مع اعلان حكومة الوحدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة،عن انطلاق اجراءا أمنية بهدف تأمين العاصمة والمنطقة الغربية، مازالت رائحة الموت تخيم علي البلاد وسط استمرار مسلسل القتل والعنف الذي تمارسه المجموعات المسلحة،لتتصاعد التساؤلات حول جدوى الاجراءات الأمنية في ظل انتشار السلاح الذي شكل ولازال يشكل المعظلة الأبرز في ليبيا.
وشهدت العاصمة الليبية،جرائم قتل واعتداء، حيث عثر على جثة المواطن الليبي، كمال بديري،الموظف في الرقابة الإدارية على قطاع الخارجية، بالقرب من قاعة الشعب بطرابلس.بعد أن تعرض لاطلاق نار من قبل مجهولين وأصيب بعدة رصاصات أردته مقتولا في سيارته.
ووصفت هيئة الرقابة الإداريّة،الحادثة بـ"الجريمة المروّعة النّكراء"، مضيفة أن الحادث "بمثابة ناقوس خطر يُقرَع مجدّدا للفت أنظار الدّولة ومؤسّساتها الأمنيّة والضّبطيّة إلى ضبط الخارجين عن القانون ومعاقبتهم".وشددت على ضرورة فرض القانون والمجاهرة به؛ "حفاظا على أمن البلاد واستقرارها، ونبذ شريعة الغاب التي نرفضها جميعا؛ وإيمانًا بالدّولة ومؤسّساتها وأجهزتها الأمنيّة والقضائيّة".
وشهد العاصمة حالات قتل متعددة خلال الفترة الماضية،كما تصاعدت وتيرة العنف واستهداف المنازل،حيث هاجم مسلحون منزل ،عضو مجلس النواب عن جنزور، سارة السويح.واستهدف المسلحون المنزل بقذائف "الآربي جي"،وفق ما أكدته النائبة الليبية، في تصريحات صحفية سابقة.
وأكدت السويح أن الهجوم أسفر عن أضرار مادية جسيمة بتدمير وحرق المنزل،وتسبب في حالة من الهلع والخوف وترويع الأمنيين في بيوتهم من الجيران حتى وسكان المنطقة.واشارت الى انه تم التواصل مع الجهات المختصة، ولا يوجد سبب لهذا الهجوم سوى ممارستها لعملها الديمقراطي ومواقفها كممثلة لناخبيها في مجلس النواب.
وشهدت مدينة العجيلات منذ أيام قليلة،محالولات اقتحام عدة منازل قامت بها مليشيات مسلحة، لإرغام الأهالي على دفع إتاوات،وإضطر الأهالي قوة للدفاع عن أنفسهم وسط غياب لداخلية الدبيبة.وتشهد مدينة العجيلات حالة إنفلات أمني منذ فترة طويلة وانتشار للميليشيات،وتندلع بينها اشتباكات متكررة في إطار صراعها على فرض النفوذ والسيطرة والتي يسقط فيها عشرات القتلى والجرحى من المدنيين فضلاً عن الخسائر في الممتلكات العامة والخاصة.
وتأتي هذه الجرائم،ساعات قليلة بعد اعلان وزير الداخلية المكلف في حكومة الوحدة، رسميا إطلاق المرحلة الأولى منما اسماه خطة تأمين العاصمة طرابلس.وأكد الطرابلسي في كلمة له،عزم وزارته على الارتقاء بمستوى الأداء الأمني وفق إستراتيجية علمية للوصول إلى أقصى مستهدفات الأمن في كافة ربوع البلاد متعهدا بتقديم الخدمات للمواطنين وفق سياسة أمنية واضحة ضامنة الاستفادة من القوى البشرية والإمكانيات المادية لبسط سيادة القانون.
وجاء ذلك وسط استعراض كبير للآليات والمركبات الجديدة،وأشار الطرابلسي إلى توزيع آليات على مديريات الأمن في العاصمة طرابلس لردع الخارجين عن القانون وتطبيق الخطة الأمنية الموضوعة ودعم قسم النجدة في مديرية أمن طرابلس بـ200 آلية للوجود في الشوارع لفرض الأمن مهيبا برجال الأمن العمل بمهنية تصون كرامة الإنسان،وفق تعبيره.
وانتقد رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا،أحمد حمزة،طريقة تعامل داخلية الدبيبة مع الأوضاع الأمنية المتردية في العاصمة.وقال حمزة في تدوينة على صفحته في "فيسبوك"،أن "الأمن لا يعني سيارات حديثة وأصوات مزعجة والاجتياز بكل وسيله في الشوارع المزدحمة حتى فوق رؤوس الناس".
وتساءل قائلا:"منذ متي كانت الخطط الأمنية تتم من خلال توفير السيارات او تكون أساس تنفيذها، ومن قال لكم أن الأمن فقط ينحصر في الأمن الظاهر والانتشار في الطُرقات بالسيارات الحديثة".وأضاف أن "الأمن هو وطنية بالدرجة الأولى حتى في سيارة قديمة لكن من بداخلها متخصص ومتدرب وله حس أمني عالي".
وتشكك العديد من الأطراف،في قدرة وزير داخلية حكومة الوحدة المكلف،عماد الطرابلسي،على ضبط الأمن في العاصمة خاصة أنه لا يملك أي تاريخ مهني، لمسك زمام أمور جهاز حساس كوزارة الداخلية، ناهيك عن الشبهات التي تدور حوله، حيث يعتبر قيادياً في الميليشيات التي انتشرت في ليبيا خلال السنوات الماضية، ويتهمه البعض بأن له "تاريخاً أسود وسيرة سيئة" بسبب تورطه في العديد من الجرائم.
ويرى مراقبون أن اشتباكات الميليشيات أصبحت واقع معتاد في الغرب الليبي في ظل إنتشار السلاح،وغياب سلطة الدولة.وتشهد البلاد منذ أشهر،انقسامات حادة بين حكومة الوحدة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها، وحكومة باشاغا التي يدعمها البرلمان، ومقره شرق البلاد، من أجل استلام السلطة، وتنقسم المجموعات المسلحة بين دعم الحكومتين، ما أدى لاشتباكات بين الطرفين زادت من تعقيد الوضع الأمني.