ذكرت الكاتبة إميلي كادي، في مقال نشر بتاريخ 9 يوليو 2014 على موقع "أوزي" الأمريكي، أن هنالك شيئا مثيرا للدهشة بخصوص ليبيا، ففي خضم كل هذه الفوضى والصراع السياسي الداخلي والكتائب المارقة وروتين الاغتيالات، هنالك بصيص من الأمل، فالليبيون عازمون على الحفاظ على مسار الانتقال الديمقراطي الهش حيا.

وأوضحت الكاتبة أنه بعد حوالي ثلاث سنوات من الإطاحة بـ معمر القذافي، وبعد مضي سنتين تقريبا على اغتيال السفير الأمريكي كريسوفر ستيفنز في بنغازي، نمت الفوضى في ليبيا بشكل أسوأ مما كانت عليه.

تمسك بالأمل

ولكن حتى أكثر المتشائمين يعتقدون أن ليبيا ليست قضية خاسرة بعد، وذلك لأن أغلب الليبيين يريدون إنهاء القتال الذي يدمر البلاد، ومازالت هناك أغلبية تؤمن بقوة الديمقراطية.

وقد ذكرت الخبيرة في شؤون شمال أفريقيا من معهد الولايات المتحدة للسلام، جويس كاسي، والعائدة من اجتماعات في المنطقة "ما يزال هناك اعتزاز بالثورة" ، في إشارة إلى الإطاحة بالقذافي عقب انتفاضة شعبية على حد تعبيرها، وتابعت قولها "ما يزال هنالك الكثيرون يرغبون في إتمام هذا الانتقال".

ولاحظت الكاتبة أن هذه مهمة طويلة الأمد، حيث لا تملك ليبيا -هذه الدولة  الغنية بالنفط في شمال إفريقيا- غداة عقود من الحكم الاستبدادي، مؤسسات على غرار جيرانها تونس أو مصر، ولا تملك الآليات الأساسية مثل الجيش والقضاء والقطاع الخاص والنقابات، لكنها وضعت مسارها السياسي وحصلت على الدعم المتزايد من قبل المجتمع الدولي، فآخر شيء يريده أي شخص هو دولة فاشلة مجاورة لتونس ومصر الهشتين، وعلى بعد بضع مئات من الأميال من إيطاليا واليونان.

وقد صرحت مساعدة وزير الخارجية آن باترسون في شهادتها أمام الكونغرس الشهر الماضي أن "ليبيا تتوفر على أكبر شريط ساحلي من بين البلدان المطلة على ساحل البحر المتوسط، كما تتوفر على طرق النقل وإمكانية النفاذ إلى منطقة الشرق الأوسط بأكملها تقريبا".

وقد تسبب انهيار النظام هناك في تدفق الأسلحة والمتطرفين إلى شمال وغرب إفريقيا، كما تأجيج الصراعات في كل من مالي ونيجيريا ومصر.

ولاحظت الكاتبة أن ليبيا البلد العضو في منظمة الأوبك، تملك قدرة إنتاج تصل إلى 1.5 مليون برميل من النفط يوميا، لكن إنتاجها تراجع إلى 10 بالمائة فقط، بسبب الكتائب المتناحرة التي تتقاتل من أجل السيطرة على النفط.

انتقال صعب

ويوجد الآن خليط من الفصائل المتناحرة والكتائب المسلحة التي تتحكم في أجزاء مختلفة من البلاد، على غرار مجموعات تنحدر من الشرق والغرب، والأحزاب الإسلامية وغير الإسلامية وبقايا النظام الاستبدادي القديم والقادة الأوائل لثورة 2011، ناهيك عن الجماعات المتطرفة، مثل جماعة "أنصار الشريعة"، التي يشتبه بها في الهجوم الذي  ذهب ضحيته ستيفنز وثلاثة أمريكيين آخرين.

"ومع ذلك لا أحد يريد حقا أن يرى البلاد تنزلق إلى حرب أهلية مرة أخرى"، حسب السياسي كريس شيفز من مؤسسة راند للأبحاث.

وذكرت الكاتبة أن أفضل أمل لتجنب ذلك يكمن في العملية السياسية الجارية، وبينت أن الانتخابات البرلمانية التي أجريت في يونيو الماضي في ليبيا، عوضت المؤتمر الوطني العام المشلول والذي يسيطر عليه الإسلاميون، بمجلس نواب جديد، ورغم ذلك فإن فترة ولايته محدودة.

وأبرزت أن الهيئة الدستورية، شرعت في عملها يوم 20 أبريل الماضي وستواصل حتى نهاية أغسطس القادم، بهدف التوصل إلى مشروع دستور، هذا ويجب أن تتم الموافقة على الدستور في استفتاء عام، تليه جولة أخرى من الانتخابات لاختيار هيئة تشريعية دائمة.

وهنالك أمل في أن تساعد هذه العملية  على إضفاء الشرعية على الحكومة المنتخبة، وبدلا من ذلك، تتقاتل الكتائب المسلحة واللواء المتقاعد  خليفة حفتر لملء الفراغ في السلطة، وأشارت إلى أن عملية الحوار الوطني تمضي بالتوازي لإتمام العمل على الدستور.

وقد وصف الباحث لدى المجلس الاطلسي كريم مزران، ذلك مؤخرا بأنه "على الأرجح أهم مبادرة موجودة حاليا في ليبيا"، وذلك بسبب الشمولية التي تطبعه والمصداقية في بنائه عبر مجموعة من الفاعلين المحليين.