اكد اليوم مهدي جمعة رئيس الحكومة التونسية لدى اشرافه على اجتماع حوالي 50وزيرمن بلدان عربية وافريقية على ضرورة التعاون الوثيق في مجال تبادل الخبرات والتجارب وتطوير الاستثمارات ورحب في مستهل كلمته بأصحاب المعالي وزراء الزراعة الأفارقة وأصحاب السعادة وبجميع أعضاء الوفود المشاركة في هذه الدورة 28 للمؤتمر الإقليمي لإفريقيا لمنظّمة الأمم المتّحدة للأغذية والزراعة "الفاو"، شاكراً لهم تلبية الدعوة، ومتمنياً لهم طيب الإقامة في تونس.
واضاف ان هذا المؤتمر يجسدُ حرص بلادنا على انفتاحها على محيطها الإفريقي وتطوير العلاقات جنوب-جنوب وعلى تعزيز العلاقات مع دول القارة الإفريقية بما يخدم مصالح شعوبنا والتنمية الزراعية في بلداننا.وثمن الجهود المستمرة التي تبذلها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، وعلى رأسها الدكتور خوسيه غرازيانو دا سيلفا، بغاية مساعدة الأمم لتوفير الغذاء بتطوير الزراعة نوعا وكما.وقال هذا المؤتمر يمثل فرصة متميزة للوقوف على آخر مستجدات الوضع الغذائي في أفريقيا وتشخيص التحديات والإشكالات الواجب معالجتها بغية تدعيم الأمن الغذائي في بلدانناوتنصهِرُ هذه المرامي مع ما تمَّ رسْمُهُ من توجهات في القمّة العالمية للأغذية وقمّة الألفية للتنمية بخصوص ضرورة تحسين أوضاع الأمن الغذائي العالمي كَرِهَان يتعيَّنُ تضافر جهود الجميع لكسبه.
وبالنظر إلى المواضيع التي ستتناولونها بالدرس، تتجلى الأهمية التي توليها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة إلى المسائل الإستراتيجية التي ستحدد مستقبل فلاحتنا على غرار المراهنة على الشباب وتشجيع انخراطه في الزراعة وتدعيم الأمن الغذائي الإفريقي والنهوض بالفلاحة الأسرية والصغرىواعتبر ان الشباب هم الركيزة الأساسية لمجتمعاتنا وفي بناء نهضة أممنا والورقة الرابحة لضمان استدامة إنتاج زراعتنا وتطويرها في العقود المقبلة. ولا شكَّ أن اضطلاع الشباب بالدور الكبير في دفع مسيرة التنمية بقارتنا، يتطلبُ مزيد الاهتمام بهذه الشريحة التي يتعينُ أن نوفر لها الحوافز والظروف الملاءمة لتعاطي الزراعة والاستثمار فيها.
فإفريقيا تزخر بأعلى معدل للشباب في ظل المعدلات المتزايدة للنمو السكاني بها، في حين أن معدل سن مزارعيها يتقدم باستمرار. كما تزخر القارة بثروات طبيعية وميزات تفاضلية تؤهلها لاستقطاب مزيد من الاستثمارات في القطاع الفلاحي.أمَّا فيما يتعلَّق بمعدل أعمار الفلاحين في بلادنا فهو يتجاوز حاليا50 سنة، كما أن نسبة الذين يفوق سنهم الستين سنة تناهز 43 بالمائة ومن منطلق الحرص على تعصير الفلاحة من خلال توجيه الشباب إليها وتشجيعهم على الاستثمار فيها، تم سن العديد من الحوافز لفائدة الباعثين الجدد وذلك :
بإقرار إمكانية حصول الشبان والمهندسين على قروض عقارية بشروط ميسرة لاقتناء أراضي فلاحية خاصة بهدف استغلالها وتنميتها. بتمكين الفلاحين الشبان وأبناء الفلاحين والفنيين الفلاحيين خاصة منهم أصحاب شهائد التعليم العالي الفلاحي من كِرَاء مقاسم فلاحية تابعة للدولة للاستثمار فيها وإحيائها. بوضع خطة لبعث محاضن في مؤسسات التعليم العالي الفلاحي لتكون فضاء لإيواء حاملي أفكار المشاريع ومرافقتهم من فكرة المشروع إلى فترة إنجازه بما يمكن من خلق جيل جديد من الباعثين الشبان.
وإضافة إلى التواصل أكثر مع الشباب وتوجيههم ومرافقتهم ، تستدعي مصالحتهم مع الزراعة – في تقديرنَا-تحسين الظروف المعيشية في المناطق الريفية ومزيد تخفيف إجراءات بعث المؤسسات والتقليص من التراخيص الإدارية وتطوير خدمات هياكل المساندةوخلص الى القول إنَّ الفلاحة الصغرى والأسرية، تمثلُ شريحة كبرى في هيكلة المستغلات الإفريقية وتبرز أهميتها من خلال دورها في شد الفلاحين إلى أراضيهم والحد من النزوح والمحافظة على التوازن الجهوي والبيئي.
