رغم القواسم المشتركة والعادات والتقاليد التي تجمع العالم الاسلامي في رمضان وتجعل منه، شهرا ذو قدسية خاصة توحد المسلمين اينما كانوا، إلا ان لكل منطقة ما يميزها عن غيرها من المناطق.
في الصحراء، لرمضان سحره الخاص، فهدوء الليل في فضاءها الشاسع والذي يبدو غير متناهي لنا وتلألأ النجوم، يمنح جلسات السمر وكؤؤس الأتاي المنعنع وتجاذب القصص والأشعار، رونقها وسحرها الذي لايقاوم لمن عاشها وألفاها.
لاجواء رمضان في الصحراء، كما في غيرها من العالم العربي والاسلامي، طقوسها الدينية الخاصة، ففي هذا الشهر، تتجه الأفئدة الى المولى عز وجل، طالبة مغفرته، ومتقربة اليه بأداء الشعائر الدينية وقيام الليل.
كما تكون مناسبة لتقوية الاواصر الاجتماعية والصدقة والتأليف بين القلوب وصلة الرحم واصلاح ذات البين، فالقلوب تكون تواقة الى التسامح والترفع عن الخطايا وغيرها.
تبقى تلك قواسم يشترك فيها المسلمون في كافة أرجاء الارض مهما اختلفت جنسياتهم وألوانهم ولغاتهم، وان اختلفت عاداتهم وتقاليدهم.
في الصحراء لرمضان، تقسيمه المحلي وثقافته وأكلاته الخاصة، وايضا طقوسه الخاصة، فنظرا لحرارة الشمس والأجواء الصحراوية الصعبة، يظل الناس خلال النهار قليلي الحركة، فيسود الهدؤ المدينة الا من البعض التجار والمهنيين ومرتادي امكان العبادة في أوقاتها.
اما الليل في الصحراء، فله طقوسه الخاصة وأكلاته المميزة من" زريك" لإطفاء العطش، وحساء الدقيق الابيض لتقوية الجسم، ولحم الشواء للعشاء و" بلغمان" للسحور.
ويقسم رمضان حسب صعوبته، فالعشرية الاولى، تسمى عشرية " التركة" أي الاطفال والعشرية الثانية، تسمى عشرية "ركاب لبل" أي من يركبون الابل ويسافرون لسرعة ايامها، وبينما تسمى العشرية الأخيرة، عشرية " لمسنات او ركاب الحمير" لتباطئها وثقلها على جسم الصائم.
ويظل سمر ليل رمضان على تلال المحيطة بالمدينة، رونق وسحر وجاذبية ليالي رمضان، اذ يتم الاعداد لها بشكل جيد كل ليلة، فيتم اختيار الندماء بعناية ممن يتقنون فن السمر الصحراء، الذي يتميز بتجاذب اطراف الحديث، قصصا تاريخية و" قوافي" الشعر وأقوال الحكمة، إضافة إلى الألعاب الشعبية المحلية.
ولا يمكن لهذا السمر أن يكون خاليا من طقس الاتاي بتقاليده الاصيلة الراسخة "الجماعة" اي السامرين والندماء، و"الجمر " اعداده على الجمر، و"الجر" أي تطويل اعداد الأتاي ليصاحب سمر الليل "الكأس الاولى والثانية والثالثة" وغالبا ما يصاحب جلسة الاتاي، شواء اللحم على الجمر، ليستمر السمر الى الساعات الاولى من الصباح، قبل ان يعود النهار الى هدؤه في انتظار ليل رمضاني جديد وسمر جديد.