصنع المفاجأة ، التي سبق وأن أوضح الغنوشي أنه لن يتقدم للإنتخابات في حالة إقدام الرئيس الحالي عليها

وبينما تحدثت أوساط سياسية عن إستعداد الشاهد لتأسيس حزب جديد من صلب حركة نداء تونس يخوض من خلاله غمار إنتخابات 2019 ، وقالت أن إستقالة الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع الهيئات الدستورية و حقوق الإنسان مهدي بن غربية السبت الماضي ، تدخل في إطار التفرغ لإطلاق الحزب ، قطعت حركة النهضة الطريق أمام المشروع ، بأن دعت رئيس الحكومة الحالية الى عدم الترشح للإنتخابات  القادمة  وإلتزام حكومته بتنفيذ الإصلاحات الإقتصادية التي تم التوافق حولها في وثيقة قرطاج 2 ،

وفسر المهتمون بالشأن التونسي موقف حركة النهضة بأنها تسعى الى ضرب أكثر من عصفور بحجر بواحد ، ومن ذلك شق ما تبقى من صف حزب نداء تونس ، وإضعافه حتى لا يكون منافسا جديا لها في إنتخابات 2019 ، ومساندة يوسف الشاهد في الفترة الحالية ليتحمل وحده نتائج الإصلاحات الإقتصادية الموجعة بما قد يقضي على مستقبله السياسي ، والإستفادة من رفضها الإطاحة به حاليا في تحقيق المزيد من التغلغل داخل مؤسسات الدولة

ويؤكدون أن التجربة السياسية لما سمي بمرحلة الإنتقال الديمقراطي أكدت أن كل حزب يتحالف مع الإسلام السياسي سيكون مآله الإندثار ، كما حدث في العام 2011 مع حزبي المؤتمر  والتكتل الذين تحالفت معهما حركة النهضة ضمن حكم الترويكا ، ثم مع نداء تونس الذي أصابته تصدعات أدت الى تشكيل أربعة أحزاب من صلبه ، وفقدانه صدارة المشهد البرلماني ، وتراجع نتائجه في الأنتخابات البلدية الأخيرة مقارنة برئاسيات وتشريعيات 2014