مهمة مزدوجة تلك التي تنتظر رئيس الوزراء اليمني الجديد، معين عبد الملك، تتمثل في ضرورة تحرير بقية المناطق من قبضة الميليشيا، وإعادة ثقة المواطنين بالأداء الحكومي الذي فقد الكثير من مصداقيته، حتى يتسنى إعادة البناء مجددا.

يأتي الرئيس الجديد للحكومة من خارج الأطر السياسية المعروفة لكنه يواجه وضعا اقتصاديا متأزما بسبب تلاعب الميليشيا بالعملة الوطنية واستحواذها على نسبة عالية من عائدات الضرائب والجمارك ومصادرة الاحتياطي النقدي من البنك المركزي قبل نقله الى عدن، وعجز رئيس الحكومة السابق أحمد عبيد بن دغر عن مواجهة هذا التحدي، ما جعل سعر العملة الوطنية ينخفض إلى مستوى قياسي إذ بلغ سعر الدولار 730 ريالا.

ولأن بن دغر فضل تأجيج الصراع السياسي مع قوى سياسية فاعلة ومع أطراف في التحالف لتحميلها مسؤولية فشله في مواجهة الملفات الاقتصادية والتنموية ومكافحة الفساد، فإن الرهان على معين للغوص في معالجة التحديات الاقتصادية والاحتياجات المعيشية للسكان واتخاذ إجراءات عملية لمكافحة الفساد لأن من شان ذلك أن يعيد الثقة بالحكومة ويقدم نموذجا مشرفا في المناطق المحررة بعد أن تسبب الفشل الحكومي في السابق بغياب هذا النموذج.

الإشكالية الأخرى التي يواجهها رئيس الحكومة اليمنية الجديدة تتمثل في ضرورة تغيير الطاقم الوزاري، لاسيما وأن المعطيات كافة تؤكد أن استمراره لن يساعد في إحداث نقلة نوعية تؤثر في الواقع الاقتصادي وتعيد للمواطنين الأمل في انتعاش اقتصادي والحد من الفساد، باعتبار ذلك أساسا لاستكمال تحرير المناطق التي لا تزال تحت سيطرة ميليشيا الحوثي الإيرانية، كما أن الابتعاد عن اختلاق المعارك الوهمية مع الأطراف المنضوية في إطار الشرعية وتكريسها لخدمة طرف بذاته بإمكانه أن يساعد على تقديم صورة مختلفة لهذا الموقع خصوصا في الظروف الحالية التي يعيشها اليمنيون نتيجة الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي الإيرانية.

ومع تأكيد أطراف سياسية فاعلة على ضرورة تشكيل حكومة مصغرة لمواجهة متطلبات استكمال التحرير والتحديات الاقتصادية فإن الأوساط السياسية تأمل أن تكشف الأيام المقبلة عن خطوة بهذا الاتجاه لأن تقليص الحقائب الوزارية إلى النصف يعكس جدية الشرعية في توظيف الإمكانات لمعركة اليمنيين في مواجهة الميليشيا.

وإذا كان إلغاء نصف الحقائب الوزارية، والتعيينات المخالفة للقانون سيؤدي ألي خفض الإنفاق غير الضروري ومواجهة الفساد، فإن البلاد التي تعيش حالة حرب مع ميليشيا مدعومة من إيران تحتاج لتشكيلة حكومية تضم الوزارات الأساسية، ولا تحتاج إلى جيش من الوزراء والوكلاء والمستشارين وجحافل من الدبلوماسيين المعينين لأسباب لا علاقة لها باحتياجات المعركة، وأصبحت محل نقد وسخرية من الأوساط السياسية والشعبية على حد سواء.

وفي سبيل استئناف تصدير النفط والغاز وتحسين أداء الموانئ فإن على رئيس الحكومة الجديد مواجهة الصعوبات التي تعيق ذلك والتعاون بجدية وفاعلية مع التحالف من أجل تحقيق أقصى استفادة من هذه المصادر وينعكس إيجاباً على الواقع المعاش لليمنيين الذين يقاسون من نتائج الانقلاب على الشرعية.