"مؤسف ان تدشن هيئة الانتخابات عملها بقبول ترشحات مشبوهة وكان لا يجب الفصل بين المسارين الانتخابي و القضائي...عودة رموز بن علي تثير المخاوف ولن نقبل بوضع رقابنا مجددا بين ايدي جلادي الامس وسنعود الى الشوارع ان فازوا بالحكم...تونس مقبلة على سنوات من اللااستقرار السياسي و الامني و اطراف داخلية و خارجية تسعى الى ارباك الانتخابات...دعمنا المرزوقي لانه خيار المرحلة المقبلة وليس لدينا ضغائن شخصية مع حركة النهضة...الضغائن السياسية، ربما... حكومة مهدي جمعة يصح عليها هذا القول:" اذكروا موتاكم بخير"  و الى هؤلاء اقول: "من شب على شيء شاب عليه" وغيرها...

هذه نبذة مما قاله رئيس حزب " البناء الوطني"  حاليا  والمنشق عن حركة النهضة  سابقا  رياض الشعيبي في حوار مع "بوابة افريقيا الاخبارية" تطرق فيه الى ثنايا البيت الداخلي لحزبه عل  وقع رحى الانتخابات التشريعية والرئاسية. كما تحدث عن تشابكات و تعرجات المشهد السياسي التونسي  الحالي و المقبل بكل تداعياته الامنية و الاجتماعية والاقتصادية في قراءة اعتبرها واقعية  لا متشائمة حسب تعبيره.
وفي ما يلي نص الحوار.

لنبدا بملف رفض قائمات حزبكم ، ما الجديد؟ وهل تم قبول الطعون؟

وقع رفض اربعة قائمات في تونس وقد قمنا بتقديم طعون للمحكمة الادارية وفي النهاية تم اقرار قائمة و رفض الطعون في ثلاثة.

اما بالنسبة لقائمة ايطاليا فرغم موافقة الهيئة الفرعية عليها الا ان حركة النهضة رفعت قضية لاسقاط القائمة بدعوى عدم احترامها للشروط القانونية و المقصود بذلك ان القائمة لا تحتوي على اسمين في القائمة التكميلية. ورغم ان هناك 5 قائمات في ايطاليا تحمل نفس الخصائص الا انه وقع اسقاط قائمتنا من دونها امام المحكمة الادارية.

هل تعمل حركة النهضة على استهدافكم شخصيا وحزبيا على خلفية انسلاخكم منها؟

لا اعتقد ان هناك ضغائن شخصية بيني وبين حركة النهضة. اما بالنسبة للعلاقة بالحزب  فالاصل ان تضبطها الاعراف و القوانين المنظمة للعلاقات بين الاحزاب.

مضت فترة عن اعلان انسلاخكم من النهضة و ما تزال الاسباب الحقيقية غامضة ،فهل من توضيح؟

هي بسبب اختلاف في الرؤى و المواقف السياسية في ما يتعلق بمنهج التعامل مع المنظومة السابقة من قبيل الجلوس الى طاولة الحوار الوطني مع رموز النظام السابق.

ما موقفكم من ترشح رموز نظام بن علي للانتخابات  التشريعية  و الرئاسية؟

لا شك ان بروز بعض الاسماء من النظام السابق كمترشحين  في الانتخابات التشريعية والرئاسية  يثير الكثير من المخاوف حول امكانية تحقيق استقرار سياسي في المستقبل لاننا كقوى وطنية ثورية لن نقبل مطلقا بان نضع رقابنا بين جلادي الامس.  سنعود الى الشوارع و الساحات لنستكمل ثورتنا اذا افضت العملية السياسية تحت تاثير المال الفاسد و الانتهازية الحزبية الى عودة منظومة الفساد و الاستبداد.

الا ترون ان تونس في حاجة الى المصالحة الوطنية مع  رموز المنظومة السابقة عوض اقصاءهم؟

بالفعل الوحدة الوطنية مطلوبة و المصالحة هي الاداة المثلى لتحقيق الوحدة الوطنية لكن ذلك لا يكون على حساب العدالة الانتقالية و محاسبة الفاسدين و المسؤولين عن ضياع امال العديد من الشباب التونسي.  من يضمن لنا نحن الذين سرق منا المستقبل و اغتصبت فرصتنا في العيش الكريم؟ من يضمن لنا ان من سرقوننا بالامس لن يسرقوننا في المستقبل؟.

وماذا عن ترشيحكم  الرئيس المؤقت لولاية رئاسية ثانية رغم ان تجربة المرزوقي في الحكم فاشلة بكل المقاييس  حسب ما يؤكده متابعون؟

انطلقنا من قراءتنا للمرحلة التي تمر بها البلاد حاليا و التي ستكون بعد الانتخابات ووضعنا معايير اعتبرناها ضرورية للمرشح المفترض للحزب وبعد اتصالات من  مجموعة من المرشحين طلبوا فيها دعم الحزب لهم تقرر دعمنا للمرزوقي في الانتخابات الرئاسية المقبلة. نحن نرى ان المرحلة القادمة ستحمل نفس خصائص المرحلة الحالية حيث سيشتد الصراع بين منظومتين: اولى تريد ان ترسخ التجربة الديمقراطية و ثانية تحن الى استعادة امتيازاتها في السلطة ولذلك سنحتاج الى اشخاص اكثر التزاما بمبادئ الثورة و اصرارا على انجاح التجربة الديمقراطية و تمسكا باستقلالية القرار الوطني و يحمل ابعادا اجتماعية في مواقفه الاقتصادية و المرزوقي هو الاقرب لهذه المعايير من بين المترشحين الحاليين.

يرى متابعون ان النهضة قد تفاجا الراي العام بدعم المرزوقي من جديد، فهل سيلتقي قيادي منشق  عن حزبه  على  خلفية اختلاف في الرؤى و المواقف مع حزبه الام  على نفس الارضية مجددا؟

ليست لنا حساسية خاصة تجاه حركة النهضة. نحن نعبر عن مواقفنا المبدئية و نتمنى دائما ان نكون محل اجماع و اتفاق من طرف الجميع و اذا التقينا مع النهضة حول موقف ما فلا يعني ذلك مطلقا اننا نوافقها في كل مواقفها.

ما تعليقكم على تزوير التزكيات الشعبية في الانتخابات الرئاسية؟

من شب على شيئ شاب عليه. و من لم يصلح في شبابه لا يتوقع ان يصلح في شيخوخته.

و كيف تنظرون الى قائمة المقبولين  نهائيا  لخوض  السباق الرئاسي خصوصا و ان شبهات تدليس تدور حول بعض الملفات؟

مؤسف ان تدشن هيئة الانتخابات مسار عملها بقبول ترشحات مشبوهة فبعد عمليات التزوير الواسعة التي طالت اساسا مرشحي المنظومة السابقة لم يعد من الممكن الثقة في هؤلاء و لا منحهم شرف الترشح في اول انتخابات رئاسية حرة في تونس.

المفروض ان  تعتبر هيئة الانتخابات  ان التزوير في التزكيات جريمة مسقطة لحق الشخص في الترشح اذ لا منطق للفصل بين المسار ين الانتخابي و القضائي.

كيف تتوقعون اجواء الاستحقاق الانتخابي المقبل من حيث شفافية العملية و سلميتها؟

اغراق العملية الانتخابية برمتها بالمال السياسي الفاسد خطر يتهدد نزاهتها و شفافيتها، هذا اكيد. اما بالنسبة للتهديدات الارهابية، فلا شك انه منذ شهر اوت وقع اكتشاف عديد السيناريوهات التي تستهدف افشال الانتخابات من خلال عمليات امنية واسعة ضد اشخاص و مراكز انتخابية نتوقع ان تكون وزارة الداخلية كشفت معظمها. لكن ذلك لا يريحنا بالكامل و يتطلب منا مزيدا من الحذر  لتفويت الفرصة على اعداء الديمقراطية في تونس.

و من هم اعداء الديمقراطية في نظركم؟

هناك اطراف داخلية ليست لها مصلحة في نجاح الانتخابات. كما توجد اطراف خارجية تحمل عداء لثورات الربيع العربي و كل هؤلاء يسعون بكل الوسائل الى تعطيل المسار الانتقالي.

هل سيدخل حزب البناء الوطني في تحالفات مقبلة؟

اخترنا دخول الانتخابات التشريعية بقائمات خاصة بالحزب. في المقابل دخلنا الرئاسية بفكرة تشكيل جبهة سياسية واسعة قد تتحول الى ائتلاف رئاسي اذا فاز مرشحنا وهذا الائتلاف معنية به كل الاحزاب التي رشحت المرزوقي او قد تساند ترشحه في المرحلة القادمة.

يصنفكم البعض  ضمن ما يسمى ب" صقور"  حركة النهضة، في المقابل انسلختم عنها على خلفية معارضتكم لمشروعها، كيف يستقيم هذا الامر؟

في الاحزاب السياسية ، التموقع هو الذي يحدد هوية الفاعل السياسي. و نحن في حزب البناء الوطني ضد كل تجاذب اديولوجي مبني على الانغلاق على افكار معينة لكننا لا نتسامح مع مطلب الديمقراطية.

الديمقراطية الحقيقية هي التي نحفر لها عميقا في الواقع. اما ديمقراطية الديكور  و التوافقات فلا اعتقد انها تؤسس لانتقال حقيقي. انا اقبل كل تصنيف يبنى على مواقفنا السياسية غير اننا لسنا معنيين بالتصنيف الايديولوجي.

انتم  من اصيلي منطقة الشمال الغربي  المهمشة و مرشحون عن دائرة  باجة ، فاي برنامج اعددتم للنهوض بجهتكم لاسيماى و انها اصبحت مهددة بالارهاب اضافة الى الفقر؟

لا شك ان منطقة الشمال الغربي من اكثر الجهات التي عانت التهميش طيلة عقود وقد تجلى ذلك في غياب التنمية الحقيقية ونهب ثروات الجهة و نقلها الى مناطق اخرى لتحويلها وبالتالي حرمان الاهالي من الاستفادة من هذه الثروات. كذلك لا ننسى غياب الشمال الغربي عن مراكز صنع القرار . والان  يقع الحديث عن الشمال الغربي كبؤرة للارهاب وهذا  يتنزل في نفس الاطار اي في تهميش الجهة وعدم الاعتراف بحقها في التنمية لان الواقع لم يتغير بعد الثورة  من حيث التنمية والبطالة.

ولذلك ارتكز برنامجنا الانتخابي على التنمية الجهوية باعتبار ان كل المشاكل الاجتماعية و الاقتصادية تتمحور حول التنمية ولاجل ذلك سيكون بياننا الانتخابي مقسما الى جزئين:  جزء اول وطني يتمحور حول الخيارات الكبرى للحزب سياسيا واقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا و جزء ثان مخصص للتنمية الجهوية مع مراعاة الاختلاف في المطالب والانتظارات في كل جهة.

هل نجحت حكومة مهدي جمعة في مهامها بنظركم؟

اذكروا موتاكم بخير.

ماهي قراءتكم للمشهد السياسي المقبل؟

سيستمر وضع اللاستقرار السياسي والامني لسنوات في المستقبل بسبب غياب الشروط الموضوعية  للاستقرار و اهمها وضوح الرؤية المستقبلية و استعادة علوية القانون و تجدد الطبقة السياسبة.