كما تشير التقارير الدولية إلى أن حوالي 1.5 مليار شخص في العالم يعيشون من المزارع الصغيرة وتبلغُ نسبتهم في جنوب الصحراء الكبرى 80٪، كما يتواجد صغار الفلاحين بكثافة بالمناطق الغابية والجبلية التي تعاني من محدودية المرافق والبنية الأساسية وتُعدُّ من أكثر المناطق فقرا ببلداننا.ورغم وزنها، لا تتلقى الفلاحة الصغرى الدعم والتأطير الضّروري. حيْثُ أنَّ المشاريع التي تهدف إلى تطويرها غالبا ما تغفل واقعها و تتجاهل صوت العاملين فيهَا.وعلى غرار مثيلاتها بعديد البلدان الإفريقية تبقى الفلاحة في تونس بالأساس فلاحة صغرى يغلب عليها الطابع العائلي حيِثُ تُمثِّل المستغلات التي تقِلُّ مساحتها عن 20 هكتار والتي يبلغُ عددها 408 ألف مستـغلة أي ما يمثل 87% من مجموع المستغلات الفلاحية.
وبالنظر إلى الدور الهام الذي تلعبه هذه الفلاحة على مستوى توفير الغذاء لعدد هام من المتساكنين والمساهمة في خلق مورد الرزق وتنمية المناطق الريفية، فقد تم العمل على تأمين الإحاطة الضرورية بالمنتجين العاملين فيها وتمكينهم من الحصول على التمويلات اللازمة بشروط تفاضلية تراعي خصوصياتهم.واشار الى انه لا شكَّ أَنَّنَا مدعوون إلى العمل على مزيد تفعيل دور الفلاحة الصغرى في المنظومات الإنتاجية وذلك بإفراد هذا النشاط بسياسات تنموية ملاءمة للنهوض بصغار الفلاحين غير القادرين على مواكبة التحولات الاقتصادية العالمية وما سينجر عنها من منافسة
كما يتَّجِهُ التركيز على تطوير مسالك ترويج منتوج صغار الفلاحين عبر الشركات التعاونية للخدمات الفلاحية التي تعتبر حلقة ربط بينهم وبين محيطهم المهني وتُساعدهم في مجال التزويد والتسويق في الداخل والخارج.وافاد إن تأكيد مؤتمركم على موضوع حالة الأغذية والزراعة في البلدان الإفريقية في مرحلة بلغت أسعار القمح فيها مستويات قياسية بالأسواق العالمية، إنّما يدل على نظرة متبصرة من قبل منظّمة "الفاو" للمشاكل الحقيقية لفلاحتنا والتي تستدعي تجنيد طاقاتنا لهاوفي سياق متصل قال لا يخفى عليكم في هذا المجال أن الاتحاد الإفريقي أقر سنة 2014 كسنة الزراعة والأمن الغذائي في أفريقيا. وهو ما يبرهن تأكيد القادة الأفارقة على تطوير السياسات الرامية إلى تحقيق الأمن الغذائي وتدعيمه في منطقتنا.
ورغم النمو الاقتصادي المسجل خلال السنوات الأخيرة في مختلف أنحاء القارة الإفريقية، لا تزال أغلب دولنا تعاني من نقص حاد في المنتوجات الغذائية الرئيسة إذ تعتمد في تـأمين حاجياتها الاستهلاكية بقدر هام على التوريد بالرغم من امتلاكها الأراضي الزراعية والموارد المائية. ولا شكَّ أن معالجة النقائص التي تشل تطوير فلاحتنا على غرار ضعف المردودية وقلة التحكم في تقنيات الإنتاج ومحدودية الاستثمارات في القطاعات المجددة، تستدعي منا رسم إستراتيجيات وطنية محكمة، وإقامة تعاون وثيق في مجال تبادل الخبرات والتجارب وتطوير الاستثمارات بين بلداننا.
واشار الى انه من بين المحاور الأساسية التي يجب التركيز عليها كذلك، ترشيد وإحكام استغلال الموارد الطبيعية لضمان استدامتها وبقائها للأجيال القادموختم بان ثقته كبيرة في أن المساهمات البناءة والمتميزة للمشاركين في أشغال هذا المؤتمر وأن آراءهم ومقترحاتهم ستشكل أرضية صلبة ومنطلقا عمليا لرفع التحديات التي تواجه فلاحتنا وكسب رهاناتها وتوصياتكم بخصوص برنامج العمل للسنوات القادمة ستكون بمثابة ورقة الطريق لتفعيل دور منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة وتطوير أداءها في المستقبل.