رمضان في تونس له تقاليد قديمة وطابع خاص. على كامل الأيام تكون الحركة مختلفة. إلى ساعات الفجر الأولى تبقى المساجد مضاءة والمحلات التجارية مفتوحة والناس رائحون غادون. خلال وقت الإفطار يتم تقديم الوجبات والمساعدات المالية للمحتاجين. كما ينظم جامع الزيتونة المعمور بقلب المدينة العتيقة بتونس لقاءات قرآنية يحضرها المئات من المواطنين الذين يخلق بينهم رمضان أجواء خاصة.ذ
عشية أول أيام رمضان أو آخر يوم من شهر شعبان، تستعد العائلات كل واحدة على طريقتها بإعداد مختلف أنواع الحلويات المصنوعة من الدقيق والزيت والعسل والزبيب. كما يتم تحضير مكونات الأكل والبهارات اللازمة لوجبات رمضان، حيث تقوم التونسيات بأنفسهن بإعداد التوابل اللازمة لإعداد الوجبات التقليدية.
على مستوى الطقوس الدينية تختلف المدن في احتفالاتها، لكن كل واحدة تحاول أن تخلق للشهر الكريم أجواءه. ففي مدينة القيروان ذات الطابع الإسلامي وفي العاصمة كثيرة المساجد القديمة وفي المدن والمدن الساحلية في جنوب البلاد، تنظم الجمعيات القرآنية مسابقات قرآنية، ويتم تحضير اجتماعات للرجال في حلقات تصوف مع مجموعات من منشدي السلاميات، الذين يقومون بمدح الرسول محمد وإلقاء القصائد الصوفية، مصحوبين بصوت الدف، وبحضور محبي الأناشيد الصوفية.
وحتى خلال اليوم يلاحظ المتابع نفحة إيمانية زائدة، سواء داخل المساجد أو في المنازل حيث ارتفع أصوات القرآن من الأبواق أو من الأجهزة المنزلية، كما يتم إدخال الأطفال في الأجواء سواء عبر تشجيهم بلباس تقليدي أو باصطحابهم إلى صلاة التراويح، حيث يكون الاستعداد لها مبكرا. وبمجرّد تناول الإفطار يلبس الرجال الجبة والشاشية الموروثة عن التقاليد العثمانية ثم يتعطرون ويتجهون مجموعات نحو المساجد. كما أن النساء خاصة الكبار في السن يحرصن بدورهن على مرافقة أزواجهن أو أبنائهن لأداء الصلاة بحماس كبير دأبن عليه منذ الصغر.
أما الشباب والفتيات فيختارون إما الذهاب إلى المقاهي للعب الورق أو البقاء في المنازل لمتابعة الأعمال المنزلية، والاجتماع على أطباق الحلويات وإعداد القهوة التركية (تسمى في تونس قهوة عربي)، وهذا دارج خاصة في المدن الكبرى وأساسا العاصمة ذات الكثافة السكانية الكبيرة، والتي تكون فيها حرية الخروج من المنازل أكثر من بقية مدن البلاد.
كما أن الأسواق التونسية الكبيرة وعلى عكس بقية الأيام، تعيش بدورها الأجواء الرمضانية، حيث تكفي زيارة السوق الكبير وسط العاصمة لتشتم روائح التوابل المعدّة خصيصا للشهر الكريم وتشاهد أطباق البريك التي تبيعها النساء المحتاجات. بالإضافة إلى سماع أصوات باعة الأسماك التي ترتفع من كل مكان كل واحد يمدح سلعته بطريقة يجلب بها الزائرين.
لكن على الرغم من التقاليد الخاصة والعادات التي يكتشفها زائر تونس في رمضان بكل ما فيها من روح وطرافة، إلا أنه في السنوات الأخيرة غابت بعض المظاهر بسبب الأزمات الاقتصادية المتعاقبة وارتفاع الأسعار، وتراجع قدرات الشراء لدى المواطنين، مما أضعف بعض المظاهر الاحتفالية وجعل البعض يرى في رمضان كابوسا مخيفا يعجز عن مواجهة احتياجاته.