منذ أسبوعين  أعلن في تونس عن مقتل لاعب النجم الساحلي التونسي ولاعب المنتخب الوطني السابق نضال السالمي ( 21 عاما ) في سوريا بعد مشاركته في القتال مع تنظيم داعش الإرهابي، مرّ التونسيون على الخبر بكثير من الإهمال والتجاهل ، فالسالمي ليس الأول ولن يكون الأثير ، والحديث عن مقتل أرهابيين تونسيين في سوريا أو العراق أو في مكان آخر بات أمرا طبيعيا سواء في خطاب السلطات الحاكمة أو الفعاليات السياسية والإجتماعية أو في وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي 

في مارس الماضي تم الإعلان عن سفر السالمي للإنضمام الى مقاتلي داعش  ،وبعد تجنيده في تونس ، إنتقل أولا الى الأراضي التركية ومنها الى شمال سوريا عبر شبكة متخصصة في نقل المقاتلين القادمين من كل مناطق العالم الى ساحة المعارك ، وهناك إلتحق به شقيقه ريّان الذي أبلغ أسرته قبل يومين بمقتل نضال 

عدد مهمّ 

ليست هذه المرة التي يتم الإعلان فيها عن مقتل رياضي تونسي في الأراضي السورية ، فقد سبقه رياضيون أخرون معروفون  من بينهم غيث النقاع ( 21 عاما )لاعب كرة السلة بفريق النادي الإفريقي  والذي عمل كذلك عارضا للأزياء ، قبل أن يلتحق في أوائل العام الجاري بمقاتلي داعش ، ليتم الإعلان عن مقتله في شهر مارس الماضي

 ومن بين الرياضيين التونسيين المقاتلين في داعش ، نضال السبوعي بطل إفريقيا و البحر الابيض المتوسط في رياضة التايكوندو، وناجح الغابري بطل المنتخب الوطني للتايكوندو، وأمير قانة لاعب منتخب الجودو ، و اللاعب المحترف  بفريق النادي الإفريقي لكرة القدم حلمي حمامي

من الملاعب الى القتال 

كما إختار محمد حسن  الكواش( 20 عاما )  لاعب كرة القدم بالنادي الإفريقي ، ثانى أعرق وأكبر فرق العاصمة  ، الإنضمام الى مقاتلي داعش ، وحسب مصادر من داخل أسرته فإن الكواش أنه قرّر الإعتزال بعد إقصائه من تشكيلة الفريق في الدوري الممتاز والإلتحاق بساحة القتال في سوريا والعراق ، وقد إتصل بوالديه من داخل التراب السوري لإعلامهما بأنه وصل الى «حمى الدولة الإسلامية بالعراق والشام » قبل الإعلان عن مقتله 

ولقي حارس مرمى نادي الزيتونة لكرة اليد التونسي أحمد ياسين مصرعه في سوريا ،وقال والده أنه تلقى منه مكالمة قبل مقتله يحدثه فيها عن رغبته في دخول الجنة و الزواج من حور العين ، كما قًتل لاعب  النجم الساحلي سيف حشلاف  في جبهات القتال. 

خزّان بشري

وتعتبر تونس الخزّان البشري الأول لداعش بثلاثة آلاف مقاتل ، ينتمون الى جميع الفئات المجتمعية تقريبا ، ويرى المراقبون أن عمليات التجنيد والتسفير لا تزال مستمرة رغم الإجراءات الأمنية الحازمة التي إتخذتها حكومة الكفاءات المستقلة ، وتساهم الجمعيات الخيرية والإنسانية ذات المرجعية الدينية سواء كانت إخوانية أو سلفية ، والتي تحظى بتمويل خارجي ، في تجنيد الشباب التونسي ونقله الى بؤر القتال في سوريا والعراق عبر ليبيا وتركيا ، 

ومنذ بداية المعارك في سوريا في 2011  عملت شبكات التجنيد على إستقطاب الآلاف من التونسيين وخاصة من أبناء المناطق النائية والأحياء الشعبية الفقيرة ، في ظل دعم حكومتي الترويكا ، وساهم إستجلاب دعاة متشددين الى تونس في إقناع الشباب ب« الجهاد في سوريا » ،كما أعطى ضخ ملايين الدولارات من جهات خارجية دفعا مهما  لعمليات التجنيد والتسفير ، وفي مرحلة لاحقة لوحظ إنشقاق أغلبية المقاتلين التونسيين عن جبهة النصرة والجيش الحر وإنضمامهم الى صفوف داعش 

أسباب ودوافع 

وبحسب  الحقوقي و رئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية احمد المناعي فإن  عملية التأثير على الشباب التونسي تتم عن بعد عبر الفضائيات "التي تبث الفكر التكفيري " و أشار إلى أن استقبال تونس لعدد من "الدعاة التكفيرين " في بداية الثورة التونسية كان له أيضا دور في "تجنيد الشباب التونسي و تحضيره " للقيام بعمليات إرهابية في الخارج

وقال المحلل الرياضي عادل بوهلال « رغم التنديد الذي أبداه المجتمع المدني وعبّرت عنه الأحزاب السياسية وحتى القيادات الحكومية بخصوص تسفير شبابنا إلى سوريا، فإن ذلك لم يغيّر الواقع ولم يحد من الظاهرة ومن عمليات الإستقطاب والترحيل التي طالت أعدادا كبيرة من شباب لم يجد من يحضنه ويرعاه ويقيه «عصابات» الترهيب والعنف والإرهاب التي وجدت ضالتها في أبناء الطبقات الشعبية الفقيرة والمحرومة وأصحاب النفوس الضعيفة لاختراقهم وتجنيدهم مستغلة بذلك متاعبهم النفسية وهشاشة تكوينهم الثقافي والإجتماعي » 

وتعكس ظاهرة سفر رياضيين تونسيين للـ"جهاد" حسب دكتور علم الاجتماع محمد الجويلي "رغبة جامحة من الرياضيين الجهاديين في تحويل البطولات من فردية تخص فريقا معينا إلى انتصارات للأمة الإسلامية وفي حمل وزر الدفاع عن الإسلام ونصرته » مضيفا  أن حالة الإحباط والشعور بالظلم في الرياضة مثلت أرضية خصبة لسفر بعض الرياضيين للجهاد لاعتقادهم أنهم سيحققون انتصارات في ميادين أشمل