رغم صوت البارود والمدافع والهاوزر ولغة الوعيد والتنديد والجنائز اليومية .. رغم التدخل الأجنبي والعربي والسوس الإخواني ..  رغم الاستنزاف الاقتصادي والبشري تظل عروس البحر المتوسط شامخة متكئة على إرث ثقافي وحضاري.
  تبقى بعادتها وثقافتها الفريدة هي كما هي أنغامها لها وحدها موسيقاها الحانها كل من دخل أرضها صعب عليه فراقها ليس لدينا نيل لتعود لتشرب منه وليس لدينا ايفل ولا حتى شوارع روما .. لدينا رجال ومواقف تجبرك لترفع القبعة لتحيتها  عندنا السرايا الحمراء وقوس ماركوس وشط الهنشير وفشلوم وسوق الجمعة .. فيها أناس تجبرك ثقافتهم للجلوس والاستماع . . بيوتها مفتوحة للضيف في كل وقت .. "الجود بالموجود ويزيدوا عليه بخور العود انت غير زورها وستتبث لك الأيام لا الأقوال ومايغركش صوت الرصاص ومنظر شباشب الصبع ..  حادي شيابين المعرقة والفرملة وحتى صاحب  عكارية من غير فنار ..   ليبيا يا سادة مش ليبيا قصف الناتو و (شلة التآمر ) ليبيا تاريخ وحضارة واسأل زاير وماتسألش خسيس نقطة من أول السطر" .
اقترب فيها شهر رمضان المبارك شهر المغفرة والتوبة وبدأت معه الاستعدادات والتجهيزات للبيت الليبي. . شهر رمضان في ليبيا له نكهة خاصة. . العائلة الليبية تحب هذا الشهر فيه صلاة التراويح وفيه القرآن وفيه الشراء والتغيير في رمضان شربة الحوت والمبطن والبراك ورشتة الكسكاس والكسكسي بالوطني والبوريك( وبتيفور )ميزران وحليب راس حسن والخبزةالمحورة ( المداس ) وعصير اللوز المزهر .
في رمضان تلجأ العديد من الأسر لطلاء البيت رغم أنه ليس بحاجة لذلك تشتري الزوجات أوانٍ جديدة رغم أن أواني رمضان الماضي لم تستعمل تغير جلسات غرفة الاستقبال ولم يمر عليها عام نعم إنه الإسراف والتبدير لكن تظل عادات وطقوس لايستطعمها إلا الليبي وحده .
قبل الشهر الفضيل تزدحم الأسواق العامة بزاوية الدهماني وابو ستة وعرادة وسوق الحوت والمشير حيث المباني العتيقة و محلات التوابل  الطرابلسية  (بنة وصنة ) و يزاحم الرجال والنساء بعربات مليئة بالمواد الغدائية واللحوم والاجبان والدقيق وأنواع من المكرونة وشربة لسان العصفور وبكل تأكيد سوق 2 مارس سوق الخضار الطازجة ولاتنسى قبل أن تنعطف يسار لسوق الخضار أن تنعطف يمين لسوق اللحوم الإسباني والوطني والحوار وبعض من مستلزمات ( العصبان) .
هذه السنة قد يتغير الوضع لأن اشتباكات طرابلس وانعدام السيولة واللاجئين والوضع المتوتر قد يلجأ بعض الناس للاقتصاد في المصروف ولكنهم لن يغيروا ثقافة تبادل الزيارات والسهريات عند الأقارب والأصدقاء. 
  في ليبيا عادات لن يغيرها الزمن ولا الأوضاع البائسة.  
رمضان في ليبيا خير وإحسان وصدقات مساجد ليبيا وقرائها المسجلين الأوائل على المستوى الدولي في الحفظ والتلاوة والصوت الجميل
 في ليبيا لن تحتار لكي تذهب لمسجد بعيد للاستماع لشيخ صوته جميل في كل حي وشارع ومنطقة مساجد جميعها تجبرك على الخشوع وهذه ميزة ليبيا  لما لا وهي بلد المليون حافظ لكتاب الله لكن اجبرتها الظروف ان تكون ساحة للدم واصبح ينطبق عليها اسم الرواية الشهيرة الأخوة الاعداء .
في هذه الأيام وقبل دخول الشهر الفضيل امتلأت المصارف التي أعلنت عن توزيع سيولة فاضطر برب  الأسرة للوقوف لساعات لسحب مبلغ من رصيده لشراء حاجياته.
يقول زائر عربي او مقيم عربي الليبين في رمضان وغير رمضان طيبيين انا استشعرت هذا الشي عندما اقفل باب الورشة واذهب لتحضير وجبة افطاري يتصل بي العديد من الأصدقاء ويقولون  (فطورك عندي ) وفعلا مالذ وطاب يأتي الي من العديد الأصدقاء طوال الشهر الفضيل حتى أصبحت استحي واتمنى أن  احضر بنفسي وجبة الإفطار  .
يقول بائع من مصر  ليبيا  أرض الخير وناسها طيبين تعالى (بص بنفسك ) وانت تعرف ربنا يستر على ليبيا وناسها وترجع ( زي الاول ) .
المواطن الكادح والمواطن متوسط الدخل والمواطن التاجر كلهم سواء في هذا الشهر لاصوت يعلو على صوت التلاوة والاعتكاف في المسجد .
يقول مواطن وهو أحد النازحين من منطقة عين زارة اتمنى مع اقتراب رمضان أن نعود لبيوتنا وان تختفي أصوات المدافع ويعلوا ذكر الله .
يقول استاذ في جامعة طرابلس بكلية الاقتصاد  تستطيع أن تهجر الناس وان ترعبهم وتقتلهم لكن لن تستطيع  أن تحرمهم من الاستمتاع بذكر الله وقراءة القرآن وايمانيات رمضان . وأضاف قائلا كلنا مشاركون في خراب ليبيا واستباحة دماء الأبرياء.
زمان يحكي الأجداد عن أجواء رمضان الجميلة في ليبيا  ونفسية الناس الطيبة بأقل الإمكانيات وفي أجواء الفانوس والخبز اليابس وكانت الناس تنام في راحة وتستيقظ وهي سعيدة وربما لم نعش تلك الأجواء لكننا عشنا وبلادنا  لايعلوا فيها سوى صوت الأذان والتكبير وجلسة شاي العالة والسحور على (السفنز )  . وماذا سيحكي جيل السبعينيات للإحفاد عن ماضي أجدادهم أم صوت بارود ثوار فبراير .