في مصنع مغلق في العاصمة الليبية طرابلس يعيش رجال ونساء وأطفال مصابين بصدمات نفسية في أكواخ ضيقة كانت تستخدم لعمال المنازل ولكنها أصبحت الآن مأوى مؤقت للمدنيين الذين اقتلعتهم النزاعات من جذورهم.

وأكثر من 18 ألف شخص نزحوا وفقًا للأمم المتحدة إثر هجوم الذي شنته قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في محاولة للسيطرة على العاصمة من حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا.

ولم يتمكن الكثيرون من مغادرة المناطق الجنوبية من طرابلس، وهم محاصرين وسط القصف دون قتال ومعارك الأسلحة، حيث توقفت قوات طرابلس عن التقدم في الوقت الحالي.

ويتغير الوضع في الشوارع باستمرار حيث لم يتمكن الجانبان من تحقيق مكاسب كبيرة تاركين العائلات محاصرة بالقرب من خط المواجهة بحثًا عن مأوى مع الجيران.

وكان من بين الذين خرجوا، علي  البالغ من العمر 19 عامًا، الذي فر مع أسرته ويعيش الآن في كوخ مبني للرجال الذين يصنعون مقطورات شاحنات في مصنع مهجور.

وقال علي "تم إجلاؤنا من منزلنا بعد ثلاثة أيام من الاشتباكات"، مضيفا "هذا القميص الذي أرتديه هو كل ما أملكه".

وعلي هو مقاتل سابق لدى إحدى الجماعات المسلحة التي  لا يحصى عددها والتي سيطرت على الحياة في ليبيا منذ الإطاحة بالزعيم الراحل معمر القذافي في عام 2011، واستغلت وجودها لملء الفراغ السياسي والأمني.

وأصيب علي في إحدى المعارك خلال الصيف الماضي وعلى إثر هذا قرر ترك الجماعة المسلحة.

وقال "لقد دفعوا لي 100 دينار -70 دولارًا- يوميًا ... الآن لقد كسرت لكن هذا أفضل من القتال".

ويوجد في المخيم حوالي 47 عائلة مع ما يصل إلى ستة أفراد في كل غرفة صغيرة.

والمصنع نفسه هو ضحية الفوضى التي سادت في ليبيا بعدما انسحبت الشركات الأجنبية من البلاد منذ عام 2011 وأغلقت أماكن العمل.

وكانت إحدى الأمهات في المصنع تقوم بمناسك الحج في المملكة العربية السعودية عندما اندلع القتال الأخير، وجاءت مباشرة من مطار طرابلس إلى الملجأ لتكون مع بقية أفراد عائلتها الذين فروا من منزلهم.

وقالت وهي جالسة بجوار ابنتها على فراش على الأرض ورأسها بين يديها "تمكنت عائلتي من إحضار أوراق الأسرة ولكن ليس مجوهراتي"، ووالده الذي يعاني من مرض باركنسون تمتم فقط "ماذا يمكننا أن نفعل؟"

وفي كوخ آخر ربة منزل نبيلة أياد العماري البالغة من العمر 34 عامًا كانت تصلي من أجل الأصدقاء الذين اضطرت إلى تركهم.

وقالت "بعد مغادرتنا تلقينا أنباء تفيد بوجود قتلى وجرحى بين جيراننا".

ويستمر وصول المزيد من العائلات النازحة وبعضها يصطف في مكتب البلدية على بعد 10 دقائق بالسيارة للتحدث إلى المسؤولين الذين يكافحون لإيجاد أماكن في المدارس أو أكواخ العمال.

وقال عبد الفتاح محمد عثمان  رئيس مجلس الأزمات المحلي "منذ البداية ... لم تقدم لنا الدولة مساعدات".

وأضاف "تقدم بعض العائلات والشركات الدعم ولكن في ظل هذه الظروف، لن نتمكن من تقديم المساعدة."