"رجل توافقي يستطيع تنفيذ جميع الأفكار الكبيرة التي يحملها برنامجي".. هكذا قدم رئيس مدغشقر، هيري راجاوناريمامبينينا، رئيس وزراءه الجديد، كريستوف كولو روجي، اليوم الجمعة، للشعب الملغاشي.وكلف رئيس مدغشقر بعد ظهر اليوم الجمعة، روجي، 71 عاما، بتشكيل حكومة جديدة، مؤكدا في تصريحات لوسائل الاعلام إن رئيس الحكومة الجديد يمتلك كل المزايا لتقلد هذا المنصب، ومدرك لما تعنيه المصلحة العامة وملم بمشاكل البلاد".

روجي، أخصائي الأشعة الطبية، يدخل قصر "إيافولوها" (مقر إقامة رئيس الحكومة بالعاصمة أنتاناناريفو) لينهي قرابة 3 أشهر من الفراغ على مستوى رئاسة الحكومة في مدغشقر.إلا أن اقامته في إيافولوها، لن تكون سهلة، حيث يواجه حزمة من التحديات، أبرزها مكافحة الفقر ومعالجة القضايا الاجتماعية وفي مقدمتها الملف الصحي، فضلا عن ملف الغذاء، وهي أمور تحتاج لحلول عاجلة، قبل الانكباب على توفير فرص العمل، بحسب راجاوناريمامبينينا.

وبحسب احصاءات البنك الدولي حتى 2013، تعد مدغشقر واحدة من أفقر دول العالم، حيث يعيش 92% من سكانها تحت خط الفقر (أقل من 2 دولار في اليوم).كما تعاني البلاد من ضعف البنية التحتية في القطاع الصحي، ويوجد عجز في عدد الأسرة في الستشفيات، حيث يتوفر سريرين لكل 1000 مواطن. فيما يواجه 4 مليون مليون مواطن (اجمالي عدد السكان 23 مليون) خطر الجوع في المناطق الريفية بالبلاد، بحسب برنامج الغذاء العالمي.

وروجي يمارس مهنته كأخصائي أشعة في مدينة جنيف السويسرية حيث تحصل على شهادته الجامعية في العام 1982، وحيث يمتلك مركزا للأشعة والتصوير الطبي، وسبق له أن تقدم بأوراقه لخوض الانتخابات الرئاسية التي أجريت في أكتوبر/تشرين الأول 2013.إلا أن المحكمة الانتخابية الخاصة اسقطت ترشحه لعدم توفر شرط الاقامة الفعلية في مدغشقر قبل 6 أشهر من التقدم للترشح، طبقا للقانون الملغاشي.وبعد إسقاط المحكمة لترشحه، دعا "كولو روجي"، أنصاره لانتخاب راجاوناريمامبينينا كرئيس للبلاد.

وفسر متابعون للشأن الملغاشي تعيين روجي على رأس الحكومة على أنه "مناورة" من رئيس البلاد كي يتجنب أحد قادة حزب الـ"مياراكا أميني بريزيدا راجولينا"، المعروف بـ"مابار"، وهو أكبر حزب فاز بمقاعد في البرلمان (49 صوتا من أصل 151).ورفض قادة مابار، التعليق على التعيين، على غرار موقف كريستين رازاناماهاسوا، رئيسة المجلس الوطني (البرلمان)، التي قالت للأناضول: "لا أرغب في إصدار أي تعليق بخصوص هذا التعيين".

"تعيين روجي كولو على رأس الحكومة قد يكون بمثابة الفخ له، نظرا لغيابه الطويل عن البلاد وعدم وجود قوة سياسية داعمة له، إلا أن هذا الغياب يمكن أن يشكل مصدر قوة لأنه ليس لديه أي ارتباطات مع الاحزاب السياسية وبالتالي سيتمتع بحرية الحركة"، على حد قول أدرياماندرانتو راليسون، منسق مرصد الحياة العامة (غير حكومي).ووقع الاختيار على رئيس الحكومة الجديد، من بين 18 متسابقا رشحتهم مختلف التشكيلات السياسية، ليخلف عمر بيريزيكي، الذي قاد الحكومة التوافقية منذ 2011.

يذكر ان مدغشقر انزلقت إلى حالة من العزلة الدبلوماسية، وشهدت أزمة سياسية عاصفة عندما استولى أندري راجولينا على السلطة بدعم من الجيش عام 2009.واستطاعت مدغشقر الخروج من أزمتها بعد تمكّن راجاوناريمامبيانينا من الفوز بالانتخابات الرئاسية نهاية العام 2013، لتسجّل بذلك البلاد عودة تدريجية نحو النظام الدستوري.كما رفع الاتحاد الأفريقي، مطلع مارس/آذار الماضي، تعليق عضويتها، بعد تولي الرئيس الجديد السلطة في البلاد، عقب أول انتخابات جرت بعد انقلاب الجيش